سته على سته - ٨١ -
عام ( ١٣٧٧ - ١٩٥٧م ) أفصحت الارادة الملكية السعودية كعادتها في مد الايادي البيضاء للاشقاء العرب ، وغير العرب لاسيما الفلسطينيين تعاطفاً وتعاوناً معهم ومع أسرهم كعادتها في مناصرة القضية الفلسطينية بكل صور المناصرة ، وأرادت سد فجوة حاجة الأسر الفلسطينية بغزة مما تعاني من الفاقة والعوز ، وقلة الحيلة ، واتساع رقعة الحاجة على اثر الاحتلال الغاشم الصهيوني لوطنهم وأرضهم ، وانقطاع أسباب العمل ، ومصادر الارتزاق ، فاراد الملك/ سعود يرحمه الله مساعدة تلك الأسر الفلسطينية من خلال استقدام معلمي فلسطينين للمملكة . تم التعاقد مع أكثر من ١٠٠٠ مدرساً من قطاع غزة للعمل في المملكة العربية السعودية في حقل التعليم ، وكان في ذلك الوقت " خليل الوزير " يعمل في المكتب السعودي في القاهرة ، وهذا المكتب يديره الاستاذ (ناصر المنقور يرحمه الله )كلف الاستاذ خليل الوزير بالسفر معهم والاشراف على توزيعهم من قبل الوزارة على عدة مناطق تعليمية في المملكة ، وتم توزيع حوالي ٥٨٠ مدرساً بالعمل بمدارس ضواحي المدن ، و٤٢٠ مدرساً بالعمل بنواحي نائية .
لا حدس كان من بين هؤلاء المدرسين الشباب كل من الأخوة أحمد وافي ( مدار الموضوع وناكر النعمة )وسعيد المزين ، وغالب الوزير ، وخليل الوزير على رأس هذه المجموعة . كلف من قبل ناصر المنقور .
هؤلاء الشباب ما ان استلموا أعمالهم تنكروا للاحسان ، وبدأت تربطهم علاقة مع خليل الوزير الذي كان شعلة من النشاط ، وكان وجوده حافز وتمهيد لبناء عمل وطني جديد مع هذه المجموعة في السعودية ،
وخلال الفترة القصيرة التي قضاها خليل الوزير معلماً من عام١٩٥٧م إلى عام١٩٥٨م حاول تأليف نواة تنظيمية من كل من أحمد وافي " الوزر الأكبر له بالمجموعة "وسعيد المزين ، وسعيد المسحال ، وعبد الفتاح حمود . تدارسوا وضع تنظيم فلسطيني مقاوم .
كان أحمد وافي له السبق في تأسيس الخلايا التنظيمية ألأولى لحركة فتح بالسعودية بخلاف ما استقدموا من أجله ، وبعض هذه المجموعات بعدت تمام البعد عن السلوك التربوي ، ولاحظت إدارات تعليم المناطق والنواحي تسرب تربوي " الفاقد التربوي " لاسيما مدارس النواحي النائية ، وبمعرفة اسباب التسرب التربوي من خلال الرصد التربوي ثبت مما لا مجال فيه تنفير التلاميذ من المدرسة باساليب عدة في طليعتها القدح والتحقير والإستهزاء . تأبى كرامة التلاميذ هذا الأسلوب ان تستمر وتنتظم في صفوف التعليم ، ورصدت ايضاً الضرب المبرح غير التربوي ، والتخويف مخالف لائحة التعليم " وزارة المعارف حين ذاك "هذه المخالفات تدل دلالة قاطعة ما تحمله أنفس هؤلاء خلاف ما استقدموا من أجله . لا ذنب للتلاميذ فيه . أنحراف عما ينبغي منهم ، ومخالفة المطلوب كمدرسين تعليم ، وتشريب التلاميذ قيم المجتمع ، والسلوك القويم . وفق منهج معتمد رسمياً . وأظهرت اجهزة الرصد اتصالاتهم بأشخاص وأفراد من خلال مواقعهم وتواجدهم بتلويث أفكار من أتصلوا بهم ، وبث افكار تشوبها شائبه ، وتأيد الافكار الناصرية رغم نصح المواطنين لهم بالابتعاد عن مواطن الريبة ، وهذه الأفكار المشبوهة غير المقبولة .
وقد اُبعد أحمد وافي من السعودية ، وثلة من جنسه إلى قطاع غزة بسبب النشاط السياسي . اما البعض رأفة من الدولة بأسرهم أوفدوا للتدريس لبعض الدول العربية المجاورة ، والتي في حاجة للمدرسين ، تصرف مرتباتهم على حساب الدولة من قبل السعودية .
