يبدو أن فرنسا قد وصلت إلى قناعة تامة بأن دوام الحال من المحال , وأن القارة الإفريقية قد بدأت تخرج عن سيطرتها لصالح التنين الصيني والدب الروسي والهند وتركيا . هناك العديد من الدول الإفريقية قامت بطرد فرنسا مثل مالي وبوركينا فاسو .. . يبدو أن فرنسا قد قامت بتسليم الراية في مستعمراتها الإفريقية إلى أمريكا بدون شرط أو قيد كما فعلت بريطانيا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية . القمة الإفريقية الأمريكية التي عقدت في واشنطن وانتهت أعمالها يوم الجمعة قد ولدت ميتة . في البداية أمريكا التي ترفع شعار (الحرية) لم تتوانى لحظة واحدة عن دعوة عشرات القادة الأفارقة من الإنقلابيين أو المستبدين . والرئيس الأمريكي أعلن عن التبرع بمبلغ (52) مليار دولار للقارة الإفريقية (رشاوى) , والتي سوف تذهب بدورها إلى جيوب الأنظمة الفاشلة في هذه الدول وبالتالي إلى حساباتهم الشخصية في بنوك سويسرا . لعل من أهم نتائج المؤتمر تكمن في الدعوة إلى مواجهة المخاطر التي تواجه القارة الإفريقية . طبعا هذه المخاطر لا تعني الفقر والجوع والجهل كما يعتقد البعض , بل في مواجهة الصين وروسيا في القارة الإفريقية (حروب الوكالة) . وأيصا محاربة الإرهاب والذي يخدم أمريكا ويبرر تدخلها في القارة الإفريقية . وهذه النقاط لم يتم الاتفاق عليها . لأن الصين وروسيا حملت معها إلى القارة الإفريقية مشاريع تنموية (مصالح متبادلة) , وقليلا ما يتدخلون في الشأن الداخلي لهذه الدول , ناهيك عن القروض وصفقات السلاح الغير مشروطة . ايضا الهند وتركيا تشعران بالقلق من التحركات الأمريكية في القارة الإفريقية , لأنه في حال نجاح أمريكا في طرد الصين وروسيا من إفريقيا فسوف يأتي الدور عليهما . اعتقد أن الكثير من الزعماء الأفارقة ومن خلال تعاملهم مع القادة في الغرب , قد وصلوا إلى قناعة تامة بأنهم يتعاملون مع أناس غير أسوياء ولكن بدرجة زعماء , ماضيهم مليء بالقتل والإجرام والنهب والسرقة والشذوذ الجنسي والكذب . ولا توجد في حضارتهم أي معنى للرحمة والإنسانية . هذا ما يجب أن يدركه زعماء العالم جميعا ومن هذا المنطلق يجب أن يتم التعامل معهم . الحيوانات في الغابة لا تقتل إلا عندما تجوع وتحتاج فيه إلى الطعام فقط . أما هؤلاء الذين تجردوا من كل القيم الإنسانية فلا يكتفون بذلك بل ينهبون كل ما لدى الدول من أموال وثروات وفوق هذا كله يجعلونها تستدين كي تعطيهم . وتخوض الحروب بالوكالة نيابة عنهم . حقا حضارة زبالة .