الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
هذا الجزء الأول ستة على ستة (٢٣).
الرحلات وآدابها، والتنقل بين الديار والأوطان، تعد متعة من أجمل متع الرحلات، يكتسب المعرفة والثقافة، وأدب التجول بين الاماكن ومعرفتها، وثقافة إنسان المكان، ومعرفة التكوين الاجتماعي من أجمل آداب الرحلات. المثل الشعبي الدارج: معرفة الديار إمارة، ومعرفة الرجال تجارة، ومعرفة ثقافات الشعوب علم.
رحلة في ربوع الأناضول (تركيا العلمانية)، والإخوانية (الإخونجية) حاليًا ، ومظلة الإخوان. تحكمها عصابة علوية العرق والمنزع بدعم من فروخ النصارى، ورجس الخنازير، وأحفاد القردة (اليهود) انتصار دولهم في الحرب العالمية الثانية، زادهم طغيانًا وتجبرًا ضد الإسلام وأهله، والخلافة الإسلامية، وإبرام مخطط واتفاقية (سايكس/ بيكو) من أجل تقسيم الخلافة الإسلامية بين نظم متعددة، ومتغايرة ومتناحرة فيما بينها، وراثية، وغير وراثية، وجمهورية عسكرية ومدنية متلونة ينزعها مناحٍ عدة تقليدية عرفية، وعلمانية تقدمية، وبعثية عربية (من أجل مسيحي العرب قلة، وتجاهل الكثرة الأغلبية العظمى مسلمي العرب) دعم العصابة المنقلبة على الخلافة الإسلامية الشرعية بزعامة العلماني العلوي كمال أتاتورك، وليس أبا الترك كما يقال، بل بعيد تمام البعد، وباعت هذه العصابة العلوية ذات المذهب العلوي أملاك الخلافة الإسلامية، وممتلكاتها لأعداء الإسلام أوروبا الصليبية. مرحلة انحطاط الخلافة في أنفاسها الأخيرة . أعتمدت في تصريف شئونها، وإدارة الدولة على جمعية الاتحاد والترقي، وهذه الجمعية فيما بعد تحولت إلى حزب جلهم من يهود الدونمه، سبب في إضعاف الخلافة الإسلامية وإزالتها، وجر الاستعمار على العالم الإسلامي، وآثاره البشعة، وويلاته الظالمة. عصرهم يشبه تمامًا عصر ابن العلقمي الشيعي، وعصابته التي جرت التتار على بلاد الإسلام، وإنهاء الخلافة الإسلامية ببغداد.
في صيف عام ١٤٣٨هـ كانت لنا والعائلة جولة سياحية في تركيا بمناسبة تخرج الأولاد في الثانوية العامة، وقبولهم في الجامعة، واكتمال حبورهم، وفرحتهم بالتخرج، والالتحاق بالجامعة، وموعد سبق أن وعدتهم إياه؛ رحلة خارجية، ووعد الحر دين والوفاء بالوعد من شيم الكرام، وحان الوفاء بالوعد. أذعنت بما وعدت، وتركت الأمر شورى بينهم لاختيار الوجهة، وتبادل الآراء بينهم، واستقر آخر المطاف اختيارهم على تركيا لعدة عوامل تضافرت فيما بينها، فرجحت تركيا، فالأولاد تعلموا اللغة التركية من الأفلام التركية، والاحتكاك ببعض الجاليات التركية في أثناء قدومهم في مواسم العمرة والحج، وبعض العمالة التركية في المطاعم، وصوالين الحلاقة ، وخلافه . فضلًا عن أنها مقر الخلافة الإسلامية سابقًا، ووجود الآثار الإسلامية في متاحفها، وعلى أديمها، وقطعة من الوطن الإسلامي، ومآثر إسلامية كثيرة على أديمها ومدارجها، وتأكدت الرغبة لدى جميع أفراد العائلة، وحسم الأمر، وطلبت خطة وبرنامج تسير عليه العائلة في أثناء تواجدها، وتنقلها على أراضي تركيا. نتفق على برنامج محدد دون اختلاف أو إحلال آخر، وأخذ الأولاد والأهل يتشاورون فيما بينهم، ويطلعون على مواقع السياحة وأماكنها ما يوافق رغباتهم، ويحقق إشباعهم المعرفي والفكري، فيما شرعت في إجراءات الجوازات من جوازات مكة المكرمة العاصمة المقدسة؛ عشرة جوازات "تلك عشرة كاملة"، وبدأت إحداهن تحجز تذاكر السفر على الخطوط السعودية، والأخرى مقار الإقامة في النواحي السياحية، والآخر في وسائل التنقل ووسائطها البرية والبحرية والجوية، وأيضًا آخر في المطاعم والملاهي، ومقر التسوق والأسواق، وأصبح كل أفراد العائلة يتنقلون كالنحلة بين الأزهار عبر الأجهزة الذكية بحثًا عما يسرّ الجميع، وقطف ما اتفقوا عليه من أجل رحلة ممتعة للجميع، وجمع ما حصل عليه من معلومات من أفراد الأسرة، واجتمعت العائلة في إثبات ما ينبغي، وإبعاد ما ينبغي، وجرت خطة الرحلة على نحو ما رسم لها بعد اتفاق العائلة:
١- تم إحضار عشر حقائب، وتجهيزها وتعبئتها بجميع مستلزمات الرحلة و لكل شخص منها.
