الأسرة مكان يتم فيه تطوير اتجاهات ومواقف إيجابية نحو البيئة . فالأسرة هي المكان الأول الذي أصبحنا فيه على معرفة بالعالم من حولنا .
وتشير الدراسات إلى أن الاهتمام بالبيئة تحدده نوعية وتكرار اتصال الطفل بالطبيعة، وأنّ الأنماط الاستهلاكية متأصلة في العادات والتقاليد الثقافية، والعديد منها يتشكل في مرحلة الطفولة .
إنّ قيماً ومعايير أولية اكتسبت إما باتجاه بيئة معادية أو باتجاه بيئة غنية والتي قد نفهمها إما باحترام أو فقط باستهلاك ونفايات .
فحتى ظهور نظرية الاستهلاكية الخضراء كان التفضيل الشخصي والنوعية وقابلية الاستمرار والأداء والقيّم المادية تحدد السلع التي كان الناس يشترونها .
إن الأسرة المستهلكة في المجتمعات الثرية ربحت من أسعار السوق أقل كثيراً من التكلفة الحقيقية للإنتاج . ولذا، اعترفت كثير من الأسر بوجود نوعين من التبادلية بين القيم الاقتصادية والقيم البيئية .
وعليه، فإن منظمات المستهلكين ينبغي أن تروج مبدأ "امتنع لتتمتع بالحماية" من خلال تعليم المستهلكين كيفية اختيار المنتجات الخضراء، ومقدار حاجتهم من السلع والخدمات الضرورية .
كما أن منظمات المستهلكين المؤسسة أصلاً لتوجيه المستهلكين في الدول المتقدمة نحو الشراء الأفضل والأكثر أماناً وكذلك لحمايتهم من سوء المعاملة ينبغي أن تدخل البعد البيئي في أعمالها .
وبالفعل فإن بعض هذه المنظمات بدأ بفحص الأثر البيئى للمنتجات . فالمنظمة الهولندية للاستهلاك تقيم السلامة البيئية للمنتجات لأجل التصنيف الدقيق واستخدام الطاقة والماء والمواد المنبعثة والضجيج والتعبئة والتجميع والمقاييس . ومنظمة الاستهلاك الألمانية تنشر صفحة خضراء في مجلتها لتبرز التطورات الأحدث، كما تنشر صوراً للتغليف المميز ولتغليف النفايات .
بـَـيْدَ أن جهود منظمات الاستهلاك والبيئة في الدول النامية محدودة جداً وتواجه صعوبات وعوائق سياسية واقتصادية وإدارية تضعف من برامجها ومشروعاتها واستراتيجياتها .
إن دراسات عديدة تؤكد على أنه من الممكن أن يكون المستهلك رائداً في الاستهلاك القابل للنماء إذا تلقى دعماً في العملية التي بموجبها تتكون استحالة شراء منتجات ضارة بالبيئة .
بـَـيْدَ أن تطبيق آلية السوق لن يجعل مجتمع الاستهلاك القابل للنماء أكثر اقترابا . ومن هنا، فإنه يترتب على الحكومات أن تلعب دوراً منظماً داعماً . ذلك أن المعلومات الجديدة عن المشكلات البيئية الأكثر أهمية وعن كيفية استطاعة الأفراد المساعدة على حلها، حاسمة في تغيير سلوك المستهلك.
إن على نظرية الاستهلاكية الخضراء أن توضح إمكانات إيجادها فوارق قابلة للقياس . إذ عندما ترى غالبية الناس أعداداً كبيرة من السيارات ويفكرون أولاً بتلوث الهواء الذي تسببه لا بالوضع الاجتماعي الذي تمثله، فإن الأخلاقيات البيئية سيكون قد تم استيعابها من قبل أولئك الناس .
أ . د / زيد بن محمد الرماني ــــ المستشار الاقتصادي
وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية