في ظل النزاع المستمر في اليمن، تبدو أي محاولة لفرض تسوية سياسية تمنح مليشيا الحوثي الإرهابية شرعية أو دورًا في القرار السياسي استهتارًا بحقوق غالبية أبناء اليمن شمالًا، وشرفاء الوطن الذين ضحّوا بمستقبلهم من أجل حريتهم وكرامتهم. أما جنوبًا، فإن مثل هذه الخيارات لن تجد أي قبول مهما كانت الظروف، لأن الجنوبيين قدموا تضحيات جسيمة لاجتثاث المليشيات من أراضيهم، ولأنهم ناضلوا لاستئصال فكرة العبودية والجهل التي حاولت مليشيا الحوثي زرعها.
إن قبول تسوية سياسية تُشرعن وجود المليشيا الإرهابية يعني التسليم بسلسلة من الجرائم والانتهاكات التي لا يمكن تجاوزها:
1. دماء أكثر من نصف مليون قتيل قُتلوا بسبب انقلاب المليشيات وجرائمها بحق الشعب.
2. معاناة قرابة مليون ونصف جريح، بين مدنيين وعسكريين، جراء هذا النزاع.
3. حق خمسة ملايين مهجّر قسرًا في العودة إلى منازلهم التي سلبتها المليشيات.
4. نهب أكثر من 30 مليار دولار من خزينة البنك المركزي وأموال المواطنين، منها 6 مليارات من الاحتياطي العام.
5. تهديد حياة المواطنين بزرع أكثر من خمسة ملايين لغم أرضي قتلت وشوّهت الآلاف.
6. سرقة أسلحة الدولة بجميع أنواعها وتحويلها إلى أدوات للقمع والابتزاز.
7. تفجير آلاف المنازل وتشريد سكانها دون أي مبرر سوى الإرهاب.
8. اعتقال وتعذيب 50 ألف مختطف ومخفي قسرًا في سجون المليشيا.
9. انتهاك حقوق المختطفات والمخفيات اللاتي تعاني أصعب الظروف في أقبية السجون.
10. تعطيل مؤسسات الدولة ونهب ممتلكاتها لصالح أجندة طائفية.
11. نشر الفكر الطائفي الهدّام الذي يُهدد الأجيال الحالية والمستقبلية.
12. تحويل 30 مليون يمني إلى عبيد لنظام طائفي قمعي، بدلاً من كرامتهم وحقوقهم.
نحو حل شامل يعيد اليمن إلى وضعه الطبيعي
لا يمكن تحقيق سلام حقيقي ومستدام في اليمن دون حلول جذرية تعالج جذور الأزمة. وأولى هذه الخطوات تكمن في إعادة اليمن إلى وضعه الطبيعي من خلال تبني خيار الدولتين، والعودة إلى ما قبل عام 1990. إن حل قضية شعب الجنوب وحقه في استعادة دولته المستقلة هو الضمانة الأساسية لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
اليمن شمالًا وجنوبًا لن يعرف السلام إلا إذا تم بناء الحلول على أسس واضحة ومُنصفة. على الشمال التخلص من الهيمنة الحوثية واستعادة سيادة الدولة، وعلى الجنوب نيل حقه المشروع في تقرير مصيره. هذه المعادلة هي الطريق الوحيد لإرساء العدالة وضمان حقوق الجميع، بعيدًا عن شرعنة قوى إرهابية تُهدد حاضر ومستقبل البلاد.
مسؤولية المجتمع الدولي
على المجتمع الدولي أن يدرك أن فرض أي تسوية سياسية منحازة لمليشيا الحوثي، ولو بغطاء السلام، ليس إلا قنبلة موقوتة. فالتضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب اليمني شمالًا وجنوبًا لا يمكن القفز عليها أو تجاهلها. استقرار المنطقة، بل والعالم، يعتمد على احترام إرادة الشعب في الجنوب والشمال وحقهم في التحرر من كل أشكال الهيمنة والعبودية.
إن فرض خيارات لا تتناسب مع تطلعات الشعب في اليمن هو تخلٍّ عن القيم الإنسانية والعدالة، وتحويل للصراع إلى دوامة لا تنتهي. لذلك، فإن الحل يبدأ من احترام إرادة الشعبين ، وضمان حقوقه، واستعادة كرامتة.