كان الأجداد والأباء يتحدثون بين الفينة والأخرى، وكلما أُتيحت لهم الفرص عن أحوالهم وتنقلاتهم، وتبعات ذلك من العناء والمعاناة والنصب والأوجاع والجوع والعطش والخوف من قطاع الطرق والحنشل، وعدم الإحساس بطعم الحياة والأمن والمخاطرة بالأرواح والممتلكات، بسبب البحث عن الكلاء ومصادر المياه فلا يرتاح لهم بال ولاتستقر بهم الأوضاع.
فلكل يوم معاناة ويتعرضون بشكلٍ مباشر وغير مباشر بالعوامل المناخية، فيأتيهم الصيف بحره اللاهب
وأنفاسه اللاهثة، تكاد تنسلخ منه الجلود، ثم يأتيهم البرد القارس تكاد تتجمد منه العروق في أجسادهم، فليس هناك وسائل التنعم كالتبريد أو تدفئة، أو الملابس وغيرها كما هو حالنا اليوم ولله الحمد والمنة.
فكانت القبائل آنذاك والجماعات يتحالفون و يتحدون فيما بينهم لحماية أنفسهم وأراضيهم ومنابت الأمطار، لرعي مواشيهم وأيضاً لدفاع عن أعراضهم وذراريهم، وأموالهم فكان البعيد منهم يُعد أخاهم وابن عمومتهم، فيُعرف لكلٍ منهم قيمته ، فشيوخهم رموز القبيلة التي يجتمعون عليه ، وفرسانهم الذين يقفون دفاعاً عنهم ، وفريضهم أي ( القاضي ) الذي يتحاكمون عنده، عند الاختلاف فيما بينهم ، وشاعرهم الذي كان له دوره في رفع شأن قبيلتهم والتحدث عن تاريخهم وأمجادهم، وشحذ الهمم وتحفيز هم، ليكونون عوناً لهم للحفاظ على كيانهم كل ذلك في ذاك الزمن الغابر.
واليوم ونحن ننعم بهذا النعيم من الأمن في الأوطان والصحة في الأبدان، واجتماع الكلمة وتوحيد الصفوف، حول قيادتنا وعلمائنا يأتينا الخيرات من كل صوب وناحية، ثم يظهر علينا ومن بيننا من سُفهاء القوم والجهلة ومشاهير الفلس ومن على شاكلتهم، لمحاولة زعزعت الأمن وإثارة النعرات، وتحريك الفتن والتعصبات ومحاولة ضرب لحمة الوطن والقبائل ببعضها، عن جهالة أو بقصد، وهناك من يتربصون بنا شراً وينتظرون أن تحين لهم ساعة لإشعال نار الفتنة والنعرات الجاهلية، ليحققوا أهدافهم ومقاصدهم، من خلال الجهلة والسفهاء ، كما هو الحال في بعض دول الجوار نسأل الله أن يرد عليهم أمنهم ويولي عليهم خيارهم.
فمتى نعي مانحن فيه من نعم، تستوجب منا شكرها وتقديرها، والأخذ على يد الجاهل والسفيه، لتأديبه ومعادات من يُعادون بلادنا، ويستخدمون البعض معاول هدم وتخريب.
فمن هذا المقال أتمنى الضرب بيدٍ من حديد بلا هوادة أو رحمه لمن تسول له نفسه العبث بهذا الأمن وإثارة النعرات، وكأنني أستمع لبعض الشعراء وأصحاب الشيلات ومستخدمي السوشل ميديا، يكيلون بالمديح الكاذب والمبالغ فيه لقبائلهم، وكأنهم يقولون للآخرين أنكم لا شيء لو لم نكن نحن ، وهناك من يستنقص من القبيلة الفلانية بسبب موقف فردي أو بسبب حقد دفين، وآخرين قد يكونوا من أصحاب أيدلوجيات تبعاً للخونة، وبائعي الأوطان.
فهل أنتم تعقلون وتدركون تلك المخاطر التي تحيط بكم ، لاتنظرون إلى تحت أقدامكم أنظروا أمامكم وأمام مستقبلكم ومستقبل أبنائكم، ومايحاط بكم إنما هو مكر أعدائكم.
أنتم فقط من يستطيع منع حدوثه، بتكاتفكم وتعاونكم وحرصكم واهتمامكم، بعدم السماح لكائنٍ من كان بالمساس بالوطن ومكوناته، وثرواته وولاة الأمر خط أحمر، فلا سبيل للاستنقاص منهم، أو قبول الشائعات عنهم، فأمنهم أمننا وبقائهم بقاءً لنا ، فمن الضروري أن نكون جميعاً سداً منيعاً، لا يخترقه أحد مهما كان وممن يكون.