ليلة القدر، تلك الليلة المباركة التي هي خير من ألف شهر، ليست مجرد ليلة نقضيها في الصلاة والدعاء فقط، بل هي فرصة عظيمة لإصلاح أنفسنا، والتقرب إلى الله بكل وسيلة ممكنة. كثيرون يبحثون عنها في المساجد وبين الركعات، لكن الحقيقة أنها تُبحث عنها أيضًا في أعمالنا، وعلاقاتنا، وقلوبنا. فمن أراد أن يدرك فضلها، فعليه أن يبدأ بتصحيح مساره في أمور كثيرة، وأهمها:
١- بر الوالدين
ليلة القدر تُدرك برضا الوالدين، فلا تغضبهما، ولا ترفع صوتك عليهما، واطلب منهما الدعاء، فقد يكون دعاؤهما لك في هذه الليلة سببًا لفتح أبواب الخير أمامك. اجلس معهما، اسأل عن حاجتهما، وأظهر لهما الحب والتقدير، فالله لا يقبل عمل من كان عاقًا بوالديه.
٢- صلة الرحم
الكثير منا يهمل صلة رحمه، فينشغل بالدنيا ويترك أقاربه دون سؤال أو تواصل. في ليلة القدر، اجعلها فرصة لإعادة هذه الروابط، واتصل بأهلك، زر من استطعت زيارته، وكن سببًا في لمّ الشمل. فإن صلة الرحم سبب في البركة وطول العمر، وهي من أسباب القبول عند الله.
٣- رد المظالم والتسامح
كم من شخص ظلمناه بقول أو فعل؟ كم من حق أخذناه بغير وجه حق؟ في ليلة القدر، ابحث عن أولئك الذين أسأت إليهم، واطلب منهم العفو، فإن الله لا يغفر لعبد ظلم غيره حتى يرد المظلمة أو يطلب السماح. لا تدع ليلة القدر تمر وأنت تحمل أوزار الناس على ظهرك، بل تخلص منها بالتوبة والاعتذار.
٤- التصدق ومساعدة المحتاجين
ليلة القدر ليست فقط صلاة ودعاء، بل أيضًا عطاء. ابحث عن المحتاجين وساعدهم، تصدّق ولو بالقليل، فإن الصدقة في هذه الليلة قد تكون سببًا في محو ذنوبك. لا تنسَ أن هناك من يحتاج لابتسامتك، لكلمتك الطيبة، لمساندتك ولو بالقليل، فلا تحرم نفسك من هذا الأجر العظيم.
٥- قراءة القرآن وتدبره
ما أجمل أن تمتلئ ليلة القدر بذكر الله وتلاوة القرآن! اجعلها ليلة مختلفة، اقرأ القرآن بتدبر، حاول أن تفهم معانيه، واستشعر كلماته في قلبك. فالله أنزل كتابه في هذه الليلة العظيمة، فكيف لا يكون القرآن جزءًا أساسيًا من عبادتنا فيها؟
٦- الإكثار من الدعاء والاستغفار
ليلة القدر هي ليلة الاستجابة، فلا تبخل على نفسك بالدعاء. ادعُ لنفسك، لوالديك، لأولادك، وللمسلمين جميعًا. لا تنسَ أن تستغفر كثيرًا، فإن الاستغفار باب من أبواب الرحمة والمغفرة، وقد يكون سببًا في تغيير حياتك للأفضل.
٧- إصلاح العلاقات والابتعاد عن القطيعة
إن كنت قد قاطعت أحدًا أو كنت في خلاف مع شخص ما، فابحث عن ليلة القدر في إعادة السلام بينكما. لا تجعل الشيطان يزرع الكره في قلبك، وكن أنت المبادر في طلب الصفح. فإن الله يحب المتسامحين، ومن عفا عن الناس عفا الله عنه.
٨- العمل الصالح في كل أشكاله
أعمال الخير كثيرة، فابحث عن ليلة القدر في كل عمل صالح تستطيع القيام به، سواء بمساعدة الآخرين، أو بالكلمة الطيبة، أو حتى بنية صادقة تسأل بها الله القبول.
خاتمة
ليلة القدر ليست مجرد ليلة عابرة، بل هي فرصة لمن أراد أن يبدأ من جديد، لمن أراد أن يتوب، لمن أراد أن يصلح حياته. فليحرص كل منا على اغتنامها بالأعمال الصالحة، والتقرب إلى الله بصدق وإخلاص، لعل الله يكتب لنا فيها القبول والمغفرة.
اللهم اجعلنا من عتقائك في ليلة القدر، واغفر لنا ما تقدم من ذنوبنا وما تأخر، وارزقنا فيها القبول والتوفيق.