كما يعلم الجميع بأن التسويف داء فتك بأوقات البشرية ، و إنتاجيتهم بل الأدهى ، والأمرّ كما قال الشيخ عبد السلام الشويعر حفظه الله : ( التسويف آفة العلم)
هناك أشياء كثيرة قد يُغامَر فيها كالتجارة ، وكذلك اتخاذ بعض القرارات في حياتك، وغيرها إلّا شيئاً واحداً ليس لك أنت تُغامر فيه مهما كان لأن المغامرة فيه هلاك حتمي ، وهو تسويف التوبة إلى الله تعالى.
فبعضهم يقع في المعصية ، ويقول في نفسه سأتوب ، ولا يعلم بأنه قد يكون في عداد الأموات في لحظات الله المستعان ، ولا يستطيع التوبة ، أو قد تتلذّذ نفسه بتلك المعصية، فلا يستطيع مفارقتها .
فالتسويف وسواس شيطاني خطير قال تعالى :" إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى ۙ الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَىٰ لَهُمْ "
قال الحسن :(وأملى لهم أي مد لهم الشيطان في الأمل ووعدهم طول العمر) تفسير القرطبي .
فالتسويف خصلة مذمومة إلا إذا كان في الهوى وما تشتهي النفس فإنّه يكون ممدوحاً ، ففي هذه الحالة كُن مُسوِّفاً جيداً .
قال الشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله معلقاً على كلام ابن حبان البستي في كتابه روضة العقلاء ونزهة الفضلاء :(والعقل والهوى متعاديان فالواجب على المرء أن يكون لرأيه مسعفاً ولهواه مسوّفاً فإذا اشتبه عَلَيْهِ أمران اجتنب أقربهما من هواه لأن في مجانبة الهوى إصلاح السرائر وبالعقل تصلح الضمائر) قال الشيخ :
(إذا كان الأمر الذي تطلبه النفس مصدرها الهوى ليس العقل فليُسوّف ، أمّا إذا دعاه عقله ، وبصيرته، وفهمه فلا يسوّف)
فعلينا أن نقتل الهوى والمعصية بالتسويف ، فإذا دعتنا النفس ، أو الهوى ، أو الشيطان إلى المعصية ، فلنُباغتها بالتسويف ، ونقول ليس الآن ، ثمّ نروّضها بالتوبة النصوح .
أسأل الله أن يوفقنا إلى المبادرة في أعمال الخير الدنيوية والأخروية، وأن يجعلناهداةً مهتدين غير ضاّلين ولا مضلّين ، وأن يوفقنا إلى عمل كل خير يقرّبنا إليه .
والسلام أجمل ختام.
بقلم / عبدالله بن حامد بن سعيد الشهراني.