استهلت العشر الأولى من ذي الحجة التي أقسم بها البارئ في كتابه المبارك في سورة الفجر بقوله تعالى:" والفجر * وليال عشر "الآيات ١ - ٢ ، وهذه العشرالتي أقسم بها الله تطوي فيها يوم التروية ، ويوم عرفة حتى غروب شمسه ، وليلة الوقوف بالمشعر الحرام بمزدلفة ، والمبيت بها حتى طلوع الفجر ، وجمع الجمرات منها ، وعيد الأضحى المبارك ، ويوم القر ، ويوم الحج الأكبر ، ويوم النحر ، وأيام التشريق تلك مواضع مكان وزمان في العشر الأولى من شهر ذي الحجة.
- الأضحية:
لا خلاف فيها بتاً ، ولا حدس فيه قطعاً ، والجمع بين بتاً وقطعاً يقينياً لا يتطرقه ظناً ، ولا شكاً ، فالأضحية شعيرة من شعائر الإسلام . منزلتها عظيمة الشعيرة . تقتضي الوجوب المستحب المؤكد على أرجح الأقوال عند أئمة السنة والجماعة على الميسور ذات السعة بخلاف فرق الإسلام الاخرى لاسيما الشيعة والزيدية مستحبة ، والزيدية مستحبة على سبيل التأكيد .
- مشروعية الأضحية:
مشروعيتها تتجلى بالنص القطعي من القران الكريم ، والاحاديث النبوية المطهرة . ما طوته الآيات المدنية كتشريع للمجتمع المسلم الإسلامي ، وما ورد بالنص الثابت من السنة النبوية المطهرة الشريفة ، وما تواتر من الاحاديث النبوية الصحاح والحسان ما أشتهر منها ، وما تواتر ، وما شاع بالقبول بين العلماء ، وأهل العلم وطلابه مشهورها ومرفوعها ، وماكان مرسلاً ، استصحاب الحال . تفيد جميعها اليقين في مشروعية الأضحية من حيث الوجوب سنه مؤكده لها منزلة كبيرة في الإسلام . جاءت الآيات على ذلك ، وعظم مكانتها في الدين الإسلامي . اقتدى بأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام ، ومنزلتها في نفوس المسلمين عظيمة . ورد عن أبن كثير في قوله تعالى ( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) سورة الحج آية ٣٢ باعتبارها أوامر إنزالها منزلة التنفيذ من أستطاع لذلك سبيلاً ، وتوفرت القدرة المادية ، وينقل عن ابن قدامة في المغني إجماع المسلمون على مشروعية الأضحية ، وقال أبن حجر : لا خلاف في كونها من شرائع الدين ، والنووي الأضحية سنه مؤكده ينبغي المحافظة عليها ، ويوافقه الإمام الغزالي من الشعائر والسنن المؤكدة ، والامام الأوزاعي إمام أهل الجبل - لبنان - بعلبك يرى عدم تركها للموسع ، وعدد كثير من علماء الإسلام المعاصرين كأبن باز وأبن عثيمين والشنقيطي يرحمهم الله عصرنا الرهن الذي نعيشه ، ومن سبقهم كالشوكاني ، وأبن مفلح ، وأبن دقيق العيد ، وشيخ السنة والجماعة المجدد الأمام/ محمد بن عبدالوهاب النجدي وغيرهم عدم ترك الأضحية للموسع شعيرة من شعائر الإسلام ، والأحاديث النبوية في مشروعية الأضحية كثيرة ومستفيضة لا حصر لها ، وعلى سبيل المثال لا على سبيل الحصر منها حديث أنس بن مالك قال: ( ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين ، أقرنين . ذبحهما بيده ، وسمى وكبر ، ووضع رجله على صافحهما ) ومما نقل عن عبدالله بن عمر قال:( أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة عشر سنين يضحي) وعن البراء بن عازب ان النبي قال: ( .. من ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب السنة ) ، وروي عن عقبة بن عامر قال: ( قسم النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه ضحايا فصارت لعقبة جذعة ) فقلت: يارسول الله صارت لي جذعة ، قال : " ضح بها " مما سبق يستشف مشروعية الأضحية ، ففعل النبي عليه الصلاة والسلام ، وقوله سنه مؤكده الأتيان بها ، ومفسرة النسك ، وموضحة ما أبهم من آيات النسك ، فالحكمة من مشروعية الأضحية التقرب من الله ، وتوسيع المسلم في أيام العيد على أخوانه الفقراء ، والمساكين من أجل التعفف عن السؤال يوم الزينة ، والانصاف في يوم العيد أكل اللحم . عدالة إجتماعية ، وأدخال الحبور في نفوس القلة والحاجة ، وتجنيبهم الطلب في العيد . باعتبارها احدى شعائر الإسلام ضرورة على القدر المادية من ربط اللازم بالملزوم . يتقرب بها المسلمين من ربهم من أول أيام العيد حتى نهاية أيام التشريق .
