السير الذاتية والمذكرات الشخصية هي نوع من الفن الأدبي الغربي بامتياز , وبرعت فيه فرنسا بشكل خاص ! وفي هذا النوع من الفن الأدبي تجد العرب قد تأخروا فيه قليلا , وان كان موجودا في بطون وأمهات الكتب وبشكل متفرق وعفوي (جدا) ,اعتقد ان ذلك يعود إلى أسباب دينية بحتة تتمثل في الخشية من الوقوع في دائرة ( الريآء) وبالتالي أن تحبط (الأعمال) . في الوقت الحاضر أصبح ما يعرف بـ (صناعة) المذكرات والسير تسيطر على حركة التأليف والنشر , بل وتحتل صدارة قوائم الكتب الأكثر مبيعا في العالم سواء في الغرب أو الشرق ! ، في المقابل تجد الكتب العلمية الجادة قد تحولت إلى بضاعة (مزجاة) لا احد يلتفت اليها ! . السيرة الذاتية تروي قصة حياة كاتبها وإنجازاته وخبراته وتجاربه (بطولاته الشخصية) , وتفوح منها رائحة النرجسية الــ (أنا) وكثيرا ما تقود أصحابها إلى قاعات المحاكم بتهمة السب والقذف (تشويه السمعة) من قبل اشخاص ورد ذكرهم في السير بصورة غير لائقة ! , بينما المذكرات الشخصية تذكر الأحداث ومن ثم تحليلها والتي قد يكون كاتبها قد لعب فيها دورا سواء كان عايشها أو كشاهد عيان عليها أو سمع عنها على وزن قال او أخبرني فلان عن مجاهيل (بئس مطية الرجل زعموا) ؟! ، الآن أصبحت السير والمذكرات المرئية بالصوت والصورة أكثر موثوقية (شاهد على العصر) ! . كثيرا ما تتسبب المذكرات الشخصية بأزمات دبلوماسية مع بعض الدول لأنها غالبا ما تطال شخصيات سياسية (رموز) , أو تلقي الضوء على أحداث تاريخية بطريقة مختلفة . في الماضي كان الدافع لهذا النوع من الفن الأدبي هو ( ابراء الذمة , الدفاع عن النفس , وكشف الحقائق (مذكرات السلطان عبد الحميد) . في الوقت الحاضر تجد الدافع (القاسم المشترك) الذي يجمع بين الطرفين (كتاب السير والمذكرات) هو السعي إلى جني الأموال وتسليط الأضواء عليهم (الشهرة) وبالتالي محاولة الدخول إلى التاريخ حتى لو كان ذلك من أوسخ أبوابه ! , في الماضي كان هذا النوع من الفن الأدبي (حصرا) على الزعماء والقادة العظماء , أما اليوم فقد اصبح الباب مفتوحا على مصراعية وللجميع وبدون استثناء , بدءا من الزعماء والقادة إلى نجوم الوسط الفني وأبطال الرياضة ورجال المال والأعمال والفكر والثقافة وايضا الخادمات وحتى الراقصات والساقطات !! ، يشجع على ذلك الصحف (الصفراء) وقنوات النميمة والرذيلة (الزبالة) كما يتم وصفها في الغرب . طبعا هذا النوع من الفن لا يمكن القبول به كـ (حقائق تاريخية) فهو دون ذلك بكثير , ناهيك عن كون الجميع فيها غالبا ما يتحدثون على (لسان الموتى) حيث لا يستطيعون الرد أو الدفاع عن أنفسهم . ولكن يمكن الاستئناس بها من خلال عمل مقارنة مع الروايات (الرسمية) ، ومن خلال ما يسمى (تقاطع المعلومات) ، وبالتالي نستطيع أن نصل إلى الرواية الأقرب إلى الحقيقة . وللمعلومية فإن هناك العديد من اجهزة الاستخبارات العالمية تقوم برصد هذا النوع من الفنون , من أجل الوصول إلى تحليل علمي للشخصيات المستهدفة . وبالتالي يساعد ذلك على فهم هذه الشخصيات وسلوكياتها وكيفية التعامل معها أو حتى ابتزازها , عميد الأدب العربي طه حسين كما يحلو للبعض أن يطلق عليه ، كان غالبا ما يكرر في كتاباته كلمات