أتساءل أحيانًا هل شهر رمضان المبارك أو العيدين يفاجؤونا بقدومهم ؟ بمعنى هل لهم مواقيت محددة كل عام يطلون علينا أم في كل عام لهم إطلالة جديدة ؟؟
رغم أن التساؤلين السابقين حتميي الإجابة إلا أنني أشك أحيانًا بهذه الحتمية ، عندما أرى المحال التجارية والأسواق تئن من دكِّ أقدام المتبضعين روحةً وغدوة على أصناف المشروبات والمأكولات والمستحضرات هذه الأيام ولسان الحال يقول ( إلحق قبل ماتخلص) وطبعًا كلمة تخلص هنا تحتمل تفسيرين : إما تخلص الرواتب أو تخلص البضائع وكل واحد ونيته .
المهم نعود لإطلالة رمضان (المباغتة ) عند البعض ، حيث أحدثت هذه المباغتة اللطيفة حراكًا تنمويًا عجيبًا حيث عكف أرباب المتاجر على تشييد أكبر الأهرامات الغذائية فاصطفاف المعلبات كأهراماتٍ تبرق لها العيون وتسيل لها الجيوب ؛ صناعة التاجر الحذق في المواسم .
هنا سأنحاز إلى التجار فمن الطبيعي أن يستغل التاجر مباغتة الشهر الكريم ، كما يستغل تهافت الزبائن جماعاتٍ وفرادى عند حلول السابع والعشرين من الشهر الميلادي وهو يوم الرواتب ؛ ولكن ماليس طبيعي هو تقوقع الزبائن حول أفكارهم الأزلية في مسائل الادخارات وتقنين المصروفات وتحيُّن أوقات التبضع الأنسب حتى لاتئن جيوبنا كما أنَّت الأرض من تحت أقدامنا حين التسوق ، فنعود لنشكو جشع التجار وازدحام الطرقات ونفاذ السلع أو تكدسها .
لعل من المعلوم لدينا جميعًا أن رؤية المملكة ٢٠٣٠ هدفت لرفع مدخرات الاسر ، وهذا إجراء حكومي عملت وتعمل الدولة عليه وفق خطط وبرامج واستراتيجيات ، ولكن هذا الإجراء يجب أن يتبعه مسؤولية اجتماعية من أرباب الاسر وربات البيوت في المقام الأول ، ثم مؤسسات المجتمع المدني والقطاع غير الربحي.
لعلي أختم بمقترح لتأسيس جمعيات غير ربحية بمسمى " جمعيات النفع المالي " برؤوس أموال مجزية تهدف إلى توفير القسائم الشرائية بسعر منافس ، فتشتري هذه الجمعيات من المتاجر بنفس السعر أو بأقل - لأنها ستشتري بكميات كبيرة - ثم تمنح هذه القسائم للمستهدفين بأقل من سعر الشراء ، وتتحمل الجمعية فرق السعر حيث تدفعه من رأس المال والذي سينمو بالأوقاف وغيرها وهكذا..
هنا سيكون المستهدف ليسوا ذوي الدخل المحدود ومن في حكمهم لأن لهم جمعيات خاصة بهم ؛ بل المستهدف كل من يمر بضائقة مالية أو مديونية بصورة مؤقتة ، وأرجو أن أرى ذلك قريبًا ؛ غير أنني لاأزال أعول على أرباب وربات الأسر كثيرًا في تعظيم مدخراتهم وكبح نزيف الجيوب .. ورمضان كريم