من أكناف قرى أوطاط وهضابه .. من قلب شضوف وادي أوطاط وحراته . شرق شمال مكة المكرمة بين وادي الغيثاء وحماة . بين أكنان ونواصب جبال وادي أوطاط وسنبوستها . النطاق الإداري مدركة إحدى نواحي العاصمة المقدسة . عام ١٤١٧ هجرياً تزوج رجلاً يعمل موظفاً بقطاع حكومي بمكة المكرمة . ساكن بحي الشوقية . زوجته التي أختارها من تلك الناحية من أسرة محافظة ، ولما أسكنها بسكنه الذي جهزه بالحي الأنف أعلاه ، وأبصرت الماء يسكب من الصنوبر ، والمصابيح وهاجة بالاضاءة بضغطة زر داخل المنزل ، وأزيز أجهزة التكييف بالغرف والصالة بخلاف أجهزة الكهرباء - الغسالة والنشافة والمكنسة والثلاجة والفرامة والفرن والبرادة ومكيف الفريون والتلفاز وغيرها من الأجهزة ، واثاث وستاير واقية من أشعة وحرارة الشمس - حمدت الله كثيراً على هذه النعمة الموفرة ، وكفيت من مشاق جلب الماء بناحيتها ، وغسيل الملابس بيدها في حوض طشت والكنس بمكنسة يدوية .
شكرت الله على نعماه ونعمه التي تترع ، ولما رأت ساعة الحرم الشريف بالعين المجردة كأنها تلامسها عن قرب . سألت عنها . قيل لها: ساعة الحرم الشريف . لم تتردد سجدت لله شكراً وحمداً على فضله . أكثرت الحمد لله ، والشكر والثناء لله أن حلت بجوار الحرم الشريف منزلاً ، وأصبحت من أهل مكة المكرمة ، وجيران البيت العتيق ، وقالت: فضل يسوقه الله لمن يشاء من عباده .
عاشت مع زوجها قرابة ثلاثين عاماً لم ينكر منها ما يكدر خاطره . حريصة على نظافة منزلها ، وحسن التدبير ، والقيام بواجباتها المنزلية على مايرام . قليلة الطلبات . لا تحبذ التسوق ، ولا الاسواق ، ولا التسكع بالزيارات بين منازل جاراتها ، وأروقة الأسواق ، وقاعات الأفراح ، وصوالين الكوفيرات والزينة . ما يوم قالت لزوجها: لا . مطيعة ، وأحسنت التبعل ، وتعد منزلها مملكتها ، تفخر بنظافته وأناقته وجماله ، ولم يسمع بعلها منها إلا كل خير . أنجبت أولاداً ذكوراً وإيناثاً . فرغت أهتمامها بأولادها وزوجها . ثلاثية الدراية: حسن التصرف والتدبير والتبعل .
