يطل علينا يوم التأسيس هذا العام 1446هـ، مستحضرًا في ذاكرة السعوديين صفحةً مجيدةً من تاريخهم العريق، حيث تتجدد في 22 فبراير من كل عام مشاعر الفخر والاعتزاز بذكرى نشأة الدولة السعودية الأولى عام 1727م على يد الإمام محمد بن سعود، الذي وضع اللبنة الأولى لهذا الكيان الشامخ، مؤسسًا بذلك عهدًا جديدًا من الاستقرار السياسي والاجتماعي في قلب الجزيرة العربية.
لم يكن تأسيس الدولة مجرد حدث عابر، بل كان نقطة تحول فارقة، إذ شكّل الإمام محمد بن سعود رؤية استراتيجية واضحة، تقوم على مبادئ العدالة والاستقرار والوحدة، في وقت كانت المنطقة تعاني فيه من التشتت والصراعات القبلية. انطلقت الدولة السعودية الأولى من الدرعية، فأصبحت مركزًا للحكم والتجارة والعلم، وسرعان ما ترسخت دعائمها، مستندة إلى القيم الإسلامية، وحكمٍ رشيدٍ يسعى لنهضة المجتمع.
يمثل هذا اليوم فرصة لاستحضار جهود الأجداد الذين واجهوا التحديات لبناء دولةٍ قائمةٍ على الثبات والاستدامة، وهي الجهود التي استمرت عبر العصور، وصولًا إلى يومنا الحاضر. فبفضل القيادة الحكيمة والتلاحم الوطني، تطورت الدولة السعودية عبر مراحلها الثلاث، حتى توحدت على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – عام 1932م، تحت اسم المملكة العربية السعودية، لتواصل مسيرتها بثبات نحو التقدم والازدهار.
إن يوم التأسيس ليس مجرد ذكرى تاريخية، بل هو هوية راسخة في تاريخ هذا الوطن، تؤكد ارتباط السعوديين بماضيهم ، و تغرس في الأجيال القادمة قيم الولاء والانتماء. و هو أيضًا رسالة بأن النجاح يتطلب الصبر، والازدهار يستند إلى أسسٍ قويةٍ، تمامًا كما بدأ الإمام محمد بن سعود بناء دولته برؤية واضحة، وإرادة لا تلين.
وفي هذا اليوم، تعم الاحتفالات جميع أنحاء المملكة، حيث يتوشح الجميع رموز يوم التأسيس، مستذكرين المسيرة العظيمة التي أوصلت البلاد إلى مكانتها المرموقة عالميًا. إنها لحظة اعتزاز لكل سعودي، تجسد معنى الوطنية، وترسخ روح التضحية والإنجاز. وأخيرًا، نحمد الله أن بلادنا، في هذا العهد الزاهر، عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – تنعم بالأمن والاستقرار، وتشهد قفزات نوعية في مختلف المجالات، مما يعزز مكانتها بين الأمم، ويؤكد أن التأسيس لم يكن مجرد لحظة تاريخية، بل انطلاقة لمسيرة مستمرة من البناء و التطوير والازدهار. يوم التأسيس.. هويةٌ راسخة، ومجدٌ لا يُمحى.