نود نقتبس مقتطفاً من السيرة النبوية لصفوة الخلق ، وإمام أولي العزم ، وسيد المتقين صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر رمضان المبارك طرفاً من سيرته وحياته . أتمنه من في السماء على الرسالة ، وابلاغ رسالته للثقلين .
أورد العالمان جهابذة السنة منهجاً وطريقة كلاً من العالمين الجليلين أبن هشام موثق السيرة النبوية ، وأبن كثير مفسر الآيات بشطريها المكية والمدنية موثقها رواية وتواتراً - النزول والزمان والمكان والحوادث والاسباب والوقائع نهارية أو ليلية . حضر أو سفر - رحمهما الله طرفاً من سيرة صفوة الخلق . ننقل عنهما بتصرف على نحو مايلي:
قبل بعثته عليه الصلاة والتسليم . حبب له - صلى الله عليه وسلم- الابتعاد عن المجتمع الوثني الشرك وأهله ما وسعه المسعى ، والابتعاد عن بعض مظاهر قومه الوثنية ، وأثر الخلوة بنفسه ، وحبها على ماسواها ومحببة له ، واعتزل بعض مظاهر قومه لاسيما الوثنية ، وكان في منأى عنها ، وحُبب للنبي صلى الله عليه وسلم في هذه الفترة الإختلاء ، صار يخلو في بيته ، ويذهب يطوف بالكعبة منفرداً ، ويكثر من الطواف ، ويخلو بالحرم ، ويجلس في حِجر إسماعيل كثيراً متأملا ، وينظر للكعبة كثيراً . متنقلاً جلوسه بين المقام والحجر الأكرم ، وبين الركن اليماني والحجر ، وبين الملتزم وبئر زمزم .
حُبب أيضاً له أن يخرج ويخلو خارج مكة يمشي في مناكبها متفكرا ومتأملاً حيناً في مناكب الأرض وشعابها ، ومناصب جبالها وسمبوستها ، واشجارها ، وشضوف الأرض وكثبانها .
هداه الله عز وجل إلى غار حراء .
هذا الغار يقع شرق شمال مكة المكرمة على طريق جعرانه - ميقات أهل البلد الحرام مكة المكرمة- وهذا الطريق من اكناف وادي حنين بل أدناه ممايلي مكة المكرمة بخلاف أعلاه مما يلي جعرانة . حراء جبل من جبال مكة المكرمة ، ومعلم من معالمها . زاد من ذكره بتحنث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به قبل البعثة ، واشتهر بعد البعثة بذكر غير خامل . يعرف قبل البعثة بجبل حراء ، وبعد البعثة بجبل القرآن أو جبل النور ، ويقابله في الجهة الجنوبية جبل ثبير .
الغار بالناحية الجنوبية الغربية من الجبل . موقع الغار أحد أكنان الجبل ، وأعلاها علواً وارتفاعاً بخلاف مسمى الجبل . مسمى الغار حراء ، وغلب المسمى على الجبل ويقابله من الجنوب جبل ثبير بينهما وادي الأبطح ، وادي عريض المنكبين أفيح ، وحراء جبل شامخ أرفع من ثبير . اسمه جبل النور محلياً ، وعند أهل السنة والجماعة جبل القرآن ، والأن ارتقت المباني السكنية متعرقشة سفوحه وبطش المتنفذين بالمخططات السكنية الأهلية جوانب واديه ، وضيقت مجرى الوادي ومناسمه . يبعد عن مكة المكرمة مسافة خمسة أكيال ، جبل مرتفع الهامة ، والصعود إليه مرهق وشاق ، ومتعب ،
عندما تنظر للجبل قبل أن تصعد عليه ترى القمة فيه شاهقة ، تصعد من أسفل الجبل للأعلى حتى تصل للغار يأخذ معك الصعود تقريبا ساعة ونصف الساعة ، من فوق يجب أن تمشي بطريق ضيق متعرج وخطر حتى تصل للغار .
الغار عبارة عن تجويف بين الصخر ، وسقفه صخر راكب بعضه على بعض ، يتسع مدخله لشخص واقف متوسط البنية والقامة . لا تخين البنية ، ولا نحيل ، ويتسع لأربع أشخاص جالسين .
كان من عادته صلى الله عليه وسلم يعتزل في غار حراء في شهر رمضان ، ولا حدس رمضان الشهر معروف عند قريش والعرب بهذا الإسم .
كان صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر يعتزل الناس في غار حراء ، وكان يتعبد فيه على ملة إبراهيم عليه السلام الحنيفية يتوجه إلى الله خالق هذا الكون ويدعوه ويطلب أن يهديه إلى ملة إبراهيم عليه السلام الحنيفية .
كان يأخذ طعامه ، وشرابه وحسيته ، و يتجه للغار ، ويبقى فيه عدة أيام ، ثم يعود لبيته زوجته وبناته ، ومأواه كل منهما في شوق للأخر،
أكثر وقته يجلس ويتفكر في خلق السماوات والأرض ، والكون مسفهاً بعض المظاهر الوثنية ،
منظر الجبال من الغار يساعد على التفكر ، وكذلك الوادي وشعابه ، ومغزلاته والتلاع .