أما الزوج ، وبرنامجه اليومي . يقوم في الصباح مستعداً لعمله بعد أن يستحم . تعد زوجته إفطاره قبل الذهاب للعمل ، الإفطار مكون من قرص " رغيف بلدي " حنطة مزارع عالية نجدالعذية " شفاء نجد " مفروك بسمن ماعز حرة كشب ، وقطعة جبن بلدي غير مالحة من وادي نمرة بالطائف ، وبيضة واحدة مسلوقة من منتجات دواجن فقيه بالسيل " قرن المنازل "، وملعقة عسل سدر حر بلدي من وادي حلى قريباً من سد وادي حلى ، وكوب حليب ساخن من منتجات مزارع وادي أوطاس بعشيرة شمال الطائف ، وإيقاضه للإفطار ، وعمله معاً إلا إنه يعتذر عن الافطار متعلل سيفطر بالعمل ، والشهية من عدمه ، وتحاول جاهده في بعلها ما وسعها المجهد . الإفطار قبل مغادرته الدار أن يتناول على الأقل كوباً من الحليب الساخن ، وحبه واحدة من البيض المسلوق ، وذواقة جزء من العسل يفك بها ريقه قبل المغادرة لكن يرفض متعللاً لا نفس له ، ويغادر الدار لعمله مسرعاً دون ان يلفظ ما يدل على الود أو إشارات السلامة . تدعو له الزوجة رافقته السلامة ثم يعود متثاقلاً بعد نهاية الدوام متباطئاً ومنهكاً ، وقد أعدت الغداء كبسةً بلحمة الضأن مسلوقة منّ ضأن حرة الواديين رهاط والقاع بمنطقة مكة المكرمة ، عزلت مرقتها محذقة بالطماطم ، ونكهة البهارات ، وفي موسم الشتاء بالفلفل الأسود الهندي ، ووضع مرق اللحم في ماعون منفرد من أجل يتناولها أثناء الغداء ، وإيناء أخر يحتوي على إيدام من الدباء مزارع مدركة . يتناوله بقطع من الخبز المعيني ، والغداء محفوفاً بالسلطة الورقية ممزوجة بقطع من الطماطم الطازج والخيار والجزر من أطراف مزارع الوديان " رنية وتربة والخرمة والمويه " ، وكوب لبن بقري . تتكون سفرة الغداء منها . يعتذر عن تناول الغداء بحجة منهك ، وإنه لا يشتهي الأكل حالياً ، ويحتاج للراحة ، ورمى بجثته على سرير النوم بعد أن نزع ملابسه وحذاءه ، وأحضرت زوجته وعاءً صغير مملوءاً بسلطة الفواكه المتنوعة من أجل تناولها قبل النوم ، واخذت ملابسه وغترته لتعيد كويها مما تعرضت لها من قرفطة اثناء العمل ، وتعيدها على المشجاب أو المعلاق مالم يتطلب غسلها مما علق بها من أوساخ ، وان تكون جاهزة للارتداء ، وحذاءه تمسحهما مما علق بها تكونان نظيفتان من أجل ان يكون هندامه وحذاءه جاهزان . يستيقض الزوج من النوم ، شارفت الشمس على المغيب ، ويستحم ، وقد جلبت له براداً من الشاي بالنعناع الطائفي يتصاعد بخاره من فاه ، وبعض قطع الشابورة والبسكويت . تناول على عجل حساءه ثم خرج من الدار لإحضار بعض خبز الصامولي ، واجبان وبيض ، وبعض الاحتياجات التي يتطلبها المنزل ، ومستلزمات أطفاله يجلبها مع أذان العشاء أن لم تكن موجودة بالمنزل ، وإلا فلا ، ويصلي العشاء بالمسجد المجاور لمسكنه ، ويذهب مباشرة للاستراحة ، ويقضي معظم وقته فيها مع رفاقه يتناول وجبة طعام العشاء بالاستراحة ، وحساء القهوة والشاي من أيدي عمالة ، وبعض المرطبات أن لم يكن معها بعض المكسرات غالبها من فصفص القرع من وادي سرف بجعرانه ، ويلعب لعبة البلوت مع رفاقه بالاستراحة ثم يأتي داره بعد منتصف الليل على مشارف الفجر . ناموا أولاده ما عدا الزوجة ترتقب عودته ، وكم أشتاق الأولاد لرؤية أبيهم ، وأحرجوا أمهم بالسؤال عن أبيهم ، وكل ما كبروا شيئاً فشيئاً أكثروا السؤال بإلحاح عن أبيهم . إجازة نهاية الأسبوع جلها بالاستراحة أو يتنزه مع رفاقه أو سافر خارج مدينته أو وطنه سياحة . هذا ديدنه . ديدن حياته اليومية وغيرها ، ولا حدس هذا التصرف شاق على أهله وأولاده .
