يتقلب الليل والنهار ،وتتعاقب الفصول الأربعة، وتعاقب تلك الفصول فيها حكمة ربانية عجيبة،فنحن نغوص في هذه الحياة، و نغفل عن الآخرة فيأتي مشهد من مشاهد الآخرة في هذه الدنيا؛ لكي يقول لنا: قوموا كفاكم غفلةً ولهوًا ، وإذا بالحرّ الشديد في فصل الصيف ولهيبه يأتي لكي يذكرنا بحر جهنم ونتّعظ فنعود، ثم تمضي الأيام وإذا بالبرد الشديد القارس يذكرنا بالزمهرير،ثم يأتي الجو المعتدل الجميل واللطيف يذكرنا بالجنة ونعيمها،كما ذكر ذلك كله الشيخ صالح الفوزان- حفظه الله- وهذه من رحمة الله لنا بأن ذكرنا بعد الغفلة .
فالحر شديد نذير،والبرد الشديد نذير، والشيب نذير،والمرض نذير، فبين الفينة والأخرى يعطيك الله جرس إنذار؛ علك تستيقظ من رقادك وغفلتك [فسبحانه الرحمن الرحيم ]ونحن الآن نعيش هذه الأجواء الباردة بكل تفاصيلها مع فصل الشتاء ،وما أدراك ما الشتاء ؟ ذكر الله الشتاء في القرآن مرة واحدة، قال تعالى :"
لإيلافِ قُريْشٍ* إيلافِهِم رِحْلَة الشتاءِ والصَّيْف* فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ" ،
وحثنا النبي- صلى الله عليه وسلم -على اغتنامه ، عند الترمذي قال النبي- صلى الله عليه وسلم - :(الغنيمة الباردة الصوم في الشتاء ) ولم ينسَ عمر -رضي الله عنه- رعيته من باب النصح والشفقة عليهم ، فكان يقول:( إن الشتاء قد حضر ،وهو عدو فتأهبوا له أهبته من الصوف،والخفاف،والجوارب، سريع دخوله بعيد خروجه) ويقول علي -رضي الله عنه- :( اتقوا الشتاء في أوله وتعرضوا له في آخره فإنه يفعل بالأجساد كما يفعل بالأشجار ،أوله محرق وآخره مورق )، وهذه المقولة لعلي -رضي الله عنه- تذكرني بكلام لكبار السن -حفظهم الله- ورعاهم وأمدّ في أعمارهم على طاعته، كانوا يقولون: ( أوله توقاّه وآخرة تلقّاه ) وكان ابن مسعود -رضي الله عنه- يقول :(مرحبا بالشتاء تنزل فيه البركه ،ويطول فيه الليل للقيام ، ويقصر فيه النهار للصيام ) ويقول الحسن البصري- رحمه الله- :( نعم زمان المؤمن الشتاء ليله طويل يقومه، و نهاره قصير يصومه )، فهذا هو فصل الشتاء فيه من المنافع ما الله به عليم.
أسأل الله أن يوفقنا بأن ننتفع بفصل الشتاء، وكل الفصول،وأن ويوفقنا لما يحب ويرضى، إنه على كل شيء قدير .
"والسلام أجمل ختام"
كتبه : عبدالله حامد الشهراني .
يوم الجمعة الموافق : ٧ / ٧ / ١٤٤٥ من الهجرة.