منظومة الحياة لا تخلوا أبداً من الأَلم، بكل نوازعه السلبية والإيجابية، ليختبر الله جلّ جلاله من منظورها، كافة عباده، وليقيس، أيضاً إيمانهم، ويُوقظهم من غفوتهم، عوضاً عن تطهير، قلوبهم مما علق فيها، من الذنوب والمعاصي، والآثام، ليكافئهم، يوم البعث والحساب على صبرهم وتحملهم، بجناته النَعِيمٌ المُّقِيمٌ، والألم، بحسب ما ورد في قواميس العلوم النفسية، عبارة عن شعور غير سار أو أذى يُصيب الإنسان، وله مترادفات كالوجع والأنين، والأسى، والقرح، والنكد، والمعاناة، ولقد تردد ذكره في القرآن الكريم (75) مرة، ومنها قوله تعالى(إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُون) وهو دائماً ما يقترن بالحزن والبكاء، وله أنواع (1)ألم، حاد، ومدته قصيرة، ويصعب، تحديد موضعه أحياناً، وعلاجه مُمكن، كألم الأسنان، والحلق (2) ألم، مُزمن ومدته تطول، وينتج عنه عادةً مضاعفات، جسدية ونفسية، وعلاجه صعب، كألم الظهر والاكتئاب(3) ألم يتولد من ناتج جرح مشاعر، كرمي شخص، بكلام، مُستحقر، لخلاف وقع بينهما، وهو لا يستحقه، وهذا النوع من الألم، سيظل باقياً في العقل الباطني، حتى لو تأسف صاحبه، غير أن بعض الناس يتجاهلونه من باب ديمومة العلاقة، وغيرها كثير من مُسببات الألم كالجروح والكسور، وفقدان أعزاء أو خسارة مالية أو شعور بذنب، أو بخزي وعار، ولحظات ولادة النساء، وأثناء الحوادث المرورية، والكوارث الطبيعية، فضلاً عن الظلم، والحرمان، كمنع أمهات مُطلقات من رؤية أبنائهن، أو القيام باستبدال شاب، تم قبوله بوظيفة، بآخر تحت طائلة الوساطة، ووقتما يبكي طفل لساعات طويلة، ولا يُعرف سبب شكواه، للقيام بعلاجه، ورجلٌ أسرته أمواج البحر، ولم يتمكن أصحابه من إنقاذه، ففارق الحياة، ومرضى مُنومين بمستشفيات، استعصى علاجهم، وشاب عاش في كنف عمه، بعد وفاة والده, وعندما كبر ، زوجه أبنته وتكفل بدفع كل ما يحتاجه لزواجه، بل وأسكنه في أحد شقق منزله، مؤثثة بالكامل، وبعد أشهر قلائل اشتكت هذه البنت من قسوة معاملته ومن ذلك الضرب المُبرح، فطلبت منه الطلاق، ليفاجأ عمهُ بطلبه دفع مبلغ سبعون ألف ريال حتى يُطلق أبنته، ومُصليات مُقامة داخل مولات في أسوأ أمكنة كالقبو مثلاً، لاستكثار، أصحابها على الله المتفضل عليهم بهذه النعم، من وضع تلكمُ المُصليات في أمكنة تليق بقدسية الصلاة، أما على المحك الفلسطيني، فكم هو مؤلم جداً، ما يواجه إخواننا في غزة الأبية من اضطهاد وتهجير وتجويع ونومهم في العراء، بعدما دُمرت منازلهم، دونما ذنب اقترفوه سوى دفاعهم عن أنفسهم ووطنهم، للعيش فيه بأمن وسلام واستقرار، نسأل الله لهم النصر، على أعدائهم اليهود الغاصبين عاجلاً، لا آجلاً، مُوضحين في ذات الوقت إلى أن الله الرحيم بعموم عباده، قد أوجد فيهم جهازاً، عصبياً، يقوم بإفراز مادة، الأندورفينات، للتخفيف من آلامهم، أو إيقافها، وفي الحديث (ما أنزل الله داءً إلا وأنزل له دواءً، علمَهُ من علمه وجهلَه من جهِله) وعلى كل من يشكوا ألماً عليه أن يضع يده اليمنى على مكان الألم، ويقول: بسْمِ اللَّهِ، ثَلاَث مرات، ثم أَعُوذُ بِاللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِر سَبْعَ مَرَّاتٍ، بالإضافة لقراءة المعوذات وآية الكرسي، وعن يقين تام، باستجابة الله لدعائه، بالإضافة للتقليل من حدة التوتر والقلق، والحرص على النوم المبكر، وتناول الأطعمة الصحية، وشرب الماء بكميات كافية، وممارسة الرياضة والتأمل والايحاء، والأخذ بالعلاج السلوكي المعرفي بواسطة أخصائيين لتغيير الأفكار، المرتبطة بالآلام، فيما