أوقاته يمضيها بين العمل والاستراحة ، وليس لأسرته إلا المبيت ، وبالاستراحة أكثر أوقاته ، ولم يستقطع وقتاً لعائلته إنما وقته بين العمل والاستراحة ، ولم تتضور زوجته يوماً ما من هذا السلوك صابرة دون امتعاض هذا قدرها . نبراسها المثل الدارج " ظل زوج ، ولا عدمه " . حاولت ما وسعها المسعى تعديل سلوكه من أجل أولاده حينما تنامى سؤالهم عن أبيهم ، وإشعاره بأهمية متابعة الأولاد ، والتحدث معهم ، وملاطفتهم ، وأهمية تواجده معهم من أجل معارج تنمية البيت ، وبناء إنسانه من ربط اللازم بالملزوم ، ومن أجل جودة حياة الأسرة ، وأجواء أسرية سليمة خالية من المثالب والشروخ ، والتصدع ، ولم تجدي المناصحة معه ، وتلك النصائح لا جدوى معه ، مازال مستمر على وضعه ، ولم تشيع يوماً سوء تصرفه أو سلوكه لا مع الأقارب من الطرفين أهلها وأهله أو الجيران ، ولم تكن إذاعة متنقلة بسلوكه . محتسبة لله ، وقد لاحظ أخوانه ذلك لاسيما الأوسط منهم ، وحاول مناصحته دون جدوى . ذات يوم أولاده في المرحلة المتوسطة ذكروا لأمهم انهم بحاجة الجلوس مع ابيهم ، والإفطار والغداء والعشاء كسائر نظراءهم يحدثوهم بالجلوس مع أباءهم وتناول الطعام -الإفطار والغداء والعشاء - وإحتساء الشاي والقهوة ، ويقوموا بالتنزه والسفر مع أباءهم ، ويستمتعون بتواجد والديهم باجازاتهم ، إجازة نهاية الأسبوع ، وإجازات الدراسة ، وذات يوم أفصح أكبرهم طالباً بالثانوية لأمه: نلاحظ منازل أعمامي أشقاء أبينا مداهيل للزوار ،والضيوف والعزائم ، والمناسبات . قهوة وضيافة ما عداء منزلنا ، ويطرح تساؤلات عدة على أمه: أليس أبينا أخوهم ؟ الصفات التي بأعمامي ليست فيه ؟ أم جيناته من عالم أخر ؟. لم تزد والدته إلا ان قالت: جبلة " تغير جبلاً ولا تغير جبلة "
ذات يوم حينما أراد الأب الخروج أوقفه أبنه الأكبر بجانبه أخوته يبادل أبيه أطراف الحديث ويلاطفه بقوله: ياأبتي نون عيني نشتاق الجلوس معك والحديث إليك ، ونحن بحاجة سماع حديثك ، تزجي لأبناءك النصائح ، ومحددات النجاح ، والابتعاد عن مهددات الحياة ومخاطرها ، وأخطار الفشل .. ياأبتي ساعة معاك تثلج الصدر ، ونأنس بها تحدثاً وممازحةً ، والإفصاح عما بداخلنا ، وإيضاح عما بداخلك كبرنا نحس من حولنا الأسر في انسجام مع أباءهم ، نحتاج الجلوس معك ساعة من نهار بدل الساعات التي تقضيها بالاستراحة . نتناول الطعام سوياً ، ونحتسي القهوة والشاي سوياً . نفضفض عما في نفوسنا باعتبارك أب ، وربان الأسرة تود لنا الخير ، وتبوح لنا ما يفيد . ما كان جواب أبيه إلا ان نهره . لا تقول مثل هذا القول لأبيك .. أنت ورع . فألتفت الابن لأمه واقفة غير بعيدة عنهما في وسط الصالة بين المطبخ والصالة ، فقال: أماه حدّي على أبينا اربعة أشهراً وعشرةً أيام . ثم ألتفت لأبيه والدمع يذرف من جفنيه قال ياأبتي: لكل ذي حق حقه: للدين حق ، وللوطن حق ، وللمجتمع حق ، ولأهلك حق ، وللأسرة حق ، وللجيران حق ، وللحي حق ، وللعشيرة حق ، وللفصيلة آلتي تأويك حق ، وللمواطنة حق . أعطي كل ذي حق حقه .
ياسادة الاستراحات في الأصل مباحة في حدود لا تكون على حساب غيرها ، ولا تكون من مهددات الأسر ، وتصدع المجتمع ، وأصبحت شراً تلبط فئة من المجتمع في عصرنا الراهن ، وصرفها الواجبات الأساسية اتجاه الأسرة والالتزامات المنزلية لا تصادف محلها ، والبعض بالغ في تواجده بالاستراحات بمناسبة وغير مناسبة . كثرت الطلاق بسبب الاستراحات ، واهمال العناية بأهله وأسرته فتتوسع المشكلات الأسرية ، ويدق بليس زيره ، وتكثر جروحها وتتوسع يوماً بعد يوم ، وينفخ بليس سمومه فيها ، وتتصدع الأسرة بسببها ، ويصاب المجتمع بعرجة في بناءه المجتمعي ، وخلل إجتماعي يسهل إختراقه من قبل أعداءه .
أحبتي الاعزاء نتطلع من المؤسسات المدنية ، والمراكز العلمية بكافة قطاعاتها ، وتخصصاتها التعليمية والاجتماعية والأسرية والجمعيات الضاغطة وهيئات الخبراء ، ومراكز الاصلاح المحلي والتشخيص الاجتماعي تتظافر جهودها لدراسة هذه الظاهرة ، وايجاد الحلول المناسبة ، وتحصين حصون المجتمع من الداخل ، ومنع منغصاته ، ومخفسنياته .
دام عزك ياوطن ، ودامت قيادة الوطن الرشيدة ، ورموزها الزمنية والروحية ، وسلمانها سلمان الحزم خادم الحرمين الشريفين نجل المؤسس الأول وحفيد الإمام يرحمهما الله ، وعضيده ولي العهد محمد العزم مهندس رؤية الوطن ٢٠٣٠ مجفف منابع الارهاب ، ومسارب الفساد .
- معالي وزير السياحة يدشن شركة رملة للرحلات السياحية والمنتجعات البرية في حائل
- التصدي لتهريب 250 كجم قات بجازان ومنع ترويج 5.6 كجم حشيش بعسير والجوف
- 5 مطارات تتصدر تقارير الأداء لشهر أكتوبر 2024
- “الضمان الاجتماعي” يوضح الشروط الملزمة للمستفيدين لقبول الفرص الوظيفية المقدمة لهم
- «الغذاء والدواء»: حظر الإتلاف ومنع السفر لحالات التسمم الغذائي
- “المدني” ينقذ شخصًا عالقًا بمرتفع جبلي في الطائف
- «الزكاة»: مراحل ربط الفوترة الإلكترونية سيتم تحديدها وإشعار الفئات المستهدفة
- “تنظيم الإعلام”: فسح أكثر من 470 من الكتب والمطبوعات و55 محتوى سينمائيًّا خلال أسبوع
- «الصحة العالمية»: جدري القرود ما يزال يشكل حالة طوارئ تثير القلق الدولي
- «النمر»: عدم التحكم في «الضغط» من أكثر مسببات قصور القلب
- الأولى من نوعها.. اتحاد الغرف يعلن تشكيل لجنة للطاقة والبتروكيماويات
- باستثمار مليار دولار.. “أرامكو ديجيتال” تتجه للاستحواذ على حصة كبيرة في “مافينير” الأمريكية
- سقوط 22 متستِّرًا في قبضة الحملات الميدانية.. ضبط 19696مخالفًا
- بطء الكلام والصوت العالي.. تعرَّف على 5 علامات لضعف السمع عند الأطفال
- تأييدٌ من “العُليا” تلاه “أمرٌ ملكي”.. المدينة المنوّرة تشهد تنفيذ حُكم القتل تعزيراً بمهرّبة “الكوكايين”
بقلم_ خالد بن حسن الرويس
ستة على ستة – ٩٠ –
22/06/2024 9:12 م
بقلم_ خالد بن حسن الرويس
0
1078426
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3606597/