- الأضحية:
بتشديد الياء . سنه مؤكده بإتفاق جميع مذاهب السنة وجماعة الفقه ، فالشافعية والحنابلة والمالكية يرون أنها واجبة إجمالاً سوى بعض الروايات ، وفق القاعدة الأصولية " مايتم الواجب إلا به فهو واجب " وممن قال بوجوبها شيخ الإسلام أبن تيمية يرحمه الله ، وروايتين عن أحمد ، وأحد القولين في مذهب المالكية . اما الاحناف يرون أنها واجبة وجوباً قطعياً ، ويرى الشيعة مستحبة بخلاف الزيدية ترى استحباب مؤكد لا وجوباً .
- تعريف الأضحية:
لغةً ما يضحى بها أو مايذبح أيام عيد الأضحى بعد الركن الأساسي من الحج " الوقوف بعرفة " وجمعها الاضاحي . شرعاً (ذبح بهيمةأنعام مخصوصة في وقت مخصوص ، وأشخاص مخصوصة . بنية التقرب لله ) وبهذا التعريف الشرعي حصرها في بهيمة الأنعام وأخرج ماسواها من حيوان وطيور ، وزواحف وحيتان ، ودابة برية وبحرية وفضاء ، فلو ذبح فرساً أو زرافةً أو وحيد القرن أو من الأبقار البرية أو البحرية ( المائية ) أو حماراً وحشياً أو فرس البحر أو نعامةً أو حوتاً مما يؤكل فلا يقبل منه إنما محصورة على بهيمة الأنعام أعلاها الإبل ، وأدناها الغنم ( الماعز والضأن) ، وأوسطها البقر . وقت وجوبها يوم العيد العاشر من ذي الحجة بعد صلاة العيد ، وثلاثة أيام التشريق من بعد اليوم الأول لعيد الأضحى المبارك . أشخاص مخصوصة المعصومين بالشهادتين ( لا إله إلا الله ، ومحمداً رسول الله ) طائفة مخصوصة المسلمين فلا تجوز من غيرهم . عدم الجواز غير المسلمين ان الدين عند الله الإسلام. لن يقبل من غير أهل الإسلام ، ولكن يقبل ان يهدى إليهم منها . دلالة على حسن جوار المسلم .
- أصل ونشأة الأضحية:
المنظور الإسلامي ورد أصلها في القرآن الكريم ان إبراهيم عليه السلام رأى في المنام إنه يذبح أبنه الوحيد إسماعيل عليه السلام ، والأول ولا يوجد غيره من الأولاد ورؤيا الأنبياء حق يجب انفاذها ، والإذعان لها ، وافق إسماعيل عليه السلام ، وأذعن لرغبة أبيه عليهما السلام ، واضجع إبراهيم أبنه عليهما السلام ، وتله للجبين ، ووضع السكين على حلقه ، فلم تقطع شيئاً ، وذكر أبن كثير سبب عدم قطع السكين الحلق جعل بينهما صفيحة من نحاس ونودي إبراهيم من قبل الله ( ان يا إبراهيم * قد صدقت الرؤيا) الصافات:١٠٤-١٠٥ ، وافتدي من الذبح بكبش . اتفق على وصفه علماء الإسلام بأنه " كبش أبيض ، أعين ، أقرن " أبصره إبراهيم في ثبير تحت ظل شجرة سمرة من أشجار الجزيرة العربية ، والموقع حالياً يعرف بمجر الكبش بمكة المكرمة . ذبحه عن إسماعيل عليه السلام الجد الأعلى لرسولنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم ، وينعت رسولنا أبن الذبيحين الأول إسماعيل عليه السلام الجد الأعلى والأخر الأب المباشر( عبدالله بن عبدالمطلب ) وفدي الأب بمائة ناقة من الإبل فالأب الأعلى افتدي بكبش من الجنة ، والأب الأدنى بمائة ناقة من الإبل " حمر النعم " أبل الدنيا . سبحان الله التوافق بينهما بالفدي عن أبني إبراهيم عليه السلام الأعلى والأدنى " إسماعيل وعبدالله " .
وأورد القرطبي ان هذا البتلاء لإبراهيم وأبنه إسماعيل عليهما السلام نزلت في سورة البقرة قوله تعالى( وإذ أبتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن ) آية/ ١٢٤ . أمتحان واختبار في ذبح أبنه ، ومن هذا الكبش الذي أنزل على إبراهيم عليه السلام من الجنة ليذبحه شرع ذبح الأضاحي في يوم عيد الأضحى المبارك العيد الأكبر تقرباً لله ، وهو اليوم المحبب عند الله الثج والعج .
ورواية أخرى إن إبراهيم وأبيه أزر وأبن اخيه لوط بن هارون بن تارح ( أزر) حينما هجروا قصراً وجبراً من بابل خرجوا من بأبل - بلاد الرافدين - لبلاد الشام المقدس شاهدوا في المعبد بالمقدس واقعة رجلاً أحضر ابنه مكتوفاً وقربه لصنم يعبده تقرباً وقربًا إليه فقال أزر لأبنه إبراهيم :( يا إبراهيم تقرب لإلهك أحد أبناءك ) ماكان جواب إبراهيم عليه السلام لأبيه: ( ان هذا لظلم عظيم في حق الصبي من أبيه ).
