ديننا الإسلامي يولي المرأة اهتمامًا كبيرًا ، ويعطيها حقوقها، ويعرف لها مكانتها ، وقدرها ، وقيمتها.
فالمرأة كما قيل : هي نصف المجتمع وتبني المجتمع الآخر .
في زماننا هذا امرأة كتبت التاريخ ، صالت وجالت في ميادين الشجاعة ، وأعجزت الكثير من الرجال بفعلها النبيل ؛ بل أعطت دروساً يعجز الكثير من أرباب الشهادات إعطائها .
أتوها شيوخ القبائل من كل حدب وصوب ؛ لشكرها على فعلها الجميل ، وتغنى الشعراء بما قامت به ؛ بل أتاها أمير المنطقة -وفقه الله - يحمد لها ماسطرت من فعل ، وشاشت رؤوس الرجال طربًا وفرحا وفخرًا لذلك الموقف المهول .
حقًا ! أتعبت من بعدها .
نسجت قصة من الخيال لا تكاد تُصدق ، لك أن تتعجب ! من صبرها ، أو من حكمتها ، أو من حلمها ، أو من شجاعتها ،
أو من وفائها ، أو من معرفتها لقيمة الجار ، أو من قوة كلمتها في بيتها ، أو من بر أبنائها لها . اللهم بارك
إنها نورة بنت عبدالله العسيلية الشهراني .
قُتل ابنها من ابن جارهم ، ثم دخل عليها القاتل ومعه أمّه وزوجته وأبنائه ، وطلب منها الحماية له ولأسرته ، موقف يخور منه أشجع الرجال وأشدهم بأسًا ، ولكن الله عز وجل ثبتها في هذا الموقف .
لأنها نحسبها والله حسيبها امرأة صالحة ، قال تعالى :( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ).
كانت مع الله في الرخاء فكان الله معها في الشدة ، قامت هذه المرأة بحمايتهم من أبنائها البررة إلى أن قامت بتسليم القاتل لرجال الأمن ، والأعجب من ذلك ! أن طلبت منهم ألا يرحلوا ويبقوا بجوارها ، وعفت بعد مدة من الواقعة عن القاتل لوجه الله .
قال المتنبي :
إذا غامرت في شرف مرومٍ
فلا تقنع بما دون النجوم
وقال :
إذا كانت النفوس كبارًا
تعبت في مرادها الأجسام
ولا غرابة فهذا ديدن الصالحون والمصلحون في كل زمان ومكان ، أجسادهم على الأرض ، وأرواحهم تحوم حول العرش يريدون ماعند الله ، فيفعلون أفاعيل يعجز العقل البشري عن تصورها .
اللهم اجعلنا منهم واجزها وأبنائها خير الجزاء ، واجعل ماقاموا به مقبولًا عند الله ، وأصلح لنا ولهم النية والذرية والعمل.
والسلام أجمل ختام .
كتبه: عبدالله بن حامد الشهراني.
يوم الخميس الموافق : ١٦ / ٥ / ١٤٤٥ من الهجرة