----------------
لا يكاد مُجتمع على مستوى العالم يخلوا البتة من السلوك الاستغلالي بطريقة أو بأخرى، وهو يعني في المُعجم اللغوية، الانتفاع بشيء، ما بطريقة لا أخلاقية، وفي المصطلح القانوني، الطيش أو الهوى الجامح، لدفع شخص إلى ابرام عقد، يتحمل بمقتضاه التزامات لا تتكافأ مع العوض المقابل دفعه، فيما يعني في الفكر الماركسي، الانتفاع الرأسمالي بجهد وعرق أناس آخرين، وله أضرار كبير على العباد والبلاد، لكونه جزءً لا يتجزأ من منظومة الفساد الذي نهي عنه الإسلام بقول الله تعالى ( ولا تبغ الفساد في الأرض إنً الله لا يحب المفسدين ) وله أنواع ومنها (1) استغلال مالي كحصول شخص على مبالغ مالية من شخص آخر أو جهة رسمية دون وجه حق مشروع (2) استغلال عاطفي ويتم من خلال علاقة متبادلة بين شخصين غير متكافئين في مشاعرهما، كما يفعله بعض الأزواج مع زوجاتهم ممن يوصفن بالطيبة والثقة الزائدة، فيندفعون من منطلقه بنهب ما يشاؤون من أموالهن لصالحهم (3) استغلال فكري، ويحصل وقتما يأخذ باحث معلومات نصية من كتاب مُعين أو تجربة ثرية أو ابتكار دون الإشارة لصاحبه كأمانة علمية(4) استغلال تسلطي، كقيام مدير بتكليف موظف أو أكثر للقيام بأعمال خارج الدوام دون مُقابل، أو لأجل تحقيق منافع شخصية(5) استغلال استعماري، ويحدث حينما تقوم دولة مُستعمرة باستغلال موارد طبيعية لدولة أخرى احتلتها بينما مواطنوها لا يستفيدون منها شيئاً (6) الالحاح والاحراج، لأجل الحصول على مال من لدن شخص آخر باستخدام عبارات مؤثرة أو مخجلة مثل أنت راعي نخوة، أو لم نعهد فيك البُخل، حتى إذا ما تم هذ الطلب بات المُستغل بفتح الغين رهين المماطلة أو التجاهل (7) التبرير غير المنطقي، ويتجلى حينما يقوم مُقدم خدمة بتضخيم الجهود التي سيبذلها لإنجاز معاملة لشخص آخر، للنيل من مبالغ مالية كبيرة، بينما هي في الواقع لا تستحق ذلك. أما بالنسبة لمُسببات الاستغلال، فتتلخص في الطيبة الزائدة وضعف الشخصية، والسماحة وحسن النية وعدم توقع المُستغل بفتح الغين احتيال وخديعة المُستغل بكسر الغين لثقته العمياء به، ولتجاوز هذه السلوكيات غير الخلاقة ينبغي اتباع ما يلي (1) عدم التجاوب لطلبات أي مُستغل بكسر الغين إلا بعد التمكن من معرفته التامة، وبموجب أوراق رسمية، وتحاشي التحدث معه كثيراً، أو تزويده بالتفاصيل الشخصية أو التظاهر أمامه بالضعف والاستكانة والمرونة (2) ألاّ ينخدع المُستغل بفتح الغين بتدين المُستغل بكسر الغين ولا بكلامه المعسول وبوعوده الكاذبة وأن لا تتم الموافقة على طلبه أو مساعدته مشافهة وإنما مكتوبة وموثقة (4) الاعتذار والرفض التام لمجرد الشعور بالاستغلال(5) تربية الأبناء على القيم والأخلاق السامية التي تُرسخ فيهم الاعتماد على أنفسهم وتحمل المسئولية والمقدرة على التمييز بين ما يضرهم وينفعهم وتحذيرهم من مصاحبة رفقاء السوء وممن ينتهجون هذا السلوك البغيض بشتى أنواعه وصوره، فالاستغلال لا شك أنه سلوك بغيض وداء خطير ويتصاهر مع مؤطرات الطمع والجشع والكذب والغش والخيانة والنصب والاحتيال وتنقيص الميزان والمكيال، والذي من مظاهره أكل مال اليتيم وسرقة المال العام سواءً امتلاك أراضي في أماكن استراتيجية، أو عن طريق شراء مستلزمات لجهاز حكومي بفواتير مزورة أو احتساب أيام خارج الدوام غير ضرورية، أو احتكار سلع ذات أهمية قصوى وبيعها في موسم الغلاء لجني أرباح مرتفعة، وبالتالي ما أشبه المستغل بماء البحر كلما شرب منه الإنسان أزداد عطشاً، وأن من يحرص على جمع المال ويكتنزه عادة ما يكتنفه الهم والغم والجزع، لانتزاع البركة منه بدلاً من الطمأنينة وسلامة القلب وعزة النفس، فأحد المُحامين، بعدما