والحقيقة أن التفكر من العبادات التى يغفل عنها كثيراً من الخلق جهلها من جهل ، ولا يمارسها إلا القليل جداً من وفقه الله .
كانت السيدة خديجة تحفة نساء قريش ، وغادة نساء العالم تأتي إليه ، وتبقى معه - صلى الله عليه وسلم - عنده يومين .
كانت السيدة خديجة تشعر أن هناك شأن عظيم لزوجها ، فقد عاشت معه ، وتعرفه أكثر من جميع الناس .
ورقة بن نوفل أبن عمها كل فترة يسألها عن زوجها محمد ، ويستطلع عن أحواله من حين لأخر ، كيف ينام ؟ كيف يذهب ؟ كيف يأتي ؟ كيف أحواله؟ هل من جديد يا خديجة ؟؟
فلما أراد الله كرامته صلى الله عليه وسلم بإعلان نبوءته ، فجعل الله له التمهيد قبل النبوة والرسالة بستة أشهر وأكثر ، هذا التمهيد سيقابل كائن آخر بخلاف الكائنات والمخاليق الأخرى ليس من جنس
الأرض بل من العالم العلوي ، وهو ملك من الملائكة جبريل أمين وحي السماء عليه السلام .
أصبح صلى الله عليه وسلم لا يرى رؤيا إلا جاءت كفلق الصبح واضحة تماماً ، فتتحقق الرؤيا كما رآها تماماً ، فشعر صلى الله عليه وسلم أن هناك تأييد من الله .
عندما يخرج من مكة ، ويقطع البيوت ، و يبقى وحيداً ، يسمع الحجارة والشجر تسلم عليه وتقول :السلام عليك يا رسول الله ، فيقف ويلتفت حوله فلا يجد أحد .
روى مسلم بسنده الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : *إني لأعرف حجرًا بمكة كان يسلم عليا قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن.*رواه مسلم .
كل هذا كان مقدمة لنزول الرسالة الإلهية ، حتى لا تنزل عليه بغتة وفجأة . صار صلى الله عليه وسلم يشعر من نفسه أن له شأن وأنه يراد به أمراً ما .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «جاءني جبريل، بنمط من ديباج فيه كتاب، فقال: إقرأ ، قال: قلت: ما أنا بقارئ ؟ قال : فغطني حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال: إقرأ، قلت: ما أنا بقارئ ؟، قال : فغطني حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال: إقرأ، قلت: ماذا أقرأ؟، قال: فغطني حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني، فقال: إقرأ ، فقلت: ماذا أقرأ؟
فقال: [ اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم.] سورة العلق .
قال: فقرأتها؛ ثم انتهى فانصرف عني فكأنما كتبت في قلبي كتابا.
ثم رجع - صلى الله عليه وسلم- إلى بيته يقول: دثروني ، زملوني زملوني ( أي أريد غطاء ) ، فأسرعت خديجة وأحضرت الغطاء ، ووضعته عليه ،
وهو يرتعش صلى الله عليه وسلم .
فلما ذهبت عنه ( القشعريرة ) .
وخديجة تنظر إليه لا تعلم ما الأمر
ثم سألته مالخبر ؟
قال: يا خديجة أخشى الجن والشياطين ، وأخشى أنه يلبّس عليا أو إني أتخيل كما يصنع بالكهنة .
فأخبرها - صلى الله عليه وسلم - ما حدث بالتفصيل . فقالت: لا يخذلك الله .
انظروا إلى هذه الكلمة من أمّ المؤمنين ، وموقف السيدة خديجة ما أعظمه من موقف ؟ وما أعظمها من إمرأة ؟ رضي الله عنها وأرضاها من الواقعة الأنفة ،
انظروا لكلامها المريح ، فعلاً نِعم . نعم الزوجة غادة نساء قريش ، وتحفة نساء العالم ، وكما قال صلى الله عليه وسلم كمل من الرجال الكثير ، ومن النساء أربع منهن خديجة بنت خويلد ، والوحيدة من نساء العالم أقراها المولى السلام من خلال جبريل وبشرها ببيت بالجنة من قصب .
قالت : *فوالله لا يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق .*
كلمات قالتها أمنا خديجة تريح القلب ، وتبعث الطمأنينة بعد شدة رؤية جبريل " أنت لست بالوجه الذي يرده الله ، لن يخزيك الله ، وأنت تحمل الخير للناس لأن هذه الصفات الحميدة مستحيل تجتمع سفاهة الجن والشياطين فيها ، وأنت صاحب هذه الصفات فالله يحفظك من الجن والشيطان " .
