تسعى العديد من البنوك السعودية إلى التخلص من محافظها من الديون المتعثرة , أو ما يطلق عليها الديون الممتازة أو حتى شبه الميتة , عبر صفقات الـ (توريق) سواء عن طريق الأفراد أو الشركات من خلال "الصناديق الاستثمارية" , أو عن طريق عرضها في البورصات على شكل أسهم أو سندات (الأوراق المالية) ومن هنا جاء إسم (توريق) ؟! . التوريق في معناه البسيط يعني : الآلية التي يتم من خلالها التنازل عن الديون الآجلة لطرف آخر من أجل الحصول على مقابلها فورا . وتبلغ قيمة الديون المتعثرة في البنوك السعودية ما يزيد عن (36) مليار ريال . طبعا تحت بند توفير السيولة من أجل تمويل العديد من المشاريع التنموية , التوريق يمكن أن يتم عن طريق الأفراد أو المؤسسات أو الدول . وهو في الحقيقة ليس حل للمشكلة بقدر ما هو ترحيل لها (التصدير) إلى مكان آخر , أو أشبه بمن يستبدل الموت السريع بالموت البطيء . يعني تجريب المجرب (الفاشل) . غالبا ما تبقى المشكلة مثل النار تحت الرماد (المسكنات) , ولكن يمكن أن تطل برأسها من جديد وتنفجر في وجه الجميع حتى ولو بعد حين . التوريق كان من الأسباب الرئيسية في الأزمة المالية التي ضربت الدول الغربية عام 2008م . طبعا هناك أسباب أخرى كثيرة للأزمة المالية منها ما هو معلن , مثل الرواتب الخيالية والحوافز الكبيرة التي كان يتقاضاها الموظفين في البنوك , مثل الطائرات الخاصة والسفريات والقصور والحفلات الباذخة .. إلخ , إلى اسعار الفائدة (أم الشرور) كما يطلق عليها البعض , والتي ضاعفت من قيمة القروض (الربا) , وساهمت في تفاقم الأزمة المالية , والذي أدى بدوره إلى الارتفاع الجنوني في الأسعار , وعدم الاستقرار ، وازدياد حدة الفقر والمشردين ، وأدت إلى إفلاس وإغلاق العديد من البنوك العالمية العريقة مثل (ليمان برذر , وادي السيلكون .. إلخ) . على مستوى الدول نجد أن العديد من الدول الفاشلة اقتصاديا مثل الولايات المتحدة الأمريكية , تلجأ إلى الـ (توريق) من خلال طرح السندات الحكومية وأذونات الخزانة من أجل لسد العجز في الميزانية العامة , وتبلغ قيمة السندات المباعة ما يقرب من (6) تريليون دولار ؟! . تبلغ قيمة السندات وأذونات الخزانة التي قامت الصين بشرائها من الولايات المتحدة الأمريكية , ما يزيد عن تريليون دولار , وكذلك اليابان (الإتاوات) . طبعا سداد هذه المبالغ الفلكية سوف يكون قي (المشمش) ممكن أبدا , على الدول الدائنة العوض ومنه العوض (الكاوبوي) !! . لقد ساهم في تفاقم أزمة الـ (توريق) النزعة الاستهلاكية لدى المواطن في الغرب . حيث تجد كل ما يمتلكه بالتقسيط (السيارة , المنزل , السفر , الزواج , تعليم الأولاد ، الأثاث .. إلخ) . وفي النهاية العجز التام عن السداد (الانهيار) . في الأزمة المالية الأخيرة كانت بعض المدن في أمريكا خالية من السكان وتنعق فيها الغربان وتسكنها (الأشباح) , نتيجة عجز المواطنين عن سداد القروض (الرهن العقاري) . جشع البنوك , وعدم دراسة الجدوى الاقتصادية , وفساد (وكالات التصنيف الائتماني) الدولية , وسيطرة أجهزة الاستخبارات العالمية عليها (التسييس) , من أجل إغراق الدول في الديون عفوا التوريق(مصيدة الديون) . وبالتالي وضع اليد على مقدرات هذه الدول أو الأفراد أو المؤسسات . في الأزمة المالية الأخيرة التي ضربت العالم الغربي , تبخرت مدخرات العديد من الدول في البنوك , والأسهم , والسندات (البورصات) الغربية , الخسائر كانت تزيد عن التريليون دولار تم وضع اليد عليها ، وكل توريق وانتم بخير وسلامة فهمكم .