ننقل عن كتاب البداية والنهاية لأبن كثير علامة عصره ، وموثق الوقائع التاريخية ، واثبات الأحداث ، وقد اشار في كتابه الجزء الثاني صفحة ( ٢٢٢ ) خبراً عن العرب في الجاهلية وقضاتهم وعدالة اصدار أحكامهم ، هذا عامر بن الظَّرِبِ العدواني . تضرب له أبط الإبل . مسالة أشكل على العقلاء من العرب إيجاد حلها ، وتحيروا في الحكم فيها .
ومن عادة العرب في الجاهلية إذا اختلفوا يحتكمون إلى رجل يقال له "عامر بن الظَّرِبِ العدواني" ، ولا حدس العرب على شرك لا تعرف جنة ولا نار ، ولكن لديهم قيم ، ومكارم الأخلاق متمسكه بها لا يحدون عنها ، ولا تقبل المساومة باعتبارها مبادئ يؤمنوا بها لا يحد أحدهم عنها . تذهب الرواية التي أوردها ابن كثير . ان وفداً وفد إليه من إحدى القبائل فقالوا له : يا عامر وجد بيننا شخص له آلتان آلة للذكر وآلة للأنثى ، ونريد أن نُوَرِّثَهُ، فهل نحكم له على أنه أنثى أم نحكم له على أنه ذكر ؟! احتار في قولهم .
فمكث عامر بن الظَّرِبِ أربعين يوماً لا يدري ما يصنع لهم !! ومتحير إجابتهم فيما أوردوه من قول عن ذلك الشخص ، وكانت له جارية ترعى له الغنم يقال لها : " سُخَيلة " ، فقالت له في اليوم الأربعين : يا عامر قد أكل الضيوف غنمك؛ ولم يبق لك إلاّ اليسير أخبرني .
فقال لها مالك: انصرفي لرعي الغنم . فأصرّت عليه ، فلما أصرّت عليه أخبرها بالمسألة ، وقال لها : ما نزل بي مثلها من نازلة .
فقالت له الجارية : يا عامر أين أنت من ذالك ؟! أتبع المال المَبَاَل !!
أي : إن كان هذا الشخص يبول من آلة الذكر فأحكم له ميراث ذكر، وإن كان يبول من آلة الأنثى فأحكم له ميراث أنثى .
فقال لها : فرّجْتِهَا عنّي يا سُخَيْلَة .. فأخبَر القوم .
قال الإمام الأوزاعي يرحمه الله معقباًً على هذه الواقعة :
" هذا رجل مشرك لا يرجو جنةً ولا يخاف ناراً، ولا يعبد الله، يتوقف في مسألة أربعين يوماً حتى يُفتي فيها، فكيف بمن يرجو الجنة ، ويخاف النار، كيف ينبغي له أن يتحرى إذا صُدِر للإفتاء وإذا سئل أمراً عن الله جل وعلا " .
ياسادة رجل من العرب في عصر الجاهلية مشرك يتوقف أربعين يوماً عن الفتوى ، ويطعم قاصديه ، ويسقيهم ، ويأويهم هذه المدة بحسن الرفادة لم يتعجل بالفتوى بل تريث طوال هذه المدة ، وقد تزيد لولا جاريته .
وفي العصر الراهن يتعجل البعض على الفتوى ، ويتقدم صغار السن بالفتوى والحكم دون تحري ، وتدقيق أبعاد المسالة ، ومناطها بالصورة المطلوبة ، وكثيراً ما تظهر معايب هذا التعجل أو التسرع في الحكم أو الفتوى ولو بعد حين .
فأين لنا بمثل عامر أبن الظرب ؟ في عصر تتدافع فيه المسائل الشائكة ، وتتنامى وتتشابه بأبعادها الحدية والحقيقية والكلية ومخفسانيتها النخامية وخرفاشيتها . تتردد بين طرفي ليس أحدهما أظهر يلتبس فيها النظر ، وينعدم فيها شبختانية الحل . هذا العالم البحر الفقيه الأوزاعي إمام الجبل " بعلبك/لبنان " يتخوف من التسرع في الحكم أو الفتوى دون تحري الدقة ، وتروي الدراية ، وبعد النظر ، وحسن التصرف . ما أجمل التروي في الفتوى أو الحكم والتريث فيهما من أجل سلامتهما .
- تنفيذ حكم القتل تعزيراً بعدد من الجناة لارتكابهم جرائم إرهابية
- النيابة العامة تعلن عن تدشين “غرفة الاستنطاق المخصصة للأطفال”
- «الحياة الفطرية» تطلق 26 كائناً مهدداً بالانقراض في متنزه السودة
- تستمرّ للثلاثاء المقبل معلنة دخولَ الشتاء.. جولة مطرية جديدة يصحبها انخفاض بدرجات الحرارة بمعظم المناطق
- لاستبدال 250,000 مكيف.. “موان” يعلن إطلاق ثالث مراحل مبادرة “استبدال”
- «الجنائية الدولية» تصدر مذكرتي اعتقال لنتنياهو وغالانت
- “حساب المواطن” يعلن صدور نتائج الأهلية للدورة 85 لشهر ديسمبر القادم
- من مخاطر داخل المنزل تهددهم.. “المدني” يؤكد أهمية المحافظة على سلامة الأطفال
- “الهيئة العامة”: كود الطرق وضع معايير وشروط لتصميم وتركيب مطبات السرعة
- بوضعية خارج الرحم.. “سعود الطبية” تنقذ جنينًا بحالة حمل نادرة في الأسبوع الـ26
- «الطيران المدني» يُصدر تصنيف مقدِّمي خدمات النقل الجوي والمطارات لشهر أكتوبر الماضي
- الزكاة والضريبة والجمارك تدعو وسطاء الشحن إلى الاستفادة من الخدمات الجمركية المقدمة في المنافذ البحرية
- بعد 60 يوماً لانتهائها.. “المرور”: غرامة التأخير عن تجديد الرخصة 100 ريال للسنة
- واحة بريدة .. تظفر بالبورد الألماني
- تقرير تقني يحذّر.. لا تحمّل صور أشعتك الطبية إلى روبوتات الدردشة بالذكاء الاصطناعي
بقلم_خالد بن حسن الرويس
ستة على ستة – ٤٤ –
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3544567/