ثم قالت : يا ابن العم إن ورقة بن نوفل قد تنصر وقد حدثني عن أمور أهل الكتاب الكثير الكثير ، فهل تأذن أن نذهب إليه فنسأله عن اسم جبريل .هل رأيتم ما أجملها من إمرأة عاقلة رضي الله عنها وأرضاها .
رزينة الرأي ، وحصيفة بالموقف ، فخرج النبي ، وخرجت معه خديجة ، وذهبا إلى ورقة .
كان ورقة شيخ كبير قد طعن بالسن وضرير فقد بصره ، فلما دخلا عليه ،
قالت له خديجة : اسمع من محمد .
فقال ورقة : هاتِ يا محمد ، وتكلم يا خير قومه صدق وأمانة ، فحدثه صلى الله عليه وسلم كل التفاصيل كيف نزل جبريل ، وكيف قال له أنا جبريل ، وأنت رسول الله ، فلما سمع ورقة قول النبي - صلى الله عليه وسلم- وكان رجل كبير بالسن وجلال قدره وسنه وعمره ، كره عبادة الأصنام وتوجه إلى عبادة الله عن طريق أهل الكتاب ، ودائماً يبحث عن شيء يدله على الله ، ومعرفة الله ، ومؤمن أن هناك نبي آخر الزمان المنتظر حسب ما سمعه من أهل الكتاب .
لما سمع كلام الرسول وقول جبريل له ، أنا جبريل ، وأنت رسول الله ، قام واقفاً على قدميه إجلالاً للرسول ورفع يديه إلى السماء ، وصاح .... قدوووس .. قدوووس .. قدوووس
هذا الناموس الأعظم كان يأتي موسى وعيسى عليهما السلام .
تقول خديجة : ثم أخذ يتلمس رأس النبي لأنه ضرير ، فلما أحاط به وأمسك برأسه أخذ يقبّل رأسه .
وقال : أشهد أنك رسول الله النبي المنتظر ، فشعر آلرسول بالطمأنينة والراحة والسكينة .
ثم تنهد ورقة وقال : ليتني فيها جذعاً ( يا ليتني أكون حيا ) حين يخرجك قومك .
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مستغرب :
*أو مخرجي هم ؟ !!!*
قال : ورقة نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وحورب وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً .
ثم أعلن ورقة رضي الله عنه وأرضاه إيمانه بالنبي وآمنت خديجة على الفور أن لا إله إلا الله وأنك يا محمد رسول الله فأسلمت خديجة وأسلم ورقة مع أن النبي لم يكلف بعد بدعوتهما إلى الإيمان .
ثم رجع النبي إلى داره ، ومالبث غير أيام حتى مات ورقة ما عاش كثير
توفي ورقة وكان عمره قد أزف المائة عام .
مقتبسه من السيرة النبوية لابن هشام ، والسيرة النبوية للحافظ ابن كثير يرحمهما الله .بتصرف النص دون إخلال بالمعنى .
دام عزك ياوطن ، ودام عز سلمانه سلمان الحزم خادم الحرمين الشريفين مجفف منابع مثلث الشر الإرهاب والإرجاف والفساد ، ويحفظ الله ولي عهده الأمين محمد العزم والقيادة الرشيدة .
- مستشارة تربوية: التعليم عن بُعد خيار مناسب خلال شهر رمضان
- «النمر» يحذر من الاعتماد على الذكاء الاصطناعي كمصدر للمعلومات الطبية
- «الصحة»: حصول المعتمر على اللقاحات يحميه من الأمراض المعدية
- «الحصيني»: استمرار الحالة الممطرة حتى صباح الأحد
- أخصائي يوضح طرق التعامل مع الجفاف في شهر رمضان
- “المنافذ الجمركية” تسجل أكثر من 1200 حالة ضبط خلال أسبوع
- غازي الفقيه: رمضان في الماضي كان روحانيًا واجتماعيًا.. واليوم استبدلناه بالعزلة الرقمية!
- بلدية محافظة الأسياح تخصص مواقف لتسهيل تنقل كبار السن
- ” رمضان في أعين الشعراء” أمسية ثقافية يحييها (الفقيه والشدوي والمرحبي ) مساء الاثنين القادم
- «الدفاع المدني» تُحذر من حالة مناخية في 3 مناطق
- خلال أسبوع ..ضبط (23865) مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود في مناطق المملكة
- “أبشر” تتيح تجديد رخصة القيادة إلكترونيًا بسهولة
- طقس السبت.. “الأرصاد”: أمطارٌ رعديّة متوسطة إلى غزيرة تطول 9 مناطق بينها الرياض
- مليشيا الحوثي تغلق مصليات النساء في إب لمنع صلاة التراويح وتعتقل خطيب وأمام جامع فى ذمار
- ناسا تكشف نتائج “غير متوقعة” بشأن مستوى سطح البحر في العالم
بقلم ـ خالد بن حسن الرويس

الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم
15/03/2025 2:38 ص
بقلم ـ خالد بن حسن الرويس
0
12121
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3635486/