وافق على حضور جلسة واحدة نيابة عن صاحب قضية بمبلغ مُعين، تفاجئ هذا الأخير بمطالبته بمبلغ أضافي بعد انقضاء تلك الجلسة مُبرراً هذا المحامي بأنه قال له مُسبقاً ما يهمك بينما يقصد صاحب القضية بأنه سيدفع له المبلغ الذي سيطلبه في حالة عقد جلسات جديدة على غرار الجلسة الأولى، فيما قام شخص آخر بدفع مبلغ كبير لمحامي آخر في قضية أتهام بسرقة، ولأن المُدعى عليه لم يحضر الجلسة القضائية، فقد اعتبر هذا المحامي بأن دوره قد أنتهى عند هذا الحد، وعلى صاحب القضية أن يدفع مبلغ مماثل في حالة عقد جلسة ثانية، وهذا ما لم يوافق عليه المدعي ليخرج حينئذ بلا فائدة، وهناك الكثير من مثل هذه المواقف الاستغلالية المؤسفة من قبل بعض مكاتب الاستقدام لا سيما عند نقل الكفالة واخفاء عيوب خادمات لديهم، وكذلك حينما يطالب بعض الأطباء مرضاهم بعمل تحاليل وأشعة غير تلك التي عملوها في أمكنة أخرى بحجة عدم ثقتهم بنتائجها على الرغم من حداثتها. أما أحد مراكز طب الاسنان فقد طالبوا شخصاً يشكوا اسنانه، بدفع ما يزيد على مائة ألف ريال على حد قوله، وأن أكثر من شركة قامت بفصل موظفين لديها، لأنهم لم يدروا عليها مبالغ مالية طائلة بأي طريقة كانت، متجاهلين بأن فعلهم هذا يُعد حراماً وأن ما بُني على السحت فالنار أولى به قال أحد الشعراء في هذا الصدد( وأكرمُ النَّاسِ مَا بَينَ الوَرَى رَجلٌ * تُقضَى على يدهِ للنَّاسِ حَاجات * لا تَقْطَعَنَّ يَدَ المَعرُوفِ عَن أحدٍ * مَا دُمتَ تُقدِرُ، فالأيامُ تارات) ولكون الاستغلال بات مُستشرياُ في بعض جهات القطاع الخاص في الآونة الأخيرة، فأنه لمن الضرورة بمكان تقويضه أو القضاء عليه بالكلية وهو الأسلم لخدمة الجميع على تراب هذا الوطن المعطاء، والذي ينعم بالأمن والاستقرار ورغد العيش والشموخ، في ظل قيادتنا الرشيدة المُباركة، والتي جعلت من المواطن محور، اهتمامها الأول داخلياً وخارجياً أدام الله عزها، والله من وراء القصد.
---------
بقلم عبد الفتاح أحمد الريس
- عقد الاجتماع الأول لسفراء برنامج مدينة ضرية الصحية
- “أمانة حفرالباطن” تنفذ جولة مشتركة بالتعاون مع هيئة الزكاة والضريبة والجمارك ووزارة التجارة
- فرق التطوع بهيئة “الهلال الأحمر ” تستجيب خلال دقيقة و47 ثانية لإنقاذ معتمر باكستاني في ساحات المسجد النبوي
- الأهلي يواصل عزف لحن الانتصار .. ويعبر محطة العروبة
- بعد تدخل الوسطاء.. إسرائيل تتراجع وتحدد موعد إطلاق الأسرى الفلسطينيين
- السلطات الأمريكية: لا ناجين من حادثة تصادم الطائرات
- النصر يتوصل لاتفاق مع الكولومبي جون دوران لضمه من أستون فيلا
- القيادة تهنئ أحمد الشرع برئاسة الجمهورية العربية السورية في المرحلة الانتقالية
- سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى 12415.49 نقطة
- الجيش السوداني يطلق عملية لتحرير مدينة بحري
- ضبط استراحة مخالفة استغلت للغش في أسماء وعلامات تجارية لشركة دواجن وهمية
- تحديث أمني لـ”أندرويد” و”جوجل بلاي” يؤدي إلى حظر 2.3 مليون تطبيق
- “هيئة الأمن السيبراني” تطلق المرحلة الثانية من برنامج الابتعاث الخارجي للدراسات العليا
- وزارة التجارة تتيح إصدار تراخيص تخفيضات رمضان وعيد الفطر إلكترونيًا
- مركز التنمية الاجتماعية بمنطقة حائل يفعّل برنامج “مهارات قوة الشخصية والثقة بالنفس”
المقالات > #المقالات, أضواء الوطن, مقالات عبدالفتاح بن أحمد الريس > الاستغلال.. سلوك مُخزي وماحق للبركة
عبد الفتاح أحمد الريس
الاستغلال.. سلوك مُخزي وماحق للبركة
16/03/2024 2:56 م
عبد الفتاح أحمد الريس
0
960508
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3593555/