وقد لاحظت الجهات المعنبة نشاطاتهم وتوجهاتهم المريبة ، وايضاً بعض المواطنين لاسيما أولياء أمور التلاميذ لاحضوا نشاط هذه الخلايا وتأييدهم لثورة اليمن ، والغارات الجوية للطيران المصري على المدن الجنوبية للمملكة في ذلك الوقت ، ومنها غارة الطائرات على القوات السعودية المرابطة بالقنع شمال وادي حلى ، وتصدت لها المدافع الوطنية ، ولم تحقق أهدافها . كما رصد لأحد هؤلاء مخابرته لجهات معادية من فوق اسطح أحد المباني المستأجرة من قبلهم ماكان ينبغي منه ذلك ، ووفق القاعدة الشعبية " ياغريب كون أديب " ولم يتأدبوا مع الوطن الذي احتضنهم وامن لهم المعيشه والمأوى .
لقد كان السعودية حكومةً وشعباً التأييد للقضية الفلسطينية مشروع وطني تدعمه الدولة السعودية من خلال الدعم المالي الذي عرف في ذلك الوقت باسم (ريال تنقذ فلسطين) الذي كان مفروضاً على كل موظف مدني او عسكري تبرعاً فضلاً عن النساء تبرعن بغواشهن وزينتهن من الحلى إضافة إلى الشعارات التي كان يرددها الطلاب ، ومنها ( تحيى فلسطين حرة ابية ) في الطابور الصباحي .
بعد عودة الاستاذ أحمد وافي (ابو خليل ) إلى غزة سافر إلى الجزائر وهناك كان له شأن عظيم أصبح مندوباً لمنظمة التحرير الفلسطينية ، ومشرفاً على أعمالها في المغرب العربي وبعض دول أفريقيا التي بنت علاقات مع منظمة التحرير الفلسطينية ، فأصبح الرجل الثاني في المنظمة ، ومازال يحمل حقد دفين على السعودية حكومة وشعباً ويبث الكراهية للسعودية ومواطنيها بين مواطني دول بلاد المغرب ، وما جاورها من الدول الافريقية ما زال اثرها في نفوس مواطني تلك البلدان حتى تاريخه.
تعرض هذا " أبو خليل " لعدة اغتيالات واصابات نجى منها بقدرة الله ، ومنها طرود ملغومة ، وذلك بعد حادث الهجوم على الفرق الرياضية في ميونخ عام
١٩٧٢ م ، وأصيب إصابات نتج عنها ضعف في السمع والبصر ثم تماثل للشفاء .
واصل جهاده وكفاحه في خدمة القضية الفلسطينية سياسياً ، وعسكرياً ، واقتصادياً من خلال علاقاته بقادة دول المغرب العربي وأفريقيا ، وامريكا الجنوبية حتى حين وفاته في القاهرة بتاريخ 2013/5/12م ، وتكفلت السعودية بإجراءات جثمانه وقد عملت بإرسال جثمانه إلى مسقط راسه مدينة خان يونس حيث دفن بها . ندعو له بالرحمة ، وعفا الله عنه فيما بدر منه من إساءة ، فقد يعذر لان ذلك من زلات اللسان ، ولأن الحرمان من الأوطان أعظم من الحرمان من الوالدين ، وذلك انعكس على تصرفاته ، وتصرفات بعض الأخوة الفلسطينين نحو إخوانهم العرب ، وخاصة أبناء المملكه العربيه السعوديه الذين عاهدوا الله مع ولاة أمرهم على نصرة هذه القضية متناسين كل الاساءات ، ورمى لاسماع العالم حينما اراد البعض صلاة الغائب بالمسجد الاقصى على خادم الحرمين الشريفين الملك/ عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله ، وقفوا البعض لا جماعة المسجد صفاً واحداً لمنع صلاة الغائب عليه رغما اياديه البيضاء لهم ومن قبله اخوانه ملوك وخدام الحرمين الشريفين يرحمهم الله حتى عهد سلمان الحزم خادم الحرمين الشريفين وولي عهد الأمين محمد العزم قوافل الدعم والمعونة جسر ممد ومستمر واضح وبين للاعيان ، واثبتت السعودية مواقفها الجليلة مع أخوانها العرب ، والفلسطينين وقضيتهم بالأخص فضلاً عن قضايا الأمة الإسلامية ، ونلتمس لإخواننا الفلسطينيين العذر ، وفقدان الوطن ، والغربة عن الوطن .
حفظ الله بلادنا من كل سوء ومكروه ، ودام عزك ياوطن بالعز والنصر ، والتمكين ، ودامت رموزك وقيادتك ، وولاة أمرنا دوماً ، وزماناً ، ومكاناً.
بقلم/خالد بن حسن الرويس