الحبّ لا يشيخُ أبدا ممكن للحب أنْ يمرضَ لكنْ لا يموتُ ولا يشيخُ يبقى يستحلُ مكانا في القلبِ حتى لوْ طالتْ المسافاتُ وابتعدَ المحبوبُ يبقى ذكرهُ بلسماً للجروحِ وعطراً للأفكارِ ، يعيشَ الحبّ داخلَ أعماقنا منْ غيرِ استئذانٍ ، هوَ الشخصُ الوحيدُ لهُ أبوابُ قلوبنا مفتوحةً ونظرةَ عيونا يملأها صورةَ المحبوبِ وأسماعنا يطربها صوتُ المحبوبِ أكثرَ منْ طربِ الموسيقى والألحانِ .
الحب ليس مظهر الحب اسمى من ذلك بكثير ، الحب ارتباط وجداني وعمق انساني ،الحبُ يعيدُ لقلوبنا طهرها يجعلنا نعيشُ الحياةُ بحيويةٍ يرسمُ لنا الأهدافُ ويحققُ لنا الغاياتُ ويجملُ لنا الأيامُ رغمَ مرارتها ، يأخذنا منْ متاهاتِ اليأسِ إلى جمالِ الفألِ والأحلامِ .
الحبُ نظرةً أولى بعدها نشعرُ بنزغاتِ قلوبنا وجمالِ مشاعرنا التي لا يمكنُ أنْ نخفيها تكون تلقائيةً ولا يهمُ جمالَ المحبوبِ إنما هيَ مشاعرُ وقبولُ ربانيّ كما قالَ ابنْ القيمْ ( وما الحبُ منْ حسنٍ ولا منْ ملاحةٍ ولكنهُ شيءُ بهِ الروحُ تكلفَ ) بمعنى لا يهمُ مظهرَ المحبوبِ إذا ملكُ قلوبنا فهوَ بكلِ حالاتهِ مرغوبٌ
"أحبهم، لم أجد للحب من سبب
وأصدق الحب لا يعزى لأسباب" .
العقلُ أمامَ المحبوبِ لا يعملُ بلْ مشاعرنا منْ تتحدثُ وتكونُ رهينة بينَ يدين المحبوبُ يتصرفُ بها كيفَ شاءَ .
الحبُ يكملُ وينمو بالمواقفِ والأفعالِ فإذا كانَ المحبوبُ بجانبنا دائما فنحنُ ملكهُ دونَ أنْ نشعرَ . الحبُ أنَ تحملهُ معكَ دائما أينَ ما تكونُ ، الحبُ هوَ العشرةُ والإخلاصِ والوفاءِ .
الحبِ سمةَ الفضلاءِ والأعيانِ للحبِ سلطةً لا تعادلها سلطةُ ومجنونُ الحبِ الحقيقيِ هوَ منْ كانَ قلبهُ لا يحملُ سوى محبوبهِ ولا يسيطرُ عليهِ سواهُ مهما بلغتْ كثرةَ الناسِ منْ حولهِ .
الحب ان لا تخجل بضعفك امام محبوبك بل تعيش معه على تلقائيتك .
وعرف مصطفى محمود الحب فقال :
الحبّ هو الألفة ورفع الكلفة، أن لا تجد نفسك في حاجة للكذب، أن تصمتا أنتما الاثنين فيحلو الصّمت وأن يتكلم أحدكما فيحلو الإصغاء!.
وايضا عرف الرافعي الحب رحمه الله فيقول :
"لا يصح الحب بين اثنين إلا إذا أمكن أن يقول أحدهما للآخر : يا أنا"
واللهِ ما كان الحب بكثرة الوصل ، ولا بجميل الكلمات خلسة ، إنما الحب ما وقرَ في القلب وأبى الخروج إلا في كنفِ الله ، قد أفلح من اتخذ لذلك سبيل .. وضلَ من اتخذ لغير ذلك سبيلا.
رويَ عنْ عائشة رضيَ اللهُ عنها عنْ النبيِ - صلى اللهُ عليهِ وسلمَ - ( استأذنتْ هالةَ بنتِ خويلدْ أختِ خديجة على رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ، فعرفَ استئذانُ خديجة فارتاحَ لذلكَ فقالَ : اللهمَ هالة بنتِ خويلدْ فغرتْ فقلتَ : وما تذكرُ منْ عجوزِ منْ عجائزَ قريشِ ، حمراء الشدقينِ ، هلكتْ في الدهرِ فأبدلكَ اللهُ خيرا منها . ) رواه مسلمٌ
"والله ما أبدلني الله خيراً منها ، آمنت بي حين كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس " ...الرسول ﷺ في وصف خديجة للنظرِ إلى فعلِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ معَ أختِ محبوبتهُ تلكَ التي عاشتْ معهُ أقسى مراحلِ حياتهِ وكانتْ سنداً لهُ وعوناً بعدَ اللهِ لمْ ينساها يوماً حتى بعدِ حبهِ لعائشة لكنَ تبقى خديجة هيَ الحبُ الأولٍ صاحبةَ المواقفِ المشرفةِ وسلطانِ الحبّ هيَ المواقف معَ المحبوب .
وقد توصل علماء النفس ان حاجة الإنسان الى شعور بأنه محبوب ضرورة عاطفه بشريه أساسيه
فلأجل الحب نتسلق الجبال ، ونعبر الأنهار ، ونجتاز الصحارى ، ونتحمّل الكثير من الصعاب ولكن بدون الحب تصبح الجبال صعبة التسلق والبحار مستحيلة العبور ، والصحارى لا يمكن احتمالها .
الحب تناسب ارواح والفه ان ترى نفسك في محبوبك ويقول ابن القيم «التناسب بين الأَرواح مِن أقوى أَسباب المحبة، فكُل امرئ يصبُو إلى ما يناسبُه»
وأخيراً الحب ان تهب لنفسك للمحبوب ولا يبقى منك شيء .
( وَلَيْسَ مِنْ سَبَبٍ لِلْحُبِّ أَعْرِفُهُ
وَلَيْسَ لِلْحُبِّ بَيْنَ اثْنَيْنِ تَفْسِيرُ
لَكِنَّهُ النِّصْفُ نَحْوَ النِّصْفِ مُنْجَذِبٌ
تَسُوقُ هَذَا إِلَىٰ هَذَا المَقَادِيرُ )
حافظوا على منْ تحبونَ وكونوا لهمْ سنداً
ورزقنا اللهُ وإياكمْ محبوبُ لا يملُ ابداً