عندما يزداد هطول المعلومات بزخات متتالية ومتسارعة ولا نهائية، يقال أنها حالة غير صحية، فأنا لا أرى ذلك القول صحيحاً، وان كان ذلك صحيحاً، فليس للمعلومة ذنباً بذلك، بل ذنب من يتعامل معها، فالمعلومة محايدة، أتصورها مثل النبتة، أن وَجَدت من يأخذها بجذورها وبتُربتها ويهتم بها نمت وأثمرت، وأن تُرِكت حيثما نَبتت لن تضر، فالخلل يحدث عندما تُقطف وتخزن في غير مكانها المناسب، مما يؤدي لتلوثها وبالتالي تلوث البيئة المحيطة، وهذا التلوث المعلوماتي، سببه تملص وتقلص فكري، يبطل أو يجهض ولادة معرفة جديدة ، فالتملص هو التخلي عن المسؤولية الفكرية الفردية، والتقلص هو تضييق باب الفكر وتحويله لثقب، لا يسع إلا لمعلومة نحيلة تتوافق مع معرفة ضامرة خلف هذا الثقب، وفي هذه الحالة يستحال الحصول على وجبات معرفية دسمة، مما يفضي لسوء في التغذية المعرفية، والتملص والتقلص يدعمان ظهور الأسواق الوهمية، التي تعيد تدوير المعلومات الملوثة وتحولها لمعارف مزيفة، وهذه الأسواق تتشكل بطريقة غير حسية، وفي زمانٍ ومكانٍ غير معروفين، لذلك لا يوجد من يتحمل المسؤولية والمساءلة عن ما يحدث في السوق، وهذا يفتح مجالاً للواهمين للاستثمار في وهمهم،
فإذا كان الاعتماد على المعلومة الصحيحة والنزيهة، من دون تحويلها لمعرفة جديدة، في سوق المعلومات الحقيقي يعتبر امراً خطِّراً، فماذاعن أثر منتجات سوق الوهم؟ وما مدى إمكانية نجاح الاسواق الوهمية وتوسعها ، من فشلها وتدهورها مقارنةً بالأسواق الحقيقية ؟ اعتقد أن النجاح والفشل لكل السوقين، يتوقف على عاملين، العامل الاول: نسبة المرتدين تطورياً، والمتورطين والمتهورين معرفياً، والعامل الثانيً: نسبة المتنامين تطورياً، والمرتوين والراهين معرفيا، وكلما تغلب العامل الأول أسهم في نجاح الاسواق الوهمية، وتدهور الأسواق الحقيقية ، وكلما تغلب العامل الثاني أسهم بتدهوره الاسواق الوهمية ونجاح الاسواق الحقيقية،
المعرفة ومتاهة المعلومات



بشير الرشيدي
- 29/10/2023
- 852
شاركها
-
الأهلي يقصي الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلممنذ 3 أسابيع
-
“السماوي”.. يواصل سلسلة الانتصاراتمنذ أسبوعين
-
عبدالله ابومحمد.
النص يُنتقد بهدوء وذكاء التغيرات السطحية في المجتمعات الحديث...
-
عبدالله
الذهب يابى الا ان يكون ذهبا من بعضه ذهبا....
-
اسماعيل محمد
كلام رائع في حق الملك عبد العزيز، ومهما قيل فانه لا يكفيه حق...
-
محمد سحاري
جزيت خيراً دكتور زيد مقالة جميلة كتب الله اجركم...
-
صالحه حمد ان خلف
نشر...
أخبار المجتمع