٢- استصحاب كمية من مصاحف القرآن الكريم من مجمع الملك فهد مطابع خادم الحرمين الشريفين للمصحف الشريف هدايا.
٣- غادرنا المنزل من مكة المكرمة إلى مطار الملك عبد العزيز المؤسس الأول بمحافظة جده في تمام الساعة الرابعة صباحًا، الموافق 30/ 08/ 2017م (07/ 12/ 1438هـ).
٤- وصول المطار: تواجدنا في تمام الساعة الخامسة صباحًا، وتم قطع تذاكر الصعود، واكتمال إجراءات السفر، ودخول الجميع صالة المغادرة، والانتظار، وتعجبت من صالة انتظار المغادرين مزدحمة بالمسافرين لتركيا يخيل إليك أن كل مواطني السعودية مسافرون؛ من كافة جهات المملكة، ويتضح ذلك من اللهجات؛ تتباين فيما بينها، وصالة الانتظار تكتظ بأصوات المسافرين من مختلف الأعمار؛ من الرضيع حتى الكهل الطاعن في السن؛ أطفال ونساء وصبيان وشباب ورجال وكهولة، مختلف الأعمار والشرائح والثقافات، ويتصاعد إلى عنان سقف الصالة دخان سيجارات المدخنين، ونحس بلسعات حرارة جو الصالة من كثرة المسافرين، وعدم احترام المدخنين؛ بالتوقف عن التدخين وعدم مراعاة شعور الآخرين؛ فالإرشادات والملصقات تشير (ممنوع التدخين)، ولم يكن لها صدى بالامتناع عن التدخين، وبدأ المسافرين يبدون امتعاضهم من تزايد رائحة التدخين، و التضجر يتنامى، وكل من نشاهده في صالة المغادرة قاصدون تركيا، منظر عجيب، وكلما جلس أحد بجواري، وسألته عن الوجهة قال : تركيا. كل هؤلاء القوم بشرائحهم المختلفة تقصد تركيا، لك أن تتعجب من هذا العدد الهائل من أبناء الوطن يسافر، وأرى في أيدي المسافرين أوراقًا، اتضح أنها فيزا، وخشية أن تواجهنا مشكلة الدخول لتركيا لعدم أخذ الفيز، تعطل متعة الجولة في مناحي تركيا، فتناولنا أجهزتنا لدخول موقع السفارة، فتعذر علينا ذلك، فبدأت المرور على موظفي الأجهزة بالمطار لعلنا ننهي هذه المشكلة، ولم يتسنَ لنا ذلك، واتصلت بالابن حسن باعتباره ضليعًا وخبيرًا في الأجهزة؛ من أجل الحصول على الفيز، وتعذر عليه ذلك، وأخبرني أنه سوف يعيد المحاولة مع بدايات الدوام الرسمي، وإذا تمكن من استخراجها سوف يرسلها عبر الواتساب، وأحسست بضيق وحرج وانفعال، وزاد التوتر والقلق، وإذا برجل من حاضرة أهل مكة المكرمة في الخامسة والستين من عمره باللهجة المكية أو المكاوية يبشّر: (لا تكترث عند هبوطك مطار إسطنبول على المدخل يمينك قبل تختيم الجوازات تجد مكتوب باللغة العربية: فيزا؛ ينهون لك الفيزا)، وكان بجانبه شاب ظريف في ريعان العمر من أهل الطائف، فقال: (هون عليك، أنت تحمل الجواز الأخضر؛ جواز ملكي، لن يردك أحد، وسفارات المملكة تخدم مواطنيها أينما كانوا)، وتبين فيما بعد أنّ هذا الشاب يملك كافيهات عدة بالطائف وخارجه، وأنه من ضواحي الحوية. داخلني الاطمئنان، وأخذت أنفاسي مرتاحًا، وتناولت حساءً من الشاي، في انتظار إعلان التوجه لبوابة المغادرة. ما لبثنا قليلًا حتى طُلب إلى المسافرين لتركيا التوجه لبوابة الصعود. شاهدنا الطائرة،إ عملاقة مخيفة، وذكر كابتن الطائرة أن هناك رحلة أخرى في المساء مماثلة لتركيا، الطلب متزيد في الصيف والإجازات على تركيا. صعدنا الطائرة وأخذنا مقاعدنا داخل الطائرة، الجو مكيف، وجميل وطيب، والمقاعد وثيرة وجميلة ومريحة، وعدد المسافرين يتجاوز سبعمائة مسافر. أعلن ربط الأحزمة، ونادوا بإغلاق أجهزة الجوالات، وأعلنوا إرشادات السلامة استعدادًا للقلاع، وتم الإقلاع في تمام الساعة السابعة صباحًا.
