أعلنت روسيا مؤخرا أن انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي سوف يؤدي مباشرة الى اندلاع حرب عالمية ثالثة اذا ما تم العمل بموجب ميثاق حلف الأطلسي الذي ينص على قيام الدول الأعضاء في التحالف بالانخراط عسكريا في الحرب دفاعاً عن أي دولة عضو في التحالف, و هو ما تخشاه الولايات المتحدة الأمريكية باعتبار أنها ستكون حينئذ مُلزمة بالدفاع عن أوكرانيا ضدّ قوةٍ صاروخيةٍ روسيةٍ عظمى كانت هدّدت باستخدام كل ترسانتها العسكرية لمواجهة حلف الأطلسي ان اتخذ قراراً بالتدخل عسكرياً في الصراع مع أوكرانيا الأمر الذي يثير المخاوف الدولية من استخدام روسيا للسلاح النووي التكتيكي في الحرب على أوكرانيا التي لا زالت تتحمّل لوحدها أعباء مقارعة ومقاومة هجوم الجيش الرّوسي المدجّج بأخطر أنواع الأسلحة رغم طلبها رسمياً الانضمام العاجل لعضوية حلف الأطلسي أملاً بمشاركة القوة العسكرية للحلف الى جانبها في هذه الحرب التي أرهقت كاهل القوات الأوكرانية و أسفرت حتى الآن عن سقوط مئات الآلاف من الضحايا الأبرياء, وتدمير البنية التحتية, واحتلال أربع مناطق أوكرانية كما أوضحت في المقال السابق بعنوان " لوغانسك و دونيتسك و زابوروجيا وخيرسون في قبضة روسيا", فضلاً عن ضم جزيرة القرم في عام 2014
لقد أدّت السياسات الخاطئة و شاءت الأقدار أن تكون أوكرانيا مسرحاً للصراع بين القوى العظمى التي طالما أكّدت على حقوق الانسان وتحقيق السلام, و تغنّت بالديