المعروف أن التخطيط الاستراتيجي هو مجموعة الخطط الموجهة لرسم النظرة المستقبلية على ضوء المعلومات الحالية بتخصيص الموارد والاستفادة من الفرص ومواجهة التحديات والتفاعل مع المستجدات بكفاءة لتحقيق الأهداف والغايات المحددة بعناية. ومن الجميل أن بدأت المملكة العربية السعودية انتهاج الأسلوب الاستراتيجي الناجح في عملية التنمية والتطوير على نحو عملي وفاعل منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 التي تبناها سمو ولي العهد الأمين.. لاستثمار مكامن القوة في الدولة وما توليه القيادة الحكيمة من اهتمام بذلك وما تسخّره من إمكانات لتحقيق الطموحات كلها.. والتي أسهمت خلال الفترة التي مضت في تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع -بفضل الله- سواء على نطاق العمل الحكومي عموماً، أو على صعيد الاقتصاد والمجتمع. وقد واجهت التحديات، وأرست قواعد النجاح للعمل المستقبلي، وساهمت في اكتساب الخبرات وتهيئة فرص النمو والاستثمار بصورة رائعة، مع استحداث العديد من القطاعات الجديدة الواعدة إلى جانب ما أسهمت به في رفع مستوى جودة الحياة.
ولا شك في أن هذه النجاحات الرائعة شجّعت على مواصلة العمل الاستراتيجي المنظم من خلال تأسيس الهيئات الملكية ومكاتب التطوير الاستراتيجي في عدد من المدن والمناطق التي تباشر أعمالها بشكل منظم لتهيئة الظروف المناسبة وإيجاد الأرضية الصلبة للتنمية والانطلاق نحو الأفضل، من أجل التغيير النوعي والجودة والعطاء، وفق التوجيهات العليا الرامية لبناء الوطن الغالي على أقوى المرتكزات، وتطوير مستقبله على أعلى المستويات.
وهو ما نتوقعه مع الحس والاهتمام من المعنيين، والذي ستظهر نتائجه الإيجابية -بإذن الله- في عملية التنمية التي تهدف بالدرجة الأولى إلى رفع مستوى معيشة الأفراد والمجتمع عموما حاضراً ومستقبلاً. والمعروف أن التخطيط الاستراتيجي عملية ديناميكية غير ثابتة تتناغم مع جميع الظروف والمستجدات. وتظهر أهميته في تحديد الأهداف المراد الوصول إليها بكل وضوح وتحديد الإمكانات اللازمة لها بدقة -مادياً وبشرياً- لتسهيل عملية التنفيذ. كما يساعد على التنسيق بين الأعمال جميعها منعاً لحدوث التداخل والتعارض وكونه يساعد على تحقيق أكبر قدر من الرقابة الداخلية والخارجية وتحقيق الأمن النفسي لجميع أفراد المجتمع، ومساهمته أيضا في تحقيق الاستثمار الأفضل للموارد البشرية إلى جانب دوره في تنمية مهارات وقدرات المديرين. ومن مميزاته الشمولية والتكامل والمرونة والقدرة على التكيف مع جميع ما يستجد أو يطرأ.. كونه يقوم على مبدأ التفاعل المستمر بين المستويات الإدارية الثلاثة العليا والوسطى والدنيا. ولعل أهم متطلبات التخطيط الاستراتيجي تحويل الأهداف المحددة إلى مهمات جزئية من أجل تحقيق الهدف وفق برامج زمنية مقننة وأيضا توفير قاعدة بيانات دقيقة والعمل على تحديثها عند الاحتياج، ومن المهم توافر القيادات المؤهلة للتخطيط ومعهم المستشارون النابهون والمتخصصون الماهرون. تدعمها الإمكانات المادية اللازمة والأخذ في الاعتبار الاستراتيجيات البديلة.. والعمل على تقييم الأداء في ضوء تلك الأهداف والاستراتيجيات والخطط الموضوعة. ويتفق المهتمون على أهمية تطبيق أسلوب التخطيط الاستراتيجي في جميع قطاعات الدولة لما يحققه من تفوق في الأداء وزيادة في الإنتاج ونجاح في تحقيق الأهداف وما يضيفه من مكاسب كبيرة للوطن على المدى القريب والبعيد.