اروقة المحاكم ، وما يدور فيها بين الازواج . تغوص بمشكلات الازواج ، وإشكالياتها القضائية ، والجنوح غير المطلوب . لا حدس كثرة الطلاق والعنوسه أكثر ما يزعج المجتمع وأسره ، وهو ما يهم المجتمع المحلي فالطلاق والعنوسة صنوان واحد . ظاهرة محسوسة بالمجتمع المحلي . تمور باشكاليات اجتماعية معقدة . تعزو إلى عوامل عدة رئيسية وثانوية داخلية وخارجية في إطار الأسرة ، ومحيط المجتمع بكل اطيافه وشرائحه . هاتان الظاهرتان تعد وجهي عملة واحدة ، ومنغصات المجتمع وبثوره مغافص يتأتى منهما تفكيك الأسرة، وتشرذم المجتمع من خلال ظاهرة العنوسة والطلاق وتزايدها دون دراسة عميقة ومعمقة لتشخيص الاسباب والمسببات لتلك المشكلات ، وايجاد الحلول ، ولاشك عقول المجتمع غير عاجزة في ايجاد الحلول ، ولا شك انها جروح تضعف الاسرة ، وتقطع أوصال المجتمع ، وما يصاحبها من مخفسانية الدعاوي بين الطرفين . ولا حدس الزائر والمراجع لمقر المحاكم يصدمه بما يشاهده داخل كواليس واروقة ومكاتب المحاكم عداوة دعوى الطرفين أو أكثر بينما يكون في الأصل مودة ورحمة وسكن بينهما ، ويتطلب منهما التقوى ، والتعاون في وجوه البر . يتنازعان في أموال أو أولاد بين النفقة والحضانة . المشاهدات في المحكمة تفزع الحليم . بنات بأعمار الزهور يتبخترن بين اروقة المحاكم ، ومكاتب القضاة . هذه تستلم النفقة ، وتلك تحمل ملف مطالبة النفقة أو الحضانة ، وأخرى تتهم الزوج ، ولا يقل عنها الزوج يتهم زوجته ، وبينهن المحامي يتسحب حقيبته السوداء ( محفظة الأوراق والمستندات ) ، وأخرى تطلب ضم صغيرها ، وواحدة تطالب بحبس طليقها لعدم دفعه النفقة .
كل بنت خلفها محامي يركض معها للإيقاع بمن كان يوماً شريك حياتها أو بما كان يوماً شريكت حياته بخلاف المحامين المخلصين الشرفاء الأفاضل الحريصين على تماسك الأسرة ، وعدم تصدع المجتمع لا يرفع الدعوى إلا بعد نفاذ المساعي قبل رفع الدعوى للمحكمة بالوعظ أولاً ، ومسار الصلح ثانياً ، والتحذير من مغبة رفع الدعوى والتقاضي .
صالة الانتظار هنا وهناك تزدحم عدد كبير من النساء أضعاف عدد الرجال مزدحمة ، وجوه تحمل ملامحها الكثير من الكيد ، والإرهاق والتعب ، والاسى بين الطرفين . يطوي في طرفيها الضرر ان لم يكن العطب والعلة مبصرة من دقق النظر .
أطفال وأخوة سيفترقون ويتركون لرحمة الأيام وأنياب الزمن يضرسها ، وياطئهابمنسم . هناك أم تحاول استرجاع قلبها بعد أن قام طليقها بتسفيرها خارج البلاد دون رحمة ، ومن جانب اخر رجل سيتحمل فراق أولاده ، والذهاب لمشاهدتهم ان يتيسر له ذلك ، واخر في دور رعاية يبحث عنهم لعاطفة الأبوة .
رجل يبكي ويحضر مشروحات راتبه يفيد بأن المتبقي لا يكفيه بلاؤه عظيم . تسمع صراخ رجل من ولعة ماوقع عليه " السجن ارحم" عاجز عن الصرف " العين بصيرة واليد قصيرة " غير قادر اصرف عليهم .
