ما أشبه البارحة بالأمس المنصرم ، ولا حدس التاريخ يعيد نفسه ، وان تعددت صور أحداثه ، واختلفت اشكاله ، فالصورة واحدة ، وقد صدق شيخ الاسلام ابن تيمية حينما قال :الحكم نصفان هيبة وتدبير ، وكتابه السياسة الشرعية تبياناً لذلك ، ومن المؤسف هناك كثير من الأمراء ، والممالك الإسلامية في عصور مضت تطرقها الضعف والخور صدر منها بعض التصرفات ماكان ينبغي ان تصدر وهويتها إسلامية. سالمت الكفار ، وفقدت الهيبة وحسن التدبير ، وتحالفت معهم ضد أمراء وممالك إسلامية أخرى حرصاً على الدنيا . فخسروا الدنيا والآخرة ، ولم يحموا بيضة الدين ، وضاعت ممالك ، وأراض إسلامية كثيرة بسببهم ، والأمثلة كثيرة ابتداء بالحروب الصليبية ، والغزو المغولي ، وفقعات الفرق الضالة ، والمنحرفة في جسم الأمة الإسلامية والى اليوم . نذكر خيانات أمراء الأندلس كانت ٢٢ إمارة اسلامية على سبيل المثال للأسف ظاهرة عصر ملوك الطوائف (422-484هـ/1032-1091م) ومَنْ تلاهم؛ تسابقوا على تقديم فروض الولاء والطاعة والجزية لملوك ليون وقشتالة النصارى ( بني الأصفر الافرنج ) على حساب دينهم ووطنهم ثلاثية الثوابت الدين والمكان والإنسان طمعاً في هزيمة خصومهم من بني جلدتهم ودينهم ملوك الطوائف الآخرين، وتجلى ذلك في عصر ألفونسو السادس (ت 502هـ/1108م) من سلالته ملكة بريطانيا الهالكة إليزابيث الثانية العجوز الفانية في الشهر المنصرم الماضي الفونسو الأنف ألقى في قلوب ملوك الطوائف الرعب على رأسهم المعتمد بن عباد (ت 488هـ/1095م) ملك إِشبيلية وقرطبة.
فالعلامة ابن حزم الأندلسي (ت 456هـ/1065م) ينقل لنا حقيقة هذه الحقبة السوداء من تاريخ بلاده، موضحاً خيانات ملوك الطوائف مع بعضهم المتواطئين الدافعين للجزية لملوك قشتالة، البائعين لأوطانهم بثمن بخس، فكتب بحسرة وغضب واصفاً استعدادهم المنفلت للخيانة.
وذلك يقول ابن حزم في ‘رسالة التلخيص‘: "والله لو علموا أن في عبادة الصُّلبان تمشية أمورهم لبادروا إليها . نراهم يستمدّون النصارى فيمكّنُونهم من حُرُم المسلمين ، وأبنائهم ورجالهم يحملونهم أُسارى إلى بلادهم…، وربما أعطوهم المدن والقلاع طوعًا فأخلوْها من الإسلام وعمَّروها بالنواقيس، لعن اللهُ جميعَهم وسلَّطَ عليهم سيفاً من سيوفه" .
وبالفعل تمكن الصليبي ألفونسو السادس عليه من الله مايستحق من احتلال كثير من بلدان وقلاع وثغور المسلمين بالأندلس دون قتال كما ذكر ابن حزم؛ بل انضم بعض هؤلاء الملوك إلى جيوشه ضد أبناء دينهم ووطنهم، مثل المأمون بن ذي النون ملك طُليطلة (ت 467هـ/1074م) وحفيده الأمير القادر بن ذي النون (ت 485هـ/1092م)، ذلك الخائر الجبان الذي كان ملك قشتالة يطالبه "بالمال تباعاً، وبتسليم بعض حصونه القريبة من الحدود، وقد تسلم منها بالفعل حصون سرية وفتورية وقنالش، كل ذلك والقادر عاجز عن رده، مرغم على إرضائه" ؛ وفقاً لبعض ما أورده عنان نقلا عن دراسة تاريخية عن ابن عباد كتبها المستشرق الهولندي رينهارت دوزي (ت 1300هـ/1883م).
لم يكتف القادر بخيانة أمته الإسلامية ، وتسليم الحصون لعدوه بل وإسقاط طليطلة عاصمة مُلكه، بعد انسحابه منها لكي يدخلها ألفونسو منتصراً تشجعه على إمارات اسلامية اخرى في بحول الأندلس ، وتضيع من ديار الإسلام منذ عام 478هـ/1085م؛ بل تمادى في خيانته بتقديم العون العسكري لألفونسو اللعين ليحتل بلنسية.
