في العمل الصحفي، وخاصة في مجال الخدمات المقدمة للمواطنين، يواجه الصحفيون العديد من التحديات، أبرزها التعامل مع عقلية بعض المسؤولين الذين يرون أن الإعلام يجب أن يكون أداة ترويجية لإنجازاتهم فقط، دون تسليط الضوء على أوجه القصور أو المشكلات التي تعاني منها قطاعاتهم.
هذه الإشكالية تصبح أكثر تعقيدًا في المجتمعات المتماسكة (عن حفرالباطن اتحدث)، حيث يكون التواصل الاجتماعي متينًا، مما يجعل الصحفي في مواجهة مباشرة مع التساؤلات الدائمة: "لماذا لم تبلغونا؟ لماذا لم تنشروا عن إنجازاتنا؟"
*الصحافة ليست أداة تلميع*
ليس من المنطق أن يطلب المسؤول من الإعلام أن ينشر فقط الإيجابيات، فالإعلام ليس منصة للعلاقات العامة، بل هو عين المجتمع التي تراقب وتنقل الحقيقة، فالإنجاز الحقيقي لا يحتاج إلى دعاية أو ترويج، بل يثبت نفسه من خلال أثره المباشر على حياة المواطنين.
عندما يواجه الصحفي ردودًا مثل "لماذا لا تنشرون إنجازاتنا؟"
فإن التساؤل الحقيقي يجب أن يكون: هل الإنجازات بحاجة إلى ترويج، أم أن نتائجها تتحدث عن نفسها؟
إن تنفيذ المشاريع الخدمية وتحسين جودة الخدمات ليس منّة أو فضلًا من المسؤول، بل هو جزء أساسي من وظيفته.
يذكرنا هذا بمقولة شائعة: "الوزير ليس شمساً شارقة"، وهي تبرير ساذج للتنصل من المسؤولية، فالوزير أو أي مسؤول، لا يجب أن يكون شمسًا، بل يجب أن يكون قائدًا يوجه فريقه لإنجاز المهام المنوطة بهم بفعالية وكفاءة، وإن لم يكن على دراية كاملة بما يحدث في نطاق عمله، فكيف له أن يقود التغيير ويحقق التحسينات؟
*التطور يستوجب الوعي والانفتاح*
في ظل التحولات الكبرى التي تشهدها المملكة العربية السعودية، أصبح من الضروري أن يدرك المسؤولون أن الإعلام لم يعد مجرد وسيلة للترويج، بل هو عنصر فاعل في الرقابة والمحاسبة وتحفيز الأداء، وقد أكد ذلك معالي وزير الإعلام، حين أشار إلى أن سمو ولي العهد لا يريد المدح بل يرفضه، لأن المرحلة الحالية تتطلب العمل الجاد والإنجاز الحقيقي، وليس البحث عن الثناء والمجاملات.
إنجاز العمل بإخلاص وأمانة هو واجب، وليس إنجازًا خارقًا يستحق الاحتفاء الإعلامي، بل هو التزام وظيفي وأخلاقي تجاه الوطن والمواطن، هذه العقلية يجب أن تتطور لتواكب رؤية السعودية العظمى التي يخطط لها سمو ولي العهد، وينفذها رجال لا يسعون وراء التصفيق، بل يطمحون لصناعة مستقبل مستدام للأجيال القادمة.
على المسؤولين أن يدركوا أن الإعلام شريك في التطوير، وليس خصمًا، وتسليط الضوء على المشكلات لا يعني تجاهل الإنجازات، بل هو تحفيز على التحسين المستمر.
المواطن يستحق إعلامًا يعكس الواقع بشفافية، ومسؤولين يعملون بجد دون انتظار الشكر، لأن الإنجاز الحقيقي لا يحتاج إلى منابر ترويجية، بل ينعكس في حياة الناس ويحدث الفرق المطلوب.
بقلم :سلمان المشلحي
التعليقات 1
1 pings
محمد ال ماضي
22/03/2025 في 8:54 م[3] رابط التعليق
شكرًا للأستاذ سلمان مشلحي على طرحه الواعي والمهم لهذا التحدي الذي يُعد من أبرز العقبات التي تعترض العمل الصحفي الجاد والمسؤول. بالفعل، حين يُنظر إلى الإعلام على أنه مجرد أداة ترويجية، تُغيب رسالته الحقيقية في خدمة المجتمع، ونقل هموم المواطنين، وتسليط الضوء على مكامن الخلل لتصحيحها لا للتشهير أو الهدم.
تحية تقدير لك يا أبا مشعل على وعيك وصدقك، ومواقفك الداعمة للطرح المهني الهادف