قبل أن نسبر غور هذا الموضوع من كافة نواحيه، يحسن بنا القول أولاً إلى أن العقود بمختلف أنواعها تٌعد من الجوانب الحياتية المهمة التي حرص عليها الإسلام، والوفاء بها امتثالاً لقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) والعقود تعني في الشرع الإسلامي والقانوني ما يتم الاتفاق عليه طواعية بين طرفين أو أكثر من منافع حياتية أو أنشطة متنوعة، والالتزام بتنفيذه، وهي إما إن تكون شفهية أو مكتوبة والتوقيع عليها من قبل المعنيون والشهود المعتبرون، امتثالاً لقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ) إلى قوله ( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ ) حتى نهاية هذه الآية 282 من سورة البقرة، ولأن هذه العقود باتت تُشكل أداة ضابطة لحفظ وصون حقوق جميع الناس على تراب هذا الوطن العزيز، فقد قامت وزارة الإسكان بإنشاء منصة إيجار الالكترونية عام 2018م لأجل تحقيق هذا الهدف النبيل في اطار من التنظيم والتطوير العقاري المحكم والفعال بخلاف ما كان عليه في سنوات قديمة، تحقيقاً لرؤية المملكة 2030م والتي من مميزاتها أنها آمنة وتتيح فرص التواصل المباشر بين المؤجر والمستأجر، وتساهم أيضاً في حل ما قد يقع بينهما من خلاف بالإضافة لتوفير الجهد والوقت والتكلفة المالية، ودفع المستحقات المالية بصورة منتظمة دونما تعقيد أو إجراءات روتينية مملة، وإمكانية تجديدها أو رفضها إذا لم يتقيد المستأجر بشروطها المعتمدة، كعدم دفعه الإيجار الشهري أو التخريب أو التأجير لشخص آخر، أو ازعاج الجيران، وكذلك المؤجر في حالة عدم قيامه بأعمال الصيانة المطلوبة وغير ذلك من الظروف المفاجئة أو القاهرة، فالمنصة بهذا الدور، نحسبها ريادية، غير أن ما يلجأ إليه بعض المستأجرين من استخدام أساليب المراوغة والنصب والاحتيال وتنقلهم من شقة لأخرى، وغير آبهين بحقوق مؤجريهم الذين بذلوا جهوداً مُضنية، وضحوا بأوقاتهم الثمينة لما يزيد على ثلاثة سنوات أو أكثر، بالإضافة لقيامهم بدفع أموال طائلة ربما تفوق المليوني ريال في الأبنية المتوسطة الحجم والتي غالباً ما تكون مديونات من أقارب أو أصحاب أو اقتراض من بنوك، متأملين بُعيد ذلك كله حصولهم على إيجارات تعينهم على تسديد ما عليهم من ديون عاجلاً أم آجلاً، بات هذا الأمر المؤسف يحتاج لإجراءات أكثر صرامة لاسيما تجاه أولئك الذين أوقفت خدماتهم لعدة مرات من قبل المحكمة التنفيذية بوزارة العدل، ولم يعد منعهم من السفر للخارج، أو الاقتطاع من رواتبهم الشهرية بنسب مُحددة أو غيرها من الإجراءات الأخرى تهمهم كثيراً، طالما يجدون من يساعدهم كآبائهم أو زوجاتهم أو أبنائهم أو الاستئجار بأسمائهم، وهو ما يترتب عليه بالكاد اشغال المحاكم الشرعية بكثرة الشكاوي ضدهم، وتردد المؤجرين عليها من حين لآخر، عدا الخسارات المالية التي يفقدها كثير من المؤجرين سواءً من الإيجارات المستحقة أو من ناتج مراجعاتهم المستمرة لمكاتب الخدمات الكترونية لاسيما الذين لا يجيدون استخدام التقنية الحديثة، ناهيكم عن تكاليف السفر والتنقلات إذا ما كانت عقاراتهم تقع في مناطق بعيدة، وما يتطلبه من جهد ووقت قد يصل لأسابيع أو لعدة شهور، لذلك نقترح ولقطع دابر هذا السلوك غير الخلاق، بأن تُضاف فقرة في العقد المبرم بين الطرفين تتضمن احاطة المستأجر بإدراج أسمه في قائمة الممنوع من تأجيرهم مُستقبلاً إذا ما تكرر منه هذا السلوك، وتمكين المكاتب العقارية المعتمدة من الاطلاع عليها عبر هذه المنصة، فلعل هذه الخطوة تُثير فيهم نزعة الاهتمام والالتزام بدفع مُستحقات مؤجريهم دونما تأخر أو مماطلة أو أمتناع نهائي، قد يقول قائل: وأين يذهب هؤلاء الأشخاص إذا لم يجدون من يؤجرهم؟ نقول له، وما ذنب المؤجرين بالنظر لما ذكرناه سابقاً !! ولو كانوا مكانهم هل يقبلون ذلك ؟ بالطبع لا، علماً بأن هناك مؤجرين نعرفهم يُمهلون المستأجرين وقتاً كافياً، لتسديد ما عليهم من مستحقات تقديراً لظروفهم، وآخرون يُعفون المستأجرين من دفع إيجار شهر رمضان المبارك أو الشهر الأخير من العقد طمعاً في النيل من مثوبة الله العظيمة يوم القيامة، وديمومة البركة في أموالهم وعقاراتهم والتي يغفل عنها كثير من الناس في عالمنا المعاصر، أما بالنسبة للمؤجرين المُغالين في أسعارهم، فعليهم أن يدركوا تماماً بأن الاستغلال الفاحش ليس من شيم الإنسان المسلم ولا من سمو أخلاقه ومكارمه بتاتاً، مُقترحين على الجهات المُختصة ومن باب المصلحة العامة القيام بوضع سقف مُحدد للإيجارات السنوية شبيهاً بما تم مؤخراً بخصوص الاستقدام من دول مختلفة بحيث يراعا فيها موقع العمارة الاستراتيجي، والدور الذي تقع فيه الشقة، وعدد غرفها ومنافعها وما يتوافر فيها من خدمات عادية أو متميزة، وليعلم الجميع علاوة على ما سبق بأن أكل أموال الناس بالباطل منهى عنه في الإسلام بقول الله تعالى( وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ ..) ومن يُصر على ذلك، فلن يجد راحة بال، ولا الطمأنينة، ولا تقبل دعوته، ولا ينجوا من عذاب القبر، بل ويُحرم من الرزق إذا لم يخاف الله ويتقي كما في قوله تعالى ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وإذا ما تفشى هذا الحرام في أي مجتمع، فإنه لن يسلم أبداً من حلول النقم والاسقام والفتن وزوال النعم، جاء في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: من اقتطع شبراً من أرض ظلمًا، طوَّقه الله يوم القيامة من سبع أرضين، وينسحب ذلكم الوعيد على من يأكل ولو ريالاً واحداً، دون حق مشروع، هذا ما أحببنا إيضاحه في هذا الموضوع والذي أضحى اليوم حديث المجالس، مع دعائنا للجميع بالهداية والصلاح والتوفيق.
---------
بقلم الباحث التربوي والكاتب الصحفي عبد الفتاح احمد الريس
- للوقاية من مضاعفات “الإنفلونزا الموسمية”.. 5 أسباب لتلقّي اللقاحات تبرزها “الصحة”
- بلدية محافظة رياض الخبراء تكمل استعداداتها للاحتفاء باليوم الوطني الـ 94
- بلدية البطين تُزين الطرق والميادين بالأعلام واللوحات احتفاءً باليوم الوطني الـ 94 للمملكة
- بتكلفة تجاوزت 63 مليون ريال.. أمانة القصيم توقع عقداً لمشروع نظافة مدينة بريدة
- بعد توقف شهرين للتحسين.. ترقب لعودة تمويل الزواج في أكتوبر المقبل
- السعودية تتصدر دول «العشرين» في نمو عدد السياح الدوليين في 2024
- الأحوال المدنية توضح طريقة تغيير المهنة إلى «ربة منزل»
- الصحة: 7 خطوات للوقاية من الزهايمر
- 3 نصائح مهمة لـ وزارة الحج والعمرة عند التقاط صورة بالحرم المكي
- المشي 8000 خطوة يوميًا يحقق أهدافك الصحية ويحافظ على حياتك!
- «جدارات»: إمكانية متابعة وظائف القطاع الخاص بمنصة التوظيف
- الحملات الميدانية المشتركة تضبط “22716” مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع
- الموارد البشرية: الضمان الاجتماعي يأخذ جميع أنواع الدخل في الاعتبار
- عادة يمارسها الكثيرون قد تسبّب طنين الأذن وفقدان السمع.. وهنا نصائح الخبراء
- مصر: تحقيق عاجل بعد فيديو اختناق ركاب «الطائرة»
عبد الفتاح احمد الريس
منصة إيجار بين الواقع والمأمول
21/09/2024 3:40 م
عبد الفتاح احمد الريس
0
10351
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3617208/