أعلم أنَّ بعضاً منكم قد ذهب بخياله بعيدًا ، ربّما إلى (أسبانيا) مثلًا أو ( المكسيك) أو ظنَّ أنني سأحكي له شيئاً مما ذكَرهُ الروائي الأميركي (أرنست همنجواي) في كتابه (الموتُ في الظهيرة) أو قد أروي له بعضاً من أحداث روايته الشهيرة (ولا تزال الشمس تُشرق) ، كلاّ أيها السادة فليس بي حاجةٌ للذهاب بكم إلى هناك وإن كنت في نفس الوقت لا ألومكم إن ذهبتم إلى تلك الوجهة البعيدة (فالماتادور) في نهاية الأمر ليس إلاّ ذلك (المصارع الأسباني) الذي يجتمع مع (الثور) في تلك الساحة الكبيرة ليخوض معه (معركةً) غابت عنها (قوانين العدالة) ، الفائزُ فيها (معروفٌ سلفًا) والخاسر فيها دائماً هو ذلك (الثور المسكين) الذي يتم قتله بتلك الطريقة الوحشية (ليصفّقَ) بعدها (للماتادور) جمعٌ غفيرٌ فقدَ أخلاقه قبل أن يفقد إنسانيّته .!!
لن أُطيل عليكم أيها الأحبة وسأدخل معكم مباشرةً في صلب مقالي لهذا اليوم والذي خصّصته للحديث عن (ماتادورٍ آخر) اختار (ساحاتِ كرة القدم) كي يزاول فيها نشاطه بعيدًا عن أعين حقوق الإنسان و (الحيوان) ، نعم أيها السادة ، لقد وصل (الماتادور) إلى ساحات كرة القدم ولم يعد في حاجةٍ لأن يحضر إلى تلك الساحات أو أن يركبَ حِصانَه ويحمل معه (سِهامَه) ليقتل بها ضحيّته أمام الملأ ، لقد وجدَ (أسلحةً أخرى) لا ترونها بأعينكم لكنها أشدُّ فتكاً من تلك السهام التي يحملها مصارع الثيران ، أمّا (ضحاياه) وإن اختلفت صورهم وأشكالهم فإنَّ مصيرهم لن يختلف كثيرًا عن المصير الذي آلَ إليه ذلك (الثَّور) .!!
لم يبقَ لي في نهاية مقالي هذا سوى أن أهمس في أُذُن الثور وأقول : كُن كما أنت وكما عرفناك ، ذلك الفارس النبيل الذي أحببناه ، يكفيكَ (قَرنُكَ) الذي وهبكَ الله إيّاه ، تصارعُ به أقرانك من الخيول والعجول والبغال في معركة الرجال ، إفعل ذلك قدرَ ما استطعت بعيدًا عن أعينِ الماتادور ، وكُن على يقين ألاَّ شيئ يدوم ، وسيأتي اليوم الذي يختفي فيه ذلك (الماتادور) إلى غير رجعة .!!