يقول المقّري: "كان الطاغية ابن أذفونش (= ألفونسو) قد استفحلَ أمره، لمّا خلا الجوّ من مكان الدولة الخلافية (= الخلافة الأموية بالأندلس)، وخفّ ما كان على كاهله من إصر العرب، فاكتسَح البسائط، وضايق ابن ذي النون حتى أخذ من يده طليطلة، فخرج له عنها سنة ثمان وسبعين وأربعمئة، وشرط عليه أن يُظاهره على أهل بلنسية فقبِل شرطه، وتسلّمها ابن أذفونش؛ ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم".
بالفعل؛ دخلت قوات القشتاليين بلنسية ، وعاثوا فيها فسادًا ونهبًاً ، وهتك الاعراض ، واستباحت الدماء وتخريبًاً ، وأمَّروا عليها القادر بن ذي النون حاكمًاً تابعًاً لهم، فمقته أهل المدينة وكرهوا خيانته وبيعه لطُليطلة ، وتبعيته وذلّه لألفونسو، فارسلوا استغاثتهم للمرابطين بالمغرب وجاءهم المدد برئاسة قائد المرابطين يوسف بن تاشفين ، واستغلوا انتصار المرابطين على القشتاليين في ‘معركة الزلاقة‘ سنة 479هـ/1086م، فأعلنوا ثورتهم على القادر.
قبض البلنسيون على ملكهم الخائن لوطنه وشعبه، فقتله زعيم ثورتهم جعفر بن جَحّاف الثقفي (ت 488هـ/1095م) "بيده… وحُمل رأسه على عصًا يُطاف به الأسواق والسِّكك، واحتوى ابنُ جَحّاف على ما كان معه، وطُرحت جُثّته في سبخة، فواراه رجل من التجّار اجتاز به على بابٍ مغطّىً بحصير خَلِقٍ، ودفنَه دُون كفن" في شهر رمضان سنة 485هـ/1092م، في نهاية بشعة تكررت بصور مختلفة مع كثيرين من خونة الحكام!
ولعل دعوة ابن حزم -المتقدم ذكرها- على هؤلاء الملوك الخانعين لاقت إجابتها حين تدخل المرابطون لحماية ما تبقى من الأندلس، فهزم سلطانهم يوسف بن تاشفين (ت 500هـ/1106م) ألفونسو السادس في موقعة الزلاقة الشهيرة سنة 479هـ/1086م، ثم خلفهم الموحّدون في حكم الأندلس منذ مطلع أربعينيات القرن السادس الهجري . إثنان وعشرون دولة إسلامية بالاندلس تساقطت احدها تلو الاخر حتى تغلب البرانس عليهم وسلبوا الأندلس من المسلمين وانشاؤا دولتهم واطلقوا عليها اسبانيا وهذا ما أفرزته من التخلى عن الثوابت ، وحماية بيضة الدين ، وقيمه تسبب بالضعف والإهانة . وما يخشى ان يتبع ما تبقى من الإثنين والعشرين دولة تلحق بما سبقها ان لم تتحد صفوفهم في مواجهة مهددات الخطر المحيط بهم وأخطار المتربصون والمرجفون والفرق الباطنة المضلله والضآلة في مجتمعات الأمة الاسلامية .
- أمير منطقة حائل يستقبل وزير السياحة
- إدارة تعليم المذنب تحتفي باليوم العالمي للطفل
- حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنين تعطلت واسطتهما البحرية في عرض البحر
- تنفيذ حكم القتل تعزيراً بعدد من الجناة لارتكابهم جرائم إرهابية
- النيابة العامة تعلن عن تدشين “غرفة الاستنطاق المخصصة للأطفال”
- «الحياة الفطرية» تطلق 26 كائناً مهدداً بالانقراض في متنزه السودة
- تستمرّ للثلاثاء المقبل معلنة دخولَ الشتاء.. جولة مطرية جديدة يصحبها انخفاض بدرجات الحرارة بمعظم المناطق
- لاستبدال 250,000 مكيف.. “موان” يعلن إطلاق ثالث مراحل مبادرة “استبدال”
- «الجنائية الدولية» تصدر مذكرتي اعتقال لنتنياهو وغالانت
- “حساب المواطن” يعلن صدور نتائج الأهلية للدورة 85 لشهر ديسمبر القادم
- من مخاطر داخل المنزل تهددهم.. “المدني” يؤكد أهمية المحافظة على سلامة الأطفال
- “الهيئة العامة”: كود الطرق وضع معايير وشروط لتصميم وتركيب مطبات السرعة
- بوضعية خارج الرحم.. “سعود الطبية” تنقذ جنينًا بحالة حمل نادرة في الأسبوع الـ26
- «الطيران المدني» يُصدر تصنيف مقدِّمي خدمات النقل الجوي والمطارات لشهر أكتوبر الماضي
- الزكاة والضريبة والجمارك تدعو وسطاء الشحن إلى الاستفادة من الخدمات الجمركية المقدمة في المنافذ البحرية
خالد بن حسن الرويس
سته على سته- ١٧ –
03/11/2022 11:20 ص
خالد بن حسن الرويس
0
328983
(0)(2)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3526608/