تحول كبير بل غير مسبوق في كافة المجالات تشهده سلطنة عمان، إذ لامست هذا التطور بنفسي من خلال زيارة أجريتها لهذه الدولة الشقيقة، الأمر الذي دفعني إلى كتابة هذا المقال، لوصف ما رأيته بعيني من تطور جعلني أصفها بأنها "جوهرة الخليج".
فمنذ أن وطأت قدمي أرض السلطنة ، قد لامست مدى كرم هذا الشعب المضياف، وحفاوة استقباله، لضيوفه، ما ينم عن طيبة قلبه ومعدنه الأصيل، إذ تشعر بأنك لست بغريب عنهم ولا هم بغرباء عنك.
الابتسامة لا تفارق الوجوه والذوق الرفيع و حسن الاستقبال كلها أمور تدفعك للوهلة الأولى ، أن تشعر وكأنك لم تغادر وطنك، ولما لا فكلنا عرب وكلنا خليجيون بلادنا مفتوحة على مصراعيها للزوار والضيوف.
لكن ما أدهشني في هذه الزيارة حجم التطور والازدهار الذي وصلت اليه السلطنة من تعمير وإعمار ، من مباني شاهقة وطرق ممهدة وطفرة علمية وتقنية تضاهي بها أعرق الدول والشعوب الغربية.
وقد علمت من خلال زيارتي أن السلطنة أولت خلال العقدين الماضيين اهتماما كبيراً بتطوير التعليم لخلق جيل قادر على مواكبة التطور والحداثة في كافة المجالات، وتنمية القدرات الإبداعية، لدى الطلاب، في ظل التوجه نحو الاقتصاد المعرفي المبني على الابتكار.
كما نجحت السلطنة من خلال عمل دؤوب ، في تكوين بنية تحتية متطورة، جعلها دولة جاذبة للاستثمار العربي والخليجي والغربي، من خلال إزالة كافة العقبات التي قد تواجه المستثمر الأجنبي.
إلا أن من أبرز مجالات الاستثمار التي تركز عليها السلطنة خلال هذه الفترة هي الاستثمار في مجال السياحة، إذ تسعى لتكون أحد أهم الوجهات السياحية في الشرق الأوسط، لتدخل في تنافس مشرف مع العديد من دول المنطقة.
وعلى الرغم من وجود العديد من الشركات الاجنبية متعددة الجنسيات غير أنه لازالت الفرصة متوفرة لشركات جديدة بفضل اتساع رقعة المناطق السياحية مع توفر بنية تحتية ضخمة فقد شاهدت خطوط الكهرباء تصل إلى مناطق نامية صعبة الوصول ،
ولعل من أبرز الأسباب التي تدفع عمان لتكون وجهة سياحية جاذبة، هو انخفاض معدلات الجريمة في السلطنة، حيث تتمتع ببيئة آمنة وخصبة يسودها الأمن والأمان والاستقرار.
وبحسب آخر الاحصائيات الصادرة من الحكومة فإن خلال العام 2022 بلغ عدد الجرائم (11.312) جريمة، وهو معدل ضئيل جداً بالنسبة بمعدلات الجريمة في دول أخرى في المنطقة.
فالعمل المتواصل وفى صمت، أحد أبرز ما يميز السلطنة، حيث أنها لا تميل إلى "الشو الإعلامي" أو "البروبجندا"، فالهدف هو توفير كافة الخدمات للمواطن والمقيم والزائر، تحت شعار "دع الآخرين يتحدثون عنا".
ويرجع الفضل في هذا التطور المشهود بالسلطنة لصاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق الذي منح الفرصة الكاملة للشركات بالاستثمار بمجال السياحة ففي عامين فقط لامس الجميع طفرة كبيرة يشار لها بالبنان.
والمتابع للسياسة الخارجية لعمان يجد أن سياسة القيادة العُمانية تتمتع بعلاقات وطيدة مع الجميع، ولم يحدث أي توتر يعكر من صفوها.
والسبب في ذلك هو كونها تتبع سياسة حكيمة منذ عقود قائمة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول بل العمل على تطوير علاقاتها مع جيرانها من جانب ومع جميع دول العالم من جانب آخر، مع الالتزام بالحياد حال وجود صراعات مع دولتين تربطهما بها علاقات وثيقة.
ويرجع الفضل في ذلك إلى السلطان هيثم بن طارق الذي واصل العمل التنموي من بعد السلطان قابوس حبيب العرب –رحمه الله تعالى-، إذ وضع نصب عينيه العمل على رفعة وازدهار السلطنة بما يرضى طموحات وتطلعات الشعب العماني.
وقد كان لي لقاء سابق على فضائية "BBC" العريقة، عندما تولى السلطان هيثم مقاليد الحكم في السلطنة، وأشرت فيه إلي "رؤية 2040" التي عرابها جلالة السلطان هيثم ، توقعت فيه استمرار التطور والازدهار اللافت الذي يلامسه الجميع الآن.
رغم انني لا أحمل أي صفة اعتبارية رسمية فقط مجرد صديق عماني أرسل لي دعوة خاصة لزيارة هذه السلطنة العظيمة إلا أنه دليل على محبة هذا الشعب ومسؤولية على عاتقي كمحلل وإعلامي أن أنقل بكل أمانة وصدق ما رأيته بعيني من رقى وتطور.
وهناك همسة عتاب في أذن الإعلام العماني لكونه لم ينقل كل هذا التطور الملموس ، إذ كان من الأولى إبراز هذا التطور ونقله لكى يشاهده الجميع، كما كان ينبغي القيام بهذا الدور أيضا، مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي.
كما أنني أتفق مع الآراء والأصوات التي تقول أن الخليج لديه الآن فرصة ذهبية في أن يتصدر المشهد العالمي بحكم تكاتفه وروابط الأخوة التي تربطه في ظل انشغال الغرب بالحروب وحالة الاحتقان بين روسيا والغرب بسبب الحرب في أوكرانيا.
فالإمارات سوف تستضيف مؤتمر المناخ كوب 27 ، والمملكة الأقرب لتنظيم مؤتمر أكسبو 2030، وسلطنة عمان تشهد تطورا في كافة المجالات.. حقاً الخليج قادم وبقوة.
المستشار بمركز الإعلام والدراسات العربية الروسية : عبدالعزيز منيف بن رازن ،، الرياض.