- شروط الأضحية:
للأضحية شروط محددة يجب ان تتوفر في الأضحية " تكون من بهيمة الأنعام الإبل والبقر والغنم ، وسن معين . الإبل خمس سنوات ، والبقر سنتين والغنم: الضان سته شهور والماعز سنة ، وتكون خالية من العيوب التي اشترطها الفقهاء في الأضحية ، وملكاً للمضحي ، ولا يتعلق بها حق الغير ، ويضحي بها في الوقت المحدد ، والنية ، وغيرها تكون الأضحية غير مجزئة ، والحنابلة والشافعية تشترط التصدق ببعض لحمها نيء ، وتقسيم الأضحية ثلاثة أقسام أوثلاثة اثلاث ثلث لأهل البيت ، وثلث يتصدق به ، وثلث يهديه .
- ملخص ماسلف :
١- الأضحية شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام سنة الخليلين أبينا إبراهيم ، ونبينا محمد عليهما الصلاة والسلام .
٢- الأضحية سنه مؤكده عند جمهور العلماء . بخلاف الشيعة ، ومستحبة عند الزيدية . الأحناف واجبة على القادر الموسر ، وهو أختيار شيخ الإسلام أبن تيمية يرحمه الله ، ومحمد بن الحسن سنه غير مرخص بتركها ، وعلى هذا القول تكون قريبة من الوجوب ، واجبة على المسلم القادر قول قوي ، وأحذ الأقوال القوية بين علماء وائمة الإسلام هو الأكد.
٣- ذبح الأضحية في المنزل وأمام الأسرة هو الأولى والأكد حتى تظهر الشعيرة ويعلم بها ، وهذا من السنة ، وأعطى قيمة الأضحية لمؤسسات لذبحها خلاف السنة ، ومخالفة مقاصد الأضحية والسنة .
٤- للمضحي ان يختار الأضحية حسنة سمينة ، مصداق لقوله تعالى( ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) وجاء عن ابن عباس رضى الله عنهما تعظيم شعائر الله استحسانها واستسمانها .
٥- التصدق والاهداء منها لإدخال السرور على الأقرباء والمجاورين ، وغير المسلم المجاور ، وعابر السبيل يهداء إليه من أجل إظهار محاسن الإسلام .
المصادر :
- تفسير أبن كثير.
- القرطبي تفسير الجامع .
- المغني لأبن قدامة المقدسي .
- مجموع فتاوي أبن تيمية شيخ الإسلام.
- الماوردي :الحاوي الكبير .
- آراء وأقوال شيّخ السلفية الأمام المجدد/ محمد بن عبدالوهاب .
ياسادة هذا ملخص الأضحية نسأل الله لكم ولنا القبول وتقبل الله من الجميع أضحياتكم ، وكل عام وأنتم بخير .
دام عزك ياوطن ودامت القيادة ، ودام سلمانها قبطانها سلمان الحزم والتصحيح خادم الحرمين الشريفين نجل المؤسس الأول وحفيد الامام يرحمهما الله ، ودام نجله ولي العهد محمد العزم مهندس الرؤية ٢٠٣٠ ومجفف منابع الارهاب ، ومصادر الفساد .
بقلم/ خالد بن حسن الرويس
- تأييدٌ من “العُليا” تلاه “أمرٌ ملكي”.. المدينة المنوّرة تشهد تنفيذ حُكم القتل تعزيراً بمهرّبة “الكوكايين”
- وزير التجارة يعتمد اللائحة التنفيذية لنظام “المواصفات والجودة السعودية”
- «الإرشاد الزراعي» تحذر مربي الإبل من الأعلاف الملوثة
- هيئة تطوير محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية تقيم مبادرة لزراعة 6500 شتلة بمنطقة الجوف
- أمانة القصيم تنفذ أكثر من 97 ألف جولة رقابية لتعزيز الامتثال
- طقس السبت.. أمطار رعدية ورياح نشطة على عدة مناطق
- الزبيدي في الرياض : حضور سياسي يعزز مكانة المجلس الانتقالي الجنوبي على الساحة الإقليمية والدولية
- إمام المسجد النبوي: الإيمان العميق وحسن الظن بالله هما السر الكامن في ثبات الأمة
- متحدث «الأرصاد»: أمطار غزيرة ورياح نشطة على المملكة قبل دخول الشتاء
- تؤكد التزام المملكة وجهودها في مجال الاستدامة بالقطاع السياحي
- بلدية الخبراء تطرح ثلاث فرص استثمارية
- 5 ضربات ناجحة.. “الزكاة” تتصدَّى لتهريب 313,906 حبوب “كبتاجون” في الحديثة
- خطيب المسجد الحرام الشيخ عبد الرحمن السديس: لا تنجرفوا بأخلاقكم نحو مادية العصر واجعلوا الاحترام أساس علاقاتكم
- الاتحاد الدنماركي لكرة القدم يدعم استضافة المملكة مونديال 2034
- “تفاصيل الغياب” تبهر الجمهور وتثير الإعجاب في جدة
خالد بن حسن الرويس
-الأضحية-
11/06/2024 3:42 م
خالد بن حسن الرويس
0
1083676
(0)(1)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3605294/