في أثناء حديثي مع أحد أصدقائي تطرقنا لجوانب كثيرة في هذه الحياة ، حتى وصل حديثنا إلى أيهما أشد إيلاماً هل هو الفِراق أو الموت ، فقال لي إن ألم الفِراق أشد إيلاماً يعني الموت بجرعات لاتنتهي ، وألم الموت هو تلك الهسعة الأولى ثم تموت بعدها .
لكن ذاك البُعد والفِراق موت عند كل ذكرى وحسرة عند كل ألم وحسايف وندم تُقطع أنياط القلوب والتمني لشيء أصبح مستحيلاً إما بموت غالي أو بفراق حبيب .
فلعلنا بعدها تساءلنا أليس بإمكاننا التخفيف من ذلك أو منع سبب حدوثه فقال : كما قلت لك الموت أهون مع الصبر والاحتساب وأمر وقع عليك لامحالة و لايمكن تغييره ، ولكن الفراق كان بالإمكان تجنبه وبذل أسباب البقاء حتى يدوم الود بالتغاضي والتجاهل والصبر والتسلي مع الأيام بوجوده في حياتك ، قلت وإن كان الجفاء والتعالي والكِبر والبعد من الطرف الآخر رغم معرفته بمكانته عندك ، فقال هذا والله هو البلاء العظيم ، حصنت نفسي وأهلي وأحبابي من ذلك كله .
قال يا أخي أنت هذا المساء فتحت علينا أبواباً قد يأتي الصباح و لم تُغلق ، قلت هو مجرد كلام وتعاليل ليل فيما بيننا ، فقال بالله عليك أصمت فما يجري بالكلام قد يقع في حياتنا.
نظرت إليه بابتسامة كأنني لمست شغاف قلبه وإحساسه بشيء ما ، في قلبه نسأل الله العافية لم أكن أعرف أن الم الفراق أشد من الموت والله سماه ( مصيبة الموت ) ، إلا من خلال صديقي هذا وهو يودعني أراك على خير ، وبالله عليك لا تناقشني في مثل هذه الأمور فالأمر نزل على نفسي كصاعقة فجرت كل مشاعري .
إن لم أكن متوهماً فكأنني رأيت عيناه ترورقت وتهجد صوته وكأن فيه بحة أو غصة ، فقلت في نفسي هل هذا الرجل يخشى الفراق أم أننا جميعاً نخشاه أكثر من خشيتنا للموت.