فتاة تسعى ما وسعها المسعى إلى الطلاق غير مدركة عواقب تصرفها ، وتقف امام بصر زوجها بدون حياء ، ولا استحياء ، ولا خجل بصحبة المحامي أو ابيها أو امها أو أخوها . متناسية ما إنكشف بينهما دون ساتر .
واخرى صارخة باكية سقطت قضيتها لانها لا تجد قيمة تكاليف المحاماة ، ولا التكاليف القضائية ، ولا تملك قيمة المجيء إلى المحكمة تخلى عنها مخببوها تقول: " والله ما كان معي اجرة التاكسي ، وما اقدر ادفع رسوم تجديد القضية "
ترمق بنت تحمل صغيرها الذي لم يتجاوز عمره العام يصرخ من الحر وغلبة ضوضاء اروقة المحكمة المكتضه بالخصوم والتخاصم ، وربما جوعاً أو عطشاً أو تعرقاً أو اعتراضاً ان المحكمة ليست مكانه الطبيعي ، ولا يعلم ان مستلزماته من الحليب والفوط سيتم تأمينها بعد أن يلقي التنفيذ القضائي القبض على والده الذي تخلف عن دفع نفقته لضيق ذات اليد . تشاهد رجلاً وامرأةً تجاوز عمر زواجهما ثلاثين عاما ، ولديهم عشرات من الأحفاد ، وتطالب الطلاق والافتداء أو الخلع لتتفرغ لنفسها حسب دعواها وتتنفس في المقاهي والمطاعم مع نظيراتها ، وغير ذلك من الصور الكثير الكثير . من أوصلنا إلى هذا الحد ، وإلى هذه المرحلة ؟ بعد أن كان كبير الأسرة قادر على حل الخلافات الأسرية في العائلة .
بعد ان كان كبير العائلة له كلمته وحكمه ، وهيبته ، وما كانت الام تستطيع أن تقول:" اتركيه وسأزوجك أحسن منه " كأن الازواج داخل جيبها ، وفي مخباتها ، ومتناول يدها ، وأم تقول لأبنها:
"عذبها وجرجرها بالمحاكم وأنا أجوزك أحسن منها "
( ألا يَظُنُّ أُولَئِكَ أنَّهم مَبْعُوثُون لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ) سورة المطففين آية/ ٤
وقوله تعالى: (يَوْمَ يَقُومُ النّاسُ لِرَبِّ العالَمِينَ﴾ سورة المطففين آية/ ٦
اتقوا الله ما استطعتم في أولادكم ، وفتياتكم .. اتقوا الله في ازواج فتياتكم ..اتقوا الله في أنفسكم .. أتقوا الله في المجتمع في كل شئ . الظلم عواقبه وخيمة
ايها الأب
ايها الزوج
ايتها الزوجة
ايتها الأم
اهتموا بغرس القيم النبيلة في أولادكم وغرس بذور العدل ، وحب الانصاف ، وقول الحق .
المطلوب غرس قيمة توقير الكبير ، وتحشيمه ، واحترام قوله . يتطلب الوازع الديني ، و تربية الجيل ثروة المسقبل وحماة الدين والوطن على تقدير الحياة الزوجية ، والصبر على متاعبها ، وتحمل ما تفرزه من إشكالات ، وجمال التمسك بالدين والأخلاق ولحمة المجتمع . الحرص على حل الخلافات بينهم ، ولا تجعلوا المحاكم حلاً للخلافات ، وسبباً لتكبير الفجوة ، وتوسع الخلاف ، ومكاتب المحاماة ذريعةً الانتقام والتخويف إلا ما رحم الله .
اللهم أصلح الأحوال ، وتولى امرنا بما تحب وترضى . دام عزك ياوطن ، ودام سلمانها سلمان الحزم خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين محمد العزم مهندس الرؤية الوطنية ، ومجفف منابع الارهاب والفساد .