هكذا قال الفيلسوف ادوارد دي بونو ( لولا قطرات الإبداع، لجفت أرض التقدم ) وذلك لما لهذا الإبداع من دور كبير وفاعل في تعزيز الثقة بالنفس، وحل المشكلات، ومواجهة الأزمات، وخلق جوٍ من التنافس الإيجابي بين الناس وتحسين أداء العاملين في منظومات عملهم وزيادة إنتاجهم، وجميعها تنعكس إيجابياً على تطور وتقدم المجتمعات في كافة مجالات الحياة، وبالتالي لا جرم حينما حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوماً عالمياً للاحتفال به في 21أبريل من كل عام، لإذكاء الوعي، وتحقيق التنمية المستدامة، والتأكيد على دور الصناعات الإبداعية في خطط النمو الاقتصادي، فيما عبر ألبرت اينشتاين عنه بقوله ( بأن الإبداع هو أن ترى ما لا يراه الآخرون) وفي الموسوعة البريطانية، القدرة على إيجاد الحلول الجادة لمشكلة بذاتها، وهو مشتق من الفعل أبدع، أو أتى شخص بشيء غير مسبوق، بغض النظر عن كونه مُتقد الذكاء أو مُتعلماً، فقد يكون كذلك من ناتج ما يشعر به من توتر وألم وحرمان، فضلا عن استطاعته أن يجعل من الشيء المُعقد سهلاً، والإبداع بخلاف الابتداع الذي نهي عنه الإسلام بقول النبي صلى الله عليه وسلم: وكل بدعة ضلالة وكل ظلالة في النار، وفي كتاب الله العزيز ما يبعث على الإبداع والابتكار وينميه من خلال إعمال العقل بالتفكير والتأمل والتدبر، كما في قوله تعالى( قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ) بالإضافة لتجليات عظيمة للواحد الأحد الذي أحسن كل شيء خلقه وسمى نفسه ضمن أسمائه الحسنى ( بديع السموات والأرض ) وللإبداع مراحل يمر بها وهي: الالهام، فالاستعداد الذهني، فتخمر الفكرة، فالتثبت فالتطبيق العملي، وله أنواع: فنية كالرسم والنحت والتصوير، وتصميم الشعارات وكتابة الإعلانات، وتعبيرية كالخطابة والتمثيل، وانتاجية كصناعة الأفلام، وخلاقة، تُسهم في حل المشكلات المستعصية، وهو يختلف عن الابتكار، فبينما هو يعني الايتاء بأفكار غير مسبوقة من ناتج خيال ويصعب قياسه، فإن الابتكار يعني تنفيذ افكار من ناتج أعمال قام بها المبتكر بطريقة جديد، ويسهل قياسه، وبينما يهتم الإبداع بالجانب النظري، فإن الإبتكار يهتم بالجانب التطبيقي، أما بالنسبة للموهبة فلا تكاد هناك فوارق تُذكر بينهما، فحيثما تظهر الموهبة من ناتج قدرة طبيعية ودون عناء، فإن الإبداع كطاقة كامنة يظهر وقتما تتاح له الفرص، وله عناصر أساسية ممثلة في: الطلاقة وهي على أنواع، طلاقة فكرية كالقدرة على الفهم والتخيل والتصور، وطلاقة ترابطية تتم من خلال ترابط الأفكار المتماثلة والمتناقضة، وطلاقة تعبيرية وتتلخص في بناء العبارات، علاوة على المرونة في التفكير والتنوع والقدرة على إجراء التغيرات المستحبة، فالأصالة والتي تعني الانفراد بأفكار جديدة، تليها القدرة على تحليل المعلومات التي تم جمعها وفهمها وإعادة تنظيمها بما ينسجم مع الواقع العملي، أما أبرز معوقات الإبداع فهي (أ) الافتقار للمحصلة العلمية والمعرفية والنضج العقلي والحماس علاوة على عدم الثقة بالنفس وتحمل المسؤولية والصبر والاعتماد على الجاهزية (ب) عدم وضوح الرؤيا وتحديد الأهداف والتغلب على الروتين(ج) توقع الفشل وغياب التشجيع وفقدان الأمن والاستقرار (د) استخدام الأسلوب التسلطي في تربية الأبناء وعدم منحهم الحرية الكافية للتفكير والتعبير عما بداخلهم من مشاعر (هـ) اتباع النمط التقليدي في التدريس القائم على الحفظ والترديد والاسترجاع (د) التقيد بالعادات والتقاليد المتوارثة والالتزام الحرفي في تطبيق الأنظمة والقوانين، تجدر الإشارة إلى أن كلمة مُبدع باتت تُطلق حتى على المُهرجين الذين يُؤدون أدوار مُضحكة على حلبات المسارح، وعلى أولئك الذين يُلقون قصائد مُهلهلة وخالية من المفردات البلاغية والفصاحة والوزن والقافية لأجل المجاملة فقط، أما الذين يقومون بنسخ تصاميم مُتميزة في الشبكة العنكوبوتية دون استئذان أصحابها، لتقديمها لجهات تمنح جوائز ثمينة، أو لرؤسائهم، لكسب رضاهم وتكريمهم، فهؤلاء نحسبهم من أفضل المُبدعين في السرقة. يُذكرنا هذا بموقف مشرف تربوي قام بحرمان مدير مدرسة من درجة الإبداع والابتكار التي يستحقها ضمن عناصر تقويمه آخر العام الدراسي بالرغم من أنه كان مُخلصاً ونشيطاً ومتميزاً في عمله بينما منح مماثليه هذه الدرجة لمجرد أن أحدهم ألف كتاباً وليس له أي علاقة بالعمل وآخر قام بزخرفة سجلات مدرسته في محل يُعنى بذلك، وثالث أولمه ذات ليلة، قال أحد الشعراء ( تسير في موكب الإشراق موهبتي* وفكرتي أُشعلت من نور إبداعي*ما عُدت أندب حظي سُرت به مُبتهجاً*أسعى لتحقيق أحلامي وأطماعي) ولإدراك حكومتنا الرشيدة أعزها الله ومنذ وقت مُبكر بمدى أهمية الإبداع والابتكار في تطور وتقدم مجتمعنا ووطننا في كافة نواحي، الحياة، فقد قامت بإنشاء مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع عام 1420هـ ومراكز أخرى مُساندة في بعض الجامعات بالاضافة للتعاون مع المعاهد والمدارس للكشف على الموهوبين والمبدعين واستقطابهم ورعايتهم وتنمية أفكارهم، وتأهيلهم أكاديمياً للالتحاق بأرقى الجامعات المحلية والعالمية، وذلك من خلال اقامة برامج ومسابقات متنوعة ومنحهم جوائز مُغرية وإعدادهم للمشاركة في الالمبيادات الدولية، في ظل ما تملكه بلادنا حرسها الله من طاقات بشرية مُلهمة، وقيادة مُحفزة وإرادة قوية والتي من نتائجها أن حصلت على المركز الأول عربياً والثاني عالمياً في نشر ثقافة الإبداع والابتكار وريادة الأعمال، وحصولها أيضاً على 159جائزة في الاولمبياد الوطني للإبداع عام 2022م، ومُشاركتها بأعداد كبيرة من المتميزين في مجال التسويق الإبداعي بالمهرجان السعودي للإبداع عام 2023م وأكثر من 180مشارك وفائز في معرض الإبداع في علوم الهندسة والرياضيات والأحياء والكيمياء والتقنيات والطاقة والبرمجة والأجهزة الذكية والطب الحيوي، وفوز ما يزيد على140طالب وطالبة في الالمبياد الوطني للإبداع في عام 2024م وحصول مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)على جوائز متميزة عام 2018م ضمن مائة مركز على المستوى العالمي، مُشيدين في الختام بما حققه مُبدعون ومبتكرون مُسلمون وغيرهم لخدمة البشرية، كأبو نصر محمد الفارابي في الطب والفيزياء والفلسفة، وأبو بكر محمد الرازي في الطب والكيمياء والرياضيات ، والخليل بن أحمد الفراهيدي في اللغة والأدب وعلم العروض، وتوماس أديسون في اختراع المصباح الكهربائي.
بقلم الباحث والكاتب الصحفي / عبد الفتاح أحمد الريس
- “نهار” يضيء منزل أبو “رأسين”
- برنامج الامتثال البلدي يطلق حملة فاهم وسالم
- «الموارد البشرية» تُضيف الاستقدام من دولة تنزانيا بسقف أعلى قدره 5700 ريال
- التخصصات الصحية تعلن عن بدء التقديم على 3 برامج تدريبية
- هيئة البث الإسرائيلية: مقتل يحيى السنوار
- إنقاذ 5 مواطنين علقت واسطتهم البحرية بمحافظة جدة
- الرياض تُتوَّج بلقب عاصمة البيئة العربية
- بلدية محافظة عيون الجواء تطرح فرص استثمارية في مجال الأنشطة التجارية
- إنفاذًا لتوجيهات القيادة .. وزارة الداخلية تعلن تمديد فترة تخفيض سداد غرامات المخالفات المرورية المتراكمة على مرتكبيها
- جمعية مساند تنظم ملتقى “نحو بيئة عمل معززة للصحة النفسية” في حفرالباطن
- «البنك المركزي السعودي» يصدر قواعد ممارسة نشاط التمويل الجماعي بالدين المحدثة
- “حساب المواطن”: عدم أهلية “التابع” لا تؤثر على “المستفيد الرئيسي” بالبرنامج
- الخبراء تطلق المرحلة الرابعة عشر من حملة أرض القصيم خضراء
- مكتب ضمان حائل يُنظم ملتقى التوظيف لمستفيداته مع شركة الرياض العالمية للأغذية
- على قمم المرتفعات وتعمل بالطاقة الشمسية.. “استمطار” يستخدم تقنية جديدة في عملياته التشغيلية
المقالات > #المقالات, أضواء الوطن, مقالات عبدالفتاح بن أحمد الريس > لولا قطرات الإبداع.. لجفت أرض التقدم
عبد الفتاح أحمد الريس
لولا قطرات الإبداع.. لجفت أرض التقدم
17/10/2024 11:53 ص
عبد الفتاح أحمد الريس
0
60226
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3619466/