في الثمانينات من القرن العشرين قادت الأمم المتحدة جهوداً ضخمة لجلب ماء مأمون لجميع الناس، فزادت وكالات المساعدات وهيئات الأمم المتحدة ميزانياتها للماء زيادة ضخمة ، وتم توفير الماء لعدد كبير من الناس ، الذين كانوا محرومين منه سابقاً. ومع ذلك، بقي أكثر من مليار إنسان في نهاية ((عقد الماء)) لا يستطيعون الحصول على ماء مأمون وميسور التكلفة للشرب ، وبقي أكثر من ملياري إنسان في حاجة إلى صرف صحي مأمون.
ومع أن ماء الشرب والطبخ والاستحمام وجميع الحاجات المنزلية الأخرى يشكل جزءاً صغيراً فقط من الإمدادات الأساسية المطلوبة ، إلا أن هناك حاجة أكبر من ذلك بكثير لزراعة أغذيتنا إضافة إلى الألياف الضرورية لملابسنا، مثل القطن. وبناء على ذلك ومن أجل أن نفهم أزمة المياه علينا أن نميز بين مشكلتين مختلفتين من ناحية أساسية، وهما تتطلبان حلولاً مختلفة. المشكلة الأولى هي مشكلة ماء الشرب ، التي تدور حول الحصول على خدمات مياه ميسورة التكلفة : نواجه هنا أزمة خدمات. وتدور المشكلة الثانية حول الافتقار إلى مصادر مياه ضخمة جداً ضرورية لزراعة الغذاء وللمحافظة على خدمات النظام البيئي : نواجه هنا مشكلة ندرة المياه ، أزمة موارد.
إن معالجة أزمة المياه – أزمة الخدمات (ماء من أجل الشرب) وأزمة الموارد (ماء من أجل الغذاء والملابس) – ستتطلب إبداعاً تقنياً وسياسياً على حد سواء ، كما أن تغير المناخ سيأتي بتحديات إضافية مرتبطة مع زيادة التقلبات المناخية في أجزاء كثيرة من العالم ، لكنّ التقدم في علوم المياه في العقود الأخيرة أدى إلى فهم أفضل للقضايا الأساسية التي تجب معالجتها من أجل إيجاد حل لأزمة المياه ، كما أن الإبداع المتسارع في تقنيات المياه خلال العقود الأخيرة، أو حوالي ذلك، يبدو إبداعاً واعداً.
عليه ، فإضافة إلى الماء الأخضر والماء الأزرق ، والمياه الجوفية والمياه السطحية ، يجب على علماء المياه أن يأخذوا بعين الاعتبار نوعية الماء المتاح ، فالمدن تقذف كميات كبيرة من الموارد العضوية ومن فضلات الإنسان في الجداول والأنهار المحيطة بها ، ما يجعلها من ناحية الاحتواء على الجراثيم غير مأمونة للشرب.
إذن ، لن تكون حلول أزمة المياه العالمية ترتيبات تقنية من النوع الذي تمت محاولته في الماضي. على الأرجح أن يأتي الحل لأزمة خدمات المياه من خلال مجموعة مؤتلفة من تقنية محسنة جداً ، وبكلفة أرخص ، وبحجم صغير موحد القياس جاهز على الرف لتنقية المياه ، إضافة إلى معلومات أفضل ، وقطاع مائي عام قد تم إصلاحه ، وأعداد كبيرة من مزودي خدمات مياه محليين صغيري ومتوسطي الحجم من القطاع الخاص.
إن الناس الذين تأثروا بأزمة الموارد المائية وحلفاءهم في حاجة لأن يزيدوا إنتاجية الماء بطريقة تحافظ على خدمات النظام البيئي ، وبشكل خاص ، لا بشكل حصري ، من خلال زيادة إنتاجية الماء الأخضر وتدعم القدرة المحلية على إدارة خطر المناخ. إنه مطلبٌ هائل ، ربما ، لكن أزمة الغذاء العالمية الحالية تقيم الدليل على ما هو عرضة للخطر.
لقد كان الاهتمام بتأمين مصدر ثابت من المياه هماً متفشياً في جميع أنحاء العالم. وعملت آلاف السدود والتي جعلت الري ممكناً في جميع أيام السنة ، على الرغم من تقلبات مناخ الرياح الموسمية.
