يحتاج الأفراد ، والمجتمعات إلى سلوك يقودها في هذه الحياة المليئة بالفتن ، والمنغّصات ، والعقبات الكؤودة ، ويكون عوناً لهم في متابعة السير للوصول إلى أهدافهم .
فطبيعتهم تحثّهم على البحث عن قدوة لكي يمضوا على خطاه ، ويعيشوا في استقرار ، وطمأنينة ، وأمن ، وأمان .
ففي الجاهلية قبل رسالة النبي صلى الله عليه وسلم كان هناك تخبّط ، وفساد ، وحروب ، وجاهلية عمياء ، وظلمة عجيبة ، وخوف ، وشرور كثيرة إلى أن أرسل الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ليكون قدوة صالحة في حركاته ، وسكناته وأقواله ، وأفعاله ، فكان مُؤيّداً بالوحي قال تعالى : { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 3، 4]
فقام بالإصلاح ، وأنار الطريق ، وبدأ بنشر التوحيد ، وتعليمه للناس ، ومكث ثلاث عشرة عاماً لا يدعو إلّا للتوحيد ، ونبذ الشرك .
فبالتوحيد يستتب الأمن ، وتنتشر الطمأنينة ، وتنقشع غيمة الخوف ، والظلم ، وجميع الشرور .قال تعالى : { الذين آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مهتدون } الأنعام
أي لم يخلطوا إيمانهم بشرك . لذا روي عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : ( لَمَّا نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]، شَقَّ ذلكَ علَى أصْحابِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقالوا: أيُّنا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ؟! فقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ليسَ كما تَظُنُّونَ؛ إنَّما هو كما قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ: {يَا بُنَيَّ لَاتُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] صحيح البخاري
فلو نظرنا لدول العالم حاولت بكل ما أوتيت من قوة لنشر الأمن في مجتمعاتها ، وبين أفرادها فلم تستطع ، فحاولت نشره تارةً بالمال ، وتارةً بالإغراءات ، وتارةً بالعقوبات ، وجربت طرق كثيرة ، ولكنها جميعا باءت بالفشل . يا ليت شعري هم في وادي ، والتوحيد في وادي ، فها هي دولتنا الحبيبة قامت على التوحيد ، ونبذت الشرك ، فانتشر الأمن ، والأمان ، وعاشوا النّاس بسلام ، فهذا واقع نلمسه ، ونعيشه ، ولا يُنكر ذلك إلّا مكابر ، أو صاحب هوى ، فيترك الرجل أهله ، وأبناءه ، ويسافر بالأيام ، أو الشهور ، وكأنّه معهم ، ويسافر مئات الكيلومترات في ظلمة الليل مروراً بالصحاري ، والبراري لوحده فكأنّه في وسط المدينة.
إنّها نعمة التوحيد التي يغفل عنها الكثير من النّاس ، فالحمد لله أولاً وآخراً ، وجزى الله ولاة أمرنا حفظهم الله خير الجزاء على جهودهم في محاربة الشرك الذي هو نقيض التوحيد ، فلا تجد قبوراً تُعْبَد من دون الله وتجد التوحيد يُدرّس في المساجد والمدارس لأنهم عرفوا قيمته .
فلا يخفى عليكم أن الله يغفر الذنوب جميعاً ماعدا الشرك قال تعالى : {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } [النساء:48]
فلا أمن إلّا بالتوحيد . قال تعالى :{ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }
قال الشيخ العثيمين رحمه الله :( وفيه أيضاً دليلاً على أن الإيمان والعمل الصالح هو عبادة الله . يقول تعالى : {يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا }.
وعليه فيكون تحقيق التوحيد من أسباب هذا الوعد الذي وعد الله).
إذاً الحل الوحيد للسير على طريق الأمن ، والأمان ، والطمأنينة للفرد والمجتمع هو تحقيق التوحيد.
أسأل الله أن يوفقنا لتحقيق التوحيد إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.
والسلام أجمل ختام.
بقلم : عبدالله بن حامد بن سعيد الشهراني.
التعليقات 1
1 pings
غير معروف
11/02/2025 في 12:36 ص[3] رابط التعليق
أحسنت الطرح ..