محددة على وزن ( رأيت ، وأرى ، وقرأت) ، ولا ننسى كتابه "مع ابي العلاء في سجنه" (عقدة العمى) . السير والمذكرات في الوقت الحاضر غالبا ما يقوم أصحابها بنشرها قبل ان تنحسر عنهم الأضواء , من أجل جني الأموال (الدولار) ومن أجل تأمين مستقبلهم . وفي النهاية تجد الضحية هو القاري الذي يباع له الوهم وتستنزف جيوبه بشراء هذا النوع من (الغثاء) . تجد البعض منهم يستعين بكبار الكتاب من أجل كتابة (سيرة وانفتحت) , ومن أجل ذلك تجد الكتاب أحيانا يشاركونهم في مأكلهم ومشربهم وفي حلهم وترحالهم حتى يتمكنوا من كتابة سيرهم من (وحي الواقع) وليس من (وحي القلم) . غالبا ما يطغى على هذ النوع من الفن الأدبي , عنصر الإثارة والخيال, والكذب والفضائح الجنسية والعائلية , وتضخيم الذات النرجسية (أنا) , من أجل الوصول إلى قلب القارئء وعقله عفوا (جيبه) . حقا الجنون فنون ؟! . قال تعالى ( ستكتب شهادتهم ويسألون) . البعض منهم يقول : أنه قد بدأ حياته ببضعة دولارات فقط بينما على أرض الواقع تجد ملبسه ومأكله ومشربه (حرام) . وأخر يقول أنه لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب ! بينما كان منذ نعومة إظفاره كان غارقا في النعيم ؟! . وهناك من يتحدث في سيرته السيئة السمعة . وكيف أنه بدأ من الصفر , حتى وصل إلى القمة عفوا تحت (الصفر) . قال تعالى : (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا , الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) . لو تتبعنا أحوال كتاب السير والمذكرات في ميزان (علم الجرح والتعديل) , سوف ينطبق على غالبيتهم المقولة الشهيرة (لا يؤخذ العلم عنهم) وسلامة فهمكم .
- “السديس”: مبادرة “توعية قاصدينا شرف لمنسوبينا” الأضخم لإثراء تجربة المعتمرين
- إسرائيل تغتال رئيس المخابرات العسكرية في حماس جنوب غزة
- رئيس وزراء باكستان يؤدي مناسك العمرة
- الاتحاد يواصل تدريباته أثناء فترة التوقف استعدادًا لمواجهتَيْ الشباب والأهلي
- فاكهة يحبها الجميع.. دراسة تكشف المفتاح السري لصحة القلب والذاكرة
- متطوعو الهلال الأحمر ينشرون الخير في رمضان بتوزيع وجبات الإفطار في شوارع وميادين الجوف
- طريف تسجل أدنى درجة حرارة بالمملكة
- “العمليات الأمنية” بوزارة الداخلية تدعو المعتمرين لتجنُّب اصطحاب الأطفال للمسجد الحرام
- بـ (64) ملم.. مكة المكرمة الأعلى في هطول الأمطار بالمملكة
- “فيفا” يستبعد ليون المكسيكي من كأس العالم للأندية
- وزيرا المالية والاقتصاد يطلعان على التحف الأثرية والفنية المعاصرة في بينالي الفنون الإسلامية
- مؤشر السعادة.. الإمارات الأولى عربيا وترتيب متأخر لهذه الدول
- المنتخب الوطني يصل اليابان استعدادا لمواجهة منتخب الساموراي
- الجيش الإسرائيلي يفجر مستشفى لعلاج السرطان وسط غزة
- لصيام مريح.. “الصحي السعودي” يوصي بتجنب الأطعمة الدسمة والسكريات
المقالات > #أضواءـالوطن, #فوزي ـالأحمدي, #مقالات > السير الذاتية والمذكرات الشخصية بين الحقيقة والخيال
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3636034/
التعليقات 1
1 pings
رشيد البلوي
19/03/2025 في 3:20 م[3] رابط التعليق
طرح راقي من كاتب متمكن وفقك الله