وإذ تشكل الملوحة تهديداً خطيراً للأراضي المروية ، إلا أننا نسمع الآن تحذيرات حول شيء أكثر خطورة من ذلك : ندرة مياه عالمية حقيقية.
في العام 2006، قدَّم المعهد الدولي لإدارة المياه ، تقريراً بأن ندرة المياه قد أثرت في ثلث سكان العالم. وفي العام 2007 توقعت اللجنة الدولية للتغيرات المناخية بأن أعداد الناس الذين يواجهون ندرة مائية ستزداد نتيجة لتغير المناخ. ويقول آخرون أيضاً إن هناك ثمة أزمة مائية عالمية ، وأن المتيسر من المياه في تناقص ، حتى إن الماء في العالم في طريقه إلى النفاد ، وأن الماء هو الذهب الأزرق ، وأن الحروب القادمة ستنشب بسبب المياه.
في كتابه عندما تجف الأنهار يصف فرد بيرس هذا النقص الظاهر للعيان بأنه الأزمة التي تحدِّد الألفية الثالثة بوضوح. إذن ، هل الكوكب الأرضي في طريقه إلى الجفاف؟ ليس تماماً ، لكنّ عدداً متزايداً من الناس يتقاسمون كمية محدودة من الماء ، كما أن ذلك الماء يُدار بطريقة سيئة ويزداد تلوثاً. ونتيجة لشرب مياه غير مأمونة يموت ما يزيد على مليوني طفل من أمراض الإسهال كل سنة. إننا قادرون على أن نتفادى كارثة عالمية كاملة الأبعاد. وللأسف إن أزمة المياه أزمة معقدة، ويندر أن يفهمها أحد على نحو كلي.
وقد تسارعت بسبب تغيُّر المناخ الذي يذيب الغطاء الجليدي في المناطق القطبية ، وتفاقمت بسبب التوسع في إنتاج الوقود الحيوي الذي يزيد من الضغوط على موارد المياه. إن اتخاذ الإجراءات المسبقة لإحباط الكارثة سيتطلب مزيجاً من الإبداع التقني المستدام والإصلاح المؤسساتي.
- الأهلي يواصل عزف لحن الانتصار .. ويعبر محطة العروبة
- بعد تدخل الوسطاء.. إسرائيل تتراجع وتحدد موعد إطلاق الأسرى الفلسطينيين
- السلطات الأمريكية: لا ناجين من حادثة تصادم الطائرات
- النصر يتوصل لاتفاق مع الكولومبي جون دوران لضمه من أستون فيلا
- القيادة تهنئ أحمد الشرع برئاسة الجمهورية العربية السورية في المرحلة الانتقالية
- سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى 12415.49 نقطة
- الجيش السوداني يطلق عملية لتحرير مدينة بحري
- ضبط استراحة مخالفة استغلت للغش في أسماء وعلامات تجارية لشركة دواجن وهمية
- تحديث أمني لـ”أندرويد” و”جوجل بلاي” يؤدي إلى حظر 2.3 مليون تطبيق
- “هيئة الأمن السيبراني” تطلق المرحلة الثانية من برنامج الابتعاث الخارجي للدراسات العليا
- وزارة التجارة تتيح إصدار تراخيص تخفيضات رمضان وعيد الفطر إلكترونيًا
- مركز التنمية الاجتماعية بمنطقة حائل يفعّل برنامج “مهارات قوة الشخصية والثقة بالنفس”
- الأبقار أم الإبل؟.. دراسة أسترالية تكشف الحليب الحيواني الأكثر فائدة!
- أمانة القصيم تستعرض إنجازاتها لعام 2024 بإبرام عقود استثمارية بقيمة 740 مليون ريال
- الديوان الملكي: وفاة الأميرة وطفاء بنت محمد آل عبدالرحمن آل سعود
المقالات > #المقالات, أضواء الوطن, مقالات زيد بن محمد الرماني > أزمة الخدمات “ماء من أجل الشرب” وأزمة الموارد “ماء من أجل الغذاء والملابس” !!
زيد بن محمد الرماني
أزمة الخدمات “ماء من أجل الشرب” وأزمة الموارد “ماء من أجل الغذاء والملابس” !!
20/03/2023 1:01 م
زيد بن محمد الرماني
0
493904
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3543693/