مراحل تطور حياة الإنسان تتلخص في آية ( ٢٠ ) سورة الحديد .. آيه واحده . تبارك وتعالى الحق استهل بقوله : ( أعلموا إنما الحياة الدنيا ) بصيغة الأمر والتأكيد المبني على مايفيد اليقين حقيقةً وتحقيقاً ، والمخاطب الجماعة بصيغة الجمع ، وأعقب ذلك أداة الحصر فالمحصور الحياة ثم علل ذلك بعدة تعليلات . يستشعرها الإنسان باعتبارها محددات وتنبيهات ، ومحاذير ان لا تخرجه عن المنهج المستقيم ، وغاية خلقه ووجوده في الحياة الدنيا وهذه التعليلات والمحاذير ( اللعب واللهو والزينة والتفاخر والتكاثر والأموال والأولاد ) سباعية المغريات ومن الملخص والمقدمة للتعريج والتفصيل على الآيه وفق المفهوم الفردي والشخصي بالمنظور الشخصي . فردية مفهوم الكاتب ووجهة نظره ، وليس تفسيراً للآية ، والتفسير متروك لأهل الاختصاص إنما تعريج ووجهة نظر بحته كما سلف . قابل للاخذ والرد ، والتمحيص إنما استشفاف من الآية مع الإيمان واليقين بما ورد فيها نصاً دون تأويل " محورها الإنسان والحياة "واقعية الإنسان يتردد في أطرافها حساً وإشارة فلا تغره الحياة . متاعها وزخرفها قليل ، ومرارتها كثير . ينظر للمتاع الدائم في الأخرة وليس المؤقت في الأولى.
"اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا"
1- "*لَعِبٌ" Play*.. كيف ؟
اللعب تعد المرحلة الأولى من حياة الإنسان .. مرحلة الطفولة لا شك بداية حياة الطفل لعب .. يحب يلعب طول الوقت ، وكثير الحركة والاستطلاع .. يخبط بالرجل فى أي شيء أمامه .. نصف ساعة وينام .
2- "*وَلَهْوٌ" Entertainment *
يكبر شيئاً فشيئاً شويه ، فاللعب يضمحل ويتضاءل .. تزيد شهوة جديده "اللهو" شىء ممتع بخلاف اللعب وهو الغالب .. عشر ساعات على التلفاز واليوتيوب وغيرها .
3- "*وَزِينَةٌ" beautification*
فترة المراهقة .. يهتم بالشكل الجمالى أهم شىء.. لا يهمه سوى المظهر إنما يكون الشكل جذاب وجميل .. الملبس يكون أنيق وفائق ..يقف أمام المراية يشوف الشكل والزي .. المهم الزينه والمظهر .
4- "*وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ" showing off*هذا التفاخر لا حدس موروث من الجدود ، وأصل في الإنسان
كلما كبر شيئاً فشيئاً زاد تفاخره ، وكثرة متطلباته ، وحتياجاته محتاج ان يفخر بانجازاته ، وانتماءاته الاجتماعية ، وشعوره بالحس المعنوي والمادي ، وتوثيق علاقاته بالأخرين ..
5- *وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ Multiply in wealth and children*لا حدس الأموال والأولاد زينة الحياة الدنيا ، ومصدرهما العمل والنكاح ، ولكن وسيلة توصل للحياة الأمثل في الاخرة ، ونعيمها . فالأموال من الوسائل المساعدة والأولاد احد الوسائط في العزوة . كبر الإنسان شيئاً فشيئاً ، فتزوج وكثر عياله وماله ، وكبر منصبه وجاهه .
فالجزء الأول من ثلاثة اجزاء فى الآيه .. "اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ"
*الجزء الثانى*بين ووضح الحق تبارك وتعالى نتيجة ذلك وحقيقته بجلاء ، وضرب لنا مثل يوضح مراحل تطور الانسان وحقيقة الحياة "كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ" فالحياة كالمطر الجميل "غيث" حينما ينزل على الأرض يطلع نبات أخضر صغير وجميل يفرح المزارع.. و تشير للمٌزارع الذي يقوم بدفن البذور في التراب أو الحرث محراث الأرض أو محارثها .
"ثُمَّ يَهِيجُ" الزرع يكبر "يهيج" زرع أخضر طويل . يعجب الناظرين ، والثمار طالعه منه ، وجاهز على الحصاد فالإنسان وأجله جاهز على الحصاد مالم يسبقه الأجل في صغره أو كبره أو بينهما في اي لحظة من اللاحظات .
*الايه يحصل من تطوراتها تطور مفاجىء وغير متوقع* .. المتوقع إن الآيه تذكر الحصاد والاستمتاع بالثمار والفاكهة ولكن الآيه حددتها
"فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا" .. فجأه تلاقى الزرع الاخضر الجميل تغير لونه إلى أصفر .. الإنسان منغمس فى اللعب واللهو والزينة والتفاخر والأموال والأولاد والتكاثر .. وفجأة يلاقى كل المتع الخضراء لونها أصفر لا قيمه لها . نهاية مطاف الحياة الأولى.
".. يَكُونُ حُطَامًاً " .. كل هذا الحطام الناس بتدوسه والانعام ، وقيمته صفر .
حقيقة الحياه وتطور مراحلها وتحولها السريع ، وفجأة نقمتها .
*الجزء الثالث* من الآيه ينقلنا صورة واقعية لا خيار منها يتعظ من يتعظ كعبرة وواقعاً .
فالإنسان يواجهه اليوم الأخر أسرع مما هو متوقع فى اختيارين فقط لا غيرهما ولا ثالث لهما ..فى تكملة الآيه العذاب الشديد أو المغفرة والرضوان . "وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ" "وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ".
فالإنسان سوف يعرف حقيقة الحياة فعلا ، وشاهد نهاية المطاف اخر الآية . "وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ" . هذه الحياة وحقيقتها ..المفروض نستعد لها ، ونتمسك بالمنهج المستقيم ، ونجعل العمل الصالح نصب أعيننا أعمل صالحاً قبل ان تتركك أو تتركها ؟؟ فلا يعني من سياق محصول القول الزهد بل تقارب وتسدد بين الأولى والاخره فلا تنسى نصيبك من الدنيا ، ولا من الأخرة ، وعلم لك فترة حياة في الأولى قبل التكليف وبعد التكليف " جريان القلم " من قبل الملاكين المكلفين بك . أحرص على كل مايرضي الخالق . وفترة حياة سرمدية دائمة أمًا في جنان أو جحيم ، فجعل بينك وبين الجحيم وقاية ، وخير الوقاية التقوى ، والوقوف عند محارم الله ، فالله يغار على محارمه .
فى الآيه التي بعدها تقول :
"سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ"
الآيه/ 21 من سورة الحديد*
هذا نستشف من مضامينها معاني عدة أهل الذكر اعرف ، والاختصاص ادرك في مثل هذه الأمور ، وأهل التفسير أعلم ، والعلماء الراسخين ادرى بمقاصدها إنما اجتهاد المقل .
نسأل الله الهداية والصلاح وحسن الخاتمة .