من الطبيعي أن تكون الحياة متغيرة متجددة ومن الطبيعي أن يكون الشعر متجدداً ومتغيراً بتغير الحياة.لذلك يظهر في الحياة الأدبية مجددون ومقلدون ومجموعة كبيرة من النظّامين!
وكلما كان الشاعر ابن بيئته فنياً وإبداعياً ومفهوماً يكون - غالباً - أسير الوضع المألوف ويُختزل دوره في تدويرالمفهوم السائد من الكلام المحكي والمفهوم المتجذر في إطار فني بدون إضافة بذرة أو هزة غصن، ويمضي دون أن يكون له حق السيادة الفنية على هذا السائد حينها قد لايصلح الشاعر أن يكون ابن بيئةٍ شعريةٍ أخرى فينتهي مع تلك البئية الاجتماعية التي تماهي فيها وفكر بصوتها.
والنبوغ هو ذلك الطريق الإبداعي الذي سار فيه مبدعون كُثر ولكنهم اختطوا فيه مساراتهم الخاصة والمميزة ،فتركوا الأثر الواضح والصورة الخالدة .
أما العبقرية فهي صناعة طريق جديد، بين الأشواك والهضاب والأحراش والأودية، هي زلزال يحدث هزة ذهنيةوأرضية تجعل الجميع يلتفتون ويقومون ويقفون ويؤيدون ويعارضون ويقف بعضهم موقف المتفرج المذهول ! ثم يأتي بعد ذلك من يسير في هذا الطريق لتكون العبقرية أم النبوغ لأن العبقرية لاتؤطر ولا تسمح للآخرين بتأطيرها، العبقرية هي الثورة الوحيدة التي لاتأكل أبناءها! بل تعتني بهم أشد العناية وتقسو عليهم أشد القسوةفتدلهم إلى الطريق ثم يحملون اسمها بعد أن ينتزعوا منها سر روحها الخالد ليقال فلان " العبقري"!
ولم يقتل العبقرية ويقتل النبوغ إلا خُرافة فضاءات " الإنتماءات الفنية" من مدرسة كذا إلى مدرسة كذا ....! رغم أن أغلب العباقرة لم يكونوا عباقرة إلا بعد أن تركوا إطار المدرسة وسورها ووصايتها! لذلك أقول أخي الشاعر :- اصنع مساحتك وفضاءك لاترهن قدرتك وحضورك بمن هم أقدم منك في التجربة ولا تجعلهم أداة قياس لتجربتك،أكتسب من كل أفق شفق ومن كل قوس قزح لون ثم شكل أفقك وعالمك والوان طيفك التي تعكس تجربتك وذاتك ، وتذكر أن الموهبة هي من الأشياء القلائل التي لاتخضع لنظام الأقدمية!
إذاً غادر الفصل فوراً.... المدى الفسيح بإنتطارك!
نواف بن جارالله