اللغة العربية كالقيثارة إن نقرت وتراً منها، رنّت بقية الأوتار و خفقت في انسجامٍ. هي لغةٌ انسيابيةٌ ليّنةٌ مرنةٌ، تتكيف مع مقتضيات العصر مهما بلغ من التطور. لغةٌ غنيّةٌ بمفرداتها ومعانيها وجمال تعابيرها و دقة حُسن مبانيها، لا تضاهيها لغة بكمالها وحفظها لكيانها من شوائب التحضر.
لغةٌ ساميّةٌ سامية وثرية بمرادفاتها وقدرتها على استعمال المجاز والكنايات و الاستعارات مما يجعلها مدهشةً لا نظير لها بين اللغات.
لغةٌ حفظها الله سبحانه و تعالى بالقرآن الذي جعله بلسانٍ عربي مبين وجعله حجةً و آيةً ببلاغته. حفظت لنا الآداب والعلوم الإنسانية من الضياع من خلال حركة الترجمة التي ازدهرت في العصر العباسي. استطاعت أن تحلّ محل لغات الشعوب التي دخلت الإسلام رغم اختلافها، واستوعبت ثقافاتهم وضمّتها إلى مخزونها اللامتناهي من المفردات والتراكيب والعبارات.فغدت اليوم رابع لغةٍ في العالم من حيث عدد الناطقين بها.
وفوق روعة الصور والمعاني وسحر الأصوات و انسيابها فإن للغة العربية ميزةً إضافيةً لا تقلّ في أهميتها عما سبق، وهي الجمال الساحر للخطوط التي يمكن أن تدوّن بها. فنجدها في النقوش و الزخارف و الآثار، تزيّن المتاحف. حتى أننا في عصر العولمة الحالي أصبحنا نشاهد الحروف العربية موشومةً على أجساد مشاهير العالم الذين لا يجيدون العربية.
ومما سبق نستنتج معاً أن اللغة العربية لغةٌ عظيمةٌ خالدةٌ، لا يمكن إلا أن تخرج منتصرةً من كل معركةٍ تدخلها. وأنّ المعركة الوحيدة التي تخوضها العربية حالياً هي الحفاظ على أصالتها وجوهرها رغم عصر السرعة والعولمة وسيطرة الإنجليزية واللهجات العامية، ولكنها استطاعت الصمود أمام كل هذا وغدت لهجاتها بناتها اللواتي زادوها جمالاً وغنىً.