نكتب لنعيش الحياة الجميلة التي يتخيلها الكاتب صاحب القلم الكتابة يسبقها مخاض وآلام شديدة وتعثر وعندما يخرج العمل ويخط على الورق يستريح الضمير لأن ما بداخله خرج للنور .
لماذا نكتب لنستريح من الآلام وتشفى الجراح وتبرأ وتلتئم ويشعر الكاتب بالسعادة ويعيشها في الواقع والحقيقة .
يقول جورج أورويل في كتابه (لماذا أكتب؟) مُجيبًا عن هذا السّؤال من خلال أربعة دوافع؛
الأوّل: حبّ الذّات الصِّرف: الرّغبة في أنْ تبدو ذكيًّا، أنْ يتمّ الحديث عنك، أنْ تُذكَرَ بعد الموت، أنْ تنتقم من الكِبار الّذين وبّخوك في طُفولتك.
والثّاني: الحماس الجماليّ: إدراك الجَمال في العالَم الخارجيّ، البهجة من أثر صوتٍ واحدٍ على الآخَر. في تماسُك النّثر الجيّد، أو إيقاع قصّة جيّد.
والثّالث: الحافز التّاريخيّ: الرّغبة برؤية الأشياء كما هي، لاكتشاف حقائق صحيحة، وحِفظها من أجل استخدام الأجيال القادِمة.
والرّابع: الهدف السّياسيّ: الرّغبة في دَفْع العالَم في اتّجاهٍ مُعيّن؛ لتغيير أفكار الآخَرين حول نوع المجتمع الّذي ينبغي عليهم السّعي نحوه.
أمّا نزار قبّاني فيقول:
أَكْتُبُ..
كيْ أُفَجِّرَ الأشياءَ، والكتابةُ انفجارْ
أكْتُبُ..
كي ينتصرَ الضوءُ على العُتْمَةِ،
والقصيدةُ انتصارْ..
لماذا نكتب ؟
نكتب أحياناً لنهرب من واقع الحياة الأليم القاسي ونتخيل من خلال القلم السعادة ونرسمها ونخطها بالقلم.
نكتب للنجو من الحزن من الفراغ القاتل والتفكير العقيم الذي يدمر الذات .
نكتب لنعيد الذكريات بمرها وحلوها ليخطها قلم لم يعيشها ولجيلٍ ليعرفها في المستقبل.
نكتب لنحاكي القمر في ليلة لم يخرج فيها القمر بل نتخيله أنه قريب ولكنه بعيد وصعب المنال.
نكتب لأن الكتابة سعادة كاتب تحي قلبه وتنعش فؤاده وتيقظ ضميره وتفوقه من غفوة الزمن .
نكتب للننتصر على الوقت وعلى مقصلة الأرق والإحباط واليأس .
حتى يذكرنا التاريخ بالخير , لأنّني أُدرِك تمامًا أنّ التّاريخ لا يَنسى ولا يُنسَى.
فلهذا أكتب .