أوضح مُختصون نفسانيون، بأن الأشخاص دائمو الحركة، أكثر تحملاً، للألم من غيرهم المُترفون، وأن ساكني القرى والأرياف تحملهم للألم يفوق، ساكني المدن، وأن الذين يعيشون داخل غُرف مُنعزلة، يفتقرون للتركيز الذهني، عدا أصابتهم بالهلوسة والشعور بالدونية، وبخاصة ذو الإحساس المرهف، وأن الآباء والأمهات غالباً ما يُخفون آلامهم أمام أبنائهم حفاظاً على مشاعرهم، ولتبقى انطباعاتهم المعهودة فيهم، متناسقة مع ما يقومون به من أدوار تربوية حيالهم، فالناس إذاً، ليسوا على سواء في درجة تحملهم للألم، لاختلاف أمزجتهم، وطبيعتهم، والظروف المحيطة بهم، عدا كون الألم يُعد أحد المباعث التي تسهم في الاكتشافات العلمية في كثير من الأحيان، وإلى اثارة القريحة لدى بعض الشعراء للتعبير عما يجيش في صدرهم، تجاه موقف مُعين، حصل لهم، أو شاهدوه أو سمعوا عنه، من جهة أخرى فإن الألم كلما اشتد بالمرء عظم أجره ومثوبته عند الله تبارك وتعالى، وفي الحديث(وحتى الشوكة يُشاكها، فله أجر) أما أقوى علاج لكافة الألآم، فيتمثل في الإيمان بالله، والإنابة إليه، والتضرع والإلحاح ، بالدعاء، والتوكل عليه، فلقد سُؤل أحد السلف الصالحين حينما أصيب بألم في قدميه، ما الذي جعلك لا تتألم ولم تتأوه، وإنما كنت تبتسم، فأجاب: إن حلاوة ثواب الألم عند الله، أنستني مرارته، أما نبي الله أيوب عليه السلام، والذي عانا من مرضٍ شديد، ولفترة طويلة، فقد امتدحه الله بقوله(إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِّعْمَ العَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) فيما قال الإمام علي رضي الله عنه: إذا جرحك كلام الناس، فلا تُؤلم نفسك بكثرة التفكير، وإنما تمتع بالحياة، فلطالما، هم مثلك، فليس لديهم سوى ألسنتهم فقط، أما المفكر الغربي إيلي فيزيل فقد قال: أكثر ما يُؤلم الضحية ليست قسوة الجلاد، وإنما صمت المتفرجين، داعين الجميع حين زيارتهم لأي مريض القيام بتطيب خاطره بكلمات مُحفزة مثل، وجهك اليوم مُشرق، بدلاً من القول، وجهك اليوم مُصفر، والذي لاشك في أنه يُساهم في تثبيط معنوياته، أليس كذلك!!!
-----------------
- “السديس”: مبادرة “توعية قاصدينا شرف لمنسوبينا” الأضخم لإثراء تجربة المعتمرين
- إسرائيل تغتال رئيس المخابرات العسكرية في حماس جنوب غزة
- رئيس وزراء باكستان يؤدي مناسك العمرة
- الاتحاد يواصل تدريباته أثناء فترة التوقف استعدادًا لمواجهتَيْ الشباب والأهلي
- فاكهة يحبها الجميع.. دراسة تكشف المفتاح السري لصحة القلب والذاكرة
- متطوعو الهلال الأحمر ينشرون الخير في رمضان بتوزيع وجبات الإفطار في شوارع وميادين الجوف
- طريف تسجل أدنى درجة حرارة بالمملكة
- “العمليات الأمنية” بوزارة الداخلية تدعو المعتمرين لتجنُّب اصطحاب الأطفال للمسجد الحرام
- بـ (64) ملم.. مكة المكرمة الأعلى في هطول الأمطار بالمملكة
- “فيفا” يستبعد ليون المكسيكي من كأس العالم للأندية
- وزيرا المالية والاقتصاد يطلعان على التحف الأثرية والفنية المعاصرة في بينالي الفنون الإسلامية
- مؤشر السعادة.. الإمارات الأولى عربيا وترتيب متأخر لهذه الدول
- المنتخب الوطني يصل اليابان استعدادا لمواجهة منتخب الساموراي
- الجيش الإسرائيلي يفجر مستشفى لعلاج السرطان وسط غزة
- لصيام مريح.. “الصحي السعودي” يوصي بتجنب الأطعمة الدسمة والسكريات
بقلم ـ عبد الفتاح أحمد الريس

حلاوة ثواب الألم أنسته مرارته
17/03/2025 2:06 ص
بقلم ـ عبد الفتاح أحمد الريس
0
82841
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3635732/