في أعقاب قصف الطائرات الإسرائيلية لمبنى القنصلية الإيرانية في سوريا في الأول من أبريل، نيسان 2024 وما نتج عنه من مقتل أحد قادة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الايراني و سبعة عسكريين آخرين في الحرس الثوري، وما تلى هذا القصف من تهديد ايراني برد عسكري قوي لم يسفر حتى عن مقتل يهودي واحد أو يسبب خسائر فادحة في الممتلكات، فقد وصف البعض من المحليين السياسيين بأن شعار الرد على القصف الإسرائيلي ليس إلا مسرحية هزلية تم التفاهم حولها مسبقا بين الجانبين على دور البطولة الوهمية فيها لذر الرماد في عيون الرأي العام المحلي والإقليمي الذي كان يعتقد أن ايران سوف تثأر لقتلاها على الأقل بما تمتلكه من مسيرات و صواريخ باليستية سقط بعضها في اماكن صحراوية و تم إسقاط ما تبقى منها قبل الوصول لأهدافها.
وفي غضون الهجوم الإيراني ذكرت وسائل اعلام اسرائيلية أن إسرائيل قرّرت الرد على اطلاق المسيرات الايرانية ولكن بحكمة و في وقت مناسب بما يضمن كذلك ذر الرّماد في عيون الرأي العام الإقليمي, وبالتالي نستنتج أن ما حدث بين الطرفين ليس إلا فيلما هندياً و مونتاجاً خيالياً كان حزب الله الموالي لإيران استخدمه خلال قصفه المتواصل لأحد أعمدة الكهرباء بالقرب من الحدود مع لبنان، وهو القصف الذي يعكس مدى التفاهمات والطبخات بين ما يسمى بمحور المقاومة و إسرائيل من ناحية وبين هذا المحور و أمريكا من ناحية أخرى.
من كل هذه التفاهمات والشعارات القومية البرّاقة نفهم أن محور المقاومة يتحالف ويتفاهم ويتعاون مع الشيطان الأكبر كما يسمونه و أيضا مع إسرائيل، ليس ضد الشعب الفلسطيني فحسب و إنما ضد الدول العربية بشكل عام من خلال أذرعه الأربعة في لبنان والعراق واليمن وسوريا بدليل أن الولايات المتحدة الامريكية تدعم إسرائيل علنا و أن ايران لم تشأ أن يحدث جرّاء هجومها الصوري على إسرائيل أية خسائر في الممتلكات والأرواح، و أن حزب الله يكتفي فقط بقصف عمود الكهرباء لإيهام الرأي العام العربي بأنه يناصر و يساند أهل غزة ضد قوى الشر والعدوان، و أن الحوثيين يقصفون الدلافين والأسماك في أعماق البحر الأحمر ويزعمون أنهم يقصفون البواخر والسفن الامريكية والبريطانية المتجهة لإسرائيل عبر خليج عدن والبحر الأحمر.
كنت اسمع عن حرب الأيام الستة و حرب تموز 2006 و حرب الثمان سنوات و حرب البسوس التي دامت اربعين سنة والحروب العالمية الأخرى لكنني لم أسمع قط عن حربٍ تبدأ وتنتهي في يومٍ واحد، الأمر الذي يثير الشكوك و يجعل الإنسان يتساءل عن سبب انتهاء الحرب بهذه السرعة إن لم يكن تم الاتفاق مسبقاً بين ما يسمى بمحور المقاومة و اسرائيل على بداية و نهاية المبارزة الودّية بين اسرائيل و إيران التي ما فتئت تهدد مصالح امريكا و تتوعد إسرائيل بزوالها من الخارطة إذا ما أقدمت على تهديد الأمن القومي الايراني أو تهديد منشآتها الديبلوماسية و فصائلها الثورية و أذرعها العسكرية في المنطقة العربية.
من كل هذه المعطيات نفهم أن إيران ترفع شعار الموت لأمريكا واسرائيل في حين تتحالف معهما من تحت الطاولة لأجل تحقيق مصالح متبادلة ومكاسب اقتصادية و جيوسياسية تضمن لإيران رفع مستوى تخصيب اليورانيوم وغض الطرف الأمريكي عن التمدد والتوسع والتغلغل الايراني في المنطقة العربية من الخليج الى المحيط، وفي ذات الوقت تلتزم ايران بالصمت والحياد ازاء الأحداث في غزة و ازاء التواجد الأمريكي عسكريا تحت مظلة سيادة اسرائيل و حقها في الوجود وحقها في الدفاع عن حدودها المزعومة وحماية أمنها القومي من أي تهديد خارجي.
لقد تكشّفت خيوط هذه المؤامرات السياسية والأفلام السينمائية بين ايران و إسرائيل وبعض الدول الغربية ولم يعد لها أي جدوى في اقناع الرأي العام العربي و العالمي بمصداقية المواقف المعلنة و خلفية الشعارات المضحكة، ذلك ان ما يحدث في المنطقة العربية من ثورات و صراعات و أزمات انما تقف خلفه هذه الدول جميعها من خلال أذرعها في المنطقة العربية ومن خلال حلفاءها في إسرائيل و وكلاءها في اوكرانيا وما جاورها على حدود أوروبا الشرقية كما ذكرت سابقا في مقالات كثيرة عن الحروب في العالم.
رسم الغزاة لنا خريطة الشرق الجديد ** والعاملون عليها شعــارهم هو التغيير
من ليبيا لـلشـــــام فالعـــراق و اليمن ** حرائق أَوقَدهَا الشيطان و إبنه الصغير