تعد المملكة العربية السعودية الشريك الاقتصادي الأول عربيا مع الأردن (الرأي) , لقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال العام الماضي (4,1) مليار دولار , وتجازوت الاستثمارات السعودية في الأردن حاجز ال (10) مليارات دولار . يكفي أن تدخل إلى أي مول تجاري في الأردن وتجد الأرفف وقد امتلأت بالمنتوجات السعودية . طبعا هذه العلاقة التجارية المتنامية بين البلدين لم تأت من فراغ , لقد كان للظروف الداخلية والخارجية التي مر بها الأردن دورا كبيرا في ذلك . في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي كان العراق يعد الشريك التجاري الأول مع الأردن أبان الحرب العراقية الأردنية ثم بعد ذلك ما كان يعرف ببرنامج (النفط مقابل الغذاء) , إضافة إلى المساعدات الاقتصادية التي كان يقدمها العراق إلى الأردن . بعد عزو العراق وحالة عدم الاستقرار السياسي الذي يعيشه حتى الآن , تراجع حجم التبادل التجاري بين البلدين بشكل ملحوظ . ساهمت الحرب الأهلية في سوريا والتي ما زالت مستعرة حتى الآن , في تراجع أو حتى توقف التبادل التجاري بين البلدين . لم يتبق أمام الأردن والحالة هذه إلا السعودية الدولة المجاورة , والتي ترتبط معها بعلاقات تاريخية وقبائل متداخلة على جانبي الحدود . حتى أن هناك الكثير من العادات والتقاليد المشتركة , بل وجدنا أن الكثيرة من الأكلات الشعبية انتقلت من السعودية إلى الأردن أوالعكس (الكبسة , المندي ، البرياني ، المنسف , المقلوبة .. ) , بل نجد أن الكثير من الأردنيين يشاهدون العديد من القنوات التلفزيونية السعودية , مثل قناة القرآن الكريم , وقناة السنة النبوية (القوة الناعمة) . الأردن يعاني من أزمات اقتصادية مزمنة , نتيجة لقلة الموارد الطبيعية وشح المياه واللاجئين والزحف العمراني على الأراضي الزراعية . هذا بدوره بدأ يشكل عنصرا ضاغطا على المرافق والخدمات والقطاع الزراعي . أعتقد أن السعودية يمكن أن تشكل طوق نجاة للاقتصاد الأردني . العلاقات الاقتصادية بين البلدين ينتظرها مستقبل واعد يصب في مصلحة الشعبين , خاصة إذا كانت هذه العلاقة وهذا التعاون قائما على فكر وعمل مؤسساتي مستقل (البراغماتية) . الموقع الجغرافي لكلا البلدين يتطلب منهما إقامة منطفة (تجارية حرة) على غرار منطقة جبل علي في الإمارات . وأعتقد أن المنطقة الواقعة بين مدينة حقل السعودية والعقبة الأردنية أفضل مكان لإقامة المنطقة الحرة . حيث البحر الذي يربطها مع العالم الخارجي , ووجود خط سكة حديد يربط مدينة العقبة بمدينة معان وعمان وسورية (دول الجوار) . وهذا بدوره سوف يصب في صالح جميع دول الجوار (الاردن , فلسطين , سوريا , لبنان , العراق , تركيا ) , وقد يمتد تأثير المنطقة الحرة وترتبط طريق (الحرير الصيني) في تركيا . العلاقات السياسية الممتازة بين البلدين كفيلة بتحقيق هذا الحلم .