الجميع يعلم بأن الشوارع والطرق والأرصفة ، لا تكاد تخلوا من الحاويات للنظافة العامة، وهي في كل حي وزاوية ومن الطبيعي أنها تحتضن الكثير من العلب الفارغة، والتي أصبحت تجارة خفية للكثير من عمال البلدية، حيث يهتمون في استخراج تلك الفوارغ من تلك الحاويات، فكم رأيت بأم عيني من العمالة ، بما فيهم السائقين والمشرفين من الوافدين معهم وحرصهم الشديد على تجميع تلك الخرداوات والعلب الفارغة، على حساب ما تحتويه تلك الحاويات من القمامة، حيث تترك في داخلها دون أي اهتمام مما يسبب انتشار الحشرات والآفات والروائح.
في الحقيقة أنني كنت أجهل هذا النوع من التجارة الخفية، والتي هي في الأساس لا تُحتسب من ضمن الإطار النظامي للتجارة الرسمية، فبذلك لاتنطبق عليها تلك القوانين التجارية المتعارف عليها، وهي تجارة مضمونة الأرباح وبدون تكاليف إضافية مما أوجد شراكة خفية بين المستفيد، في النهاية وعُمال البلدية وبذلك فهي تُمثل خطورة على البيئة، بسبب ترك النفايات داخل الحاويات، وماينتج عنها من تفاعل كيميائي مؤثر على البيئة.
وهناك منافسة شديدة لبيع الفوارغ من الألمنيوم وبقايا قطع الحديد ومخلفات المباني وأسلاك الكهرباء وغيرها، مما خف وزنه وعلا ثمنه، وذلك عبر سيارات النفايات وناقلات العمال، ليتم في النهاية بيعها للوسطاء الخفيين، ثم يتم إرسالها فيما بعد الى مصانع التدوير، إلى درجة أن هناك من لاتردعه تلك الإجراءات الرسمية والتحذيرات الورقية، إن حصلت بسبب تلك التجارة التي تهون عندها كل تلك التحديات، في سبيل المبالغ المالية التي لايستهان بها، إلى درجة أنها سميت لدى البعض بأن هذه العلب الفارغة والمخلفات من حديد وغيره هي ( ذهب المساكين ) حيث أنها في الواقع لها قيمة سوقية اقتصادية عالية ودخل مستدام لهؤولاء العمالة، وأصحاب مصانع التدوير، مما جعل عمال البلدية ينكبون بحثاً عنها في المكبات والحاويات والشوارع، وفي كل مكان تاركين عملهم الأساسي.
ويبرز هنا وجود علاقه قوية بين تجار الخرداوات وعمال البلدية؛ حيث أن العمالة يلعبون دوراً رئيسياً، حيث أنهم المباشرين في جمع القمامة وتفريغ الحاويات، فيستطيعون بذلك جمع تلك العلب الفارغة وأخواتها، حيث أن الحاويات تحتوي على أعداد مهولة من تلك الفوارغ، مما يجعلها مغرية لهؤلاء العُمال كمصدر إضافي لهم.
إنني أقترح هنا على الأمانات والبلديات معالجة هذه الآفة بالعمل على اعتماد تنظيم جديد، يُخصص لجمع وفرز تلك العلب والفوارغ من الألمنيوم والحديد
كقسم يعمل عليه عدد من الشباب السعوديين، كمشرفين مباشرين للاستفادة من هذه التجارة لصالح البلديات؛ لتكون أكثر تنظيماً ومحافظةً على النظافة العامة أو تسليمها كمشروع إضافي لتلك المؤسسات المهتمة بمصانع التدوير، بمقابل مادي لخزينة الأمانات، إنني أعتقد أن هذا الموضوع بحاجة إلى لفتة نظر واهتمام كمشروع وطني اقتصادي زاهر.
بقلم : عائض الشعلاني.