منذ الصغر وفي وقت مبكر جداً، اعتادت أذنينا أن تُصغي وأعيُننا أن تشاهد وألسنتنا أن تنطِق الكثير من المقولات والحكم الشائعة مثل المقولة اللاتينية الشهيرة " العقل السليم في الجسم السليم" وغيرها من المعلومات والحكم والعبر التي تضج بها المدراس ويتسابق عليها طلاب المرحلة الابتدائية بالإذاعات المدرسية، ولا تخلو حصة نشاط أو مبادرة مدرسية من ذكر الجانب الصحي ولا ننسى الدور الأسري في تعزيز هذا الجانب والنشاط الإعلامي الكبير بما يعرضه من نشرات وحملات وبرامج ثقافية جمّة. بمناسبة هذا الطرح أود ان أطلق عليها بالقيمة الجوهرية التي محال أن تنطفئ أو تندثر أو أن يحل محلها قيمة دخيلة أو يمحوها ويشوبها شيءٌ من الشكِ والريبة، القيمة التي حافظ عليها الإنسان سنين طوال واجتهد فيها لكي يقطف ثمارها اليانعة بعد نصب وكد في خضم هذه الحياة وبعد عقود طويلة سادها تغيرات في الزمان والمكان والعادات والاعتقادات، يبقى الهدف واضح وبيّن وهي الصحة.
منذ سنة التقيت بصديقة لي متخصصة في مجال التغذية العلاجية وكانت تتحدث بطلاقة عن النمط الصحي وعلاقته الوطيدة بالحياة المهنية والاجتماعية أبحرت في هذا المجال المتشعب لما فيه من دراسات علمية وتجارب اجتماعية بحته على النطاقي المحلي والعالمي. شدني شغفها وحبها للمجال بشكل جعلني لا أسأم ولا لدقيقة واحدة. بهذا الخصوص أبديت وجهة نظري لها في ظل ما نعيشه من نهضة ونماء نعتز به وهو ما يعكس ارتفاع الوعي لدى المجتمع باتباع نمط صحي متكامل فنلحظ ما تشهده النوادي الرياضية وما تعج بهِ مراكز الحمية الغذائية من وجبات وخدمات متطورة لا سيما من فئة الشباب، وافقتني رأيي وعقبت على حديثي حول فئة الشباب وما يعيشونه من زخم عالي حول هذا المجال فأصبح الكثير منهم يتجهون إلى الحلول السريعة بدلاً من اتباع خطة صحية طويلة المدى تضمن العيش بكفاءة عالية، أردفت بكونها متخصصة في مجال التغذية العلاجية ترى أن لكل شخص حرية الاختيار فيما يراه مناسباً لهُ سواءً باعتماد العمليات الجراحية أو الإبر والتقنيات المتقدمة الحديثة في هذا المجال أو اتباع نمط صحي على الأمد الطويل فكليهما نحصل على نتائج واحده باختلاف الأساليب وتطور الطب العلاجي في مجال التغذية، لما أل إليه أن نُنافس الدول المتقدمة لما نقدمه من مزايا تنافسية يُشاد بها. ولكن ما يزعجني كوني أخصائية فقد يكون الالتزام عائق لدى البعض من هذه الفئة وليس الكل فنحن بطبيعتنا البشرية ننبهر بالنتائج الأولى ويأخذنا الحماس إلى اعتماد النتائج الأولى والتراخي في الممارسة والاتباع.
شدني الحديث معها حول الالتزام فعلاً فهو عادة قرينة مع كثير من القيم الإنسانية التي نتبناها ونعيش فيها، فقيمة العمل بالجد والاجتهاد والصداقة بالوصل والإحسان والتعلم بالممارسة وأيضاً الصحة بالالتزام بالعادات والممارسات الصحية المتكاملة في حياة الفرد.
أخذني الحديث معها إلى نهاية المطاف بنصيحتها اللطيفة لي كوننا نعيش في حقبة مليئة بالأعمال اليومية اللامتناهية التي بدت تسطو على حياتنا الصحية ختمت ذلك " لا تنسي أنها قيمة غالية من الله تدوم بالشكر والالتزام والعمل" .
*نوف التيهاني*