وكانت الخدمة داخل الطائرة ممتازة؛ مطعومات ومشروبات وخلافها. وعندما استكانت الطائرة في طبقات الجو العليا، وهي تمخر عباب الفضاء، نسمع شخير الركاب وزفيرهم، وتداخل تناغمه كأجمل سيمفونية موسيقة. الفضاء جميل والسحب أكثر جمالًا، والأنوار مطفأة، والشاشات سر من رأى شغالة، والسكون يعم داخل الطائرة، وإشراق ضوء النهار مبهر، وقبل وصولنا مطار اسطنبول نشاهد جبال الأناضول ووديان أديمها، وحيازاتهم الزراعية والسكنية. يكتسي أديمها الاخضرار، خضراء كأنها زمردة، وبدأت تظهر مدنها بعمائرها ذات الأبراج والعمائر متعددة الأدوار أو الطوابق، يغلب عليها طابع الحضارتين الحضارة الإسلامية بعصريها الأموي والعباسي، والتواءات أنهارها وخلجانها البحرية، ومنعطفات الوديان، وفي أثناء الهبوط نشاهد زخات المطر كأنه مرحب بالزائرين. انتظرنا في مقاعدنا، ونشاهد من نوافذ الطائرة ميدان إقلاع الطائرات وهبوطها، جميل وفسيح يكتسيه عشب أخضر، وظلّ الركاب في مقاعدهم حتى أذن الملاحون بنزولهم، ومع مدخل بوابة المطار شاهدنا على اليمين لافته فيزا بالعربي كما ذكر لنا بمطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، وتقدمنا بجوازاتنا من أجل الحصول تأشيرة الفيزا، ثم انصرفنا يسارًا لصالة الجوازات؛ فالنساء انصرفن لقسم النساء بجوازاتهن، والرجال لقسمهم من أجل تختيم الدخول على الجوازات، ومعاملتهم طيبة وحسنة بخلاف المطارات العربية؛ يشوبها بعض التعقيد والانتظار الممل، ثم دخلنا صالة القدوم، أيضًا جميله وفسيحة، معلق فيها صور سلاطين بني عثمان، وبعض ملامح الحضارة العثمانية، ومعالم التراث العثماني، ووقف عندها المسافرون يتأملون فيها، تعجب البعض، وهمس البعض الآخر، والحق يقال: تراث وحضارة بني عثمان منجزات أفضل من العلمانية التركية الراهنة، ونستشف من خلالها أصالة الإسلام وأنفاسه، أسهم في بناء الحضارة العثمانية كافة شرائح المسلمين عربًا وعجمًا بصنعهم المبهر. انصرف المسافرون إلى مقر - الأمتعة - من أجل أغراضهم الشخصية من حقائب تخصهم، والبعض أخذ يتدرج بين صالات المطار متنقلًا من موقع لموقع آخر، مستمتعًا بالمشاهدات في أثناء تدرجه مظهرًا التعجب لبروز بعض المعالم الخلابة. انصرفنا إلى بوابة الخروج لنجد سائق الميكروباص (١٢ راكبًا) واضع لافته باسمنا مع مجموعة لافتات أخرى ينتظرون المستفيدين أو العملاء.
في الجزء القادم سنتطرق إلى مشاهدات الرحلة داخل أديم تركيا بين وهدانها ومدرها ومدنها، وقراها، وأسواقها، انتظرونا في العدد القادم، والله الموفق .
- أمير منطقة حائل يستقبل وزير السياحة
- إدارة تعليم المذنب تحتفي باليوم العالمي للطفل
- حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنين تعطلت واسطتهما البحرية في عرض البحر
- تنفيذ حكم القتل تعزيراً بعدد من الجناة لارتكابهم جرائم إرهابية
- النيابة العامة تعلن عن تدشين “غرفة الاستنطاق المخصصة للأطفال”
- «الحياة الفطرية» تطلق 26 كائناً مهدداً بالانقراض في متنزه السودة
- تستمرّ للثلاثاء المقبل معلنة دخولَ الشتاء.. جولة مطرية جديدة يصحبها انخفاض بدرجات الحرارة بمعظم المناطق
- لاستبدال 250,000 مكيف.. “موان” يعلن إطلاق ثالث مراحل مبادرة “استبدال”
- «الجنائية الدولية» تصدر مذكرتي اعتقال لنتنياهو وغالانت
- “حساب المواطن” يعلن صدور نتائج الأهلية للدورة 85 لشهر ديسمبر القادم
- من مخاطر داخل المنزل تهددهم.. “المدني” يؤكد أهمية المحافظة على سلامة الأطفال
- “الهيئة العامة”: كود الطرق وضع معايير وشروط لتصميم وتركيب مطبات السرعة
- بوضعية خارج الرحم.. “سعود الطبية” تنقذ جنينًا بحالة حمل نادرة في الأسبوع الـ26
- «الطيران المدني» يُصدر تصنيف مقدِّمي خدمات النقل الجوي والمطارات لشهر أكتوبر الماضي
- الزكاة والضريبة والجمارك تدعو وسطاء الشحن إلى الاستفادة من الخدمات الجمركية المقدمة في المنافذ البحرية
بقلم_خالد بن حسن الرويس
ستة على ستة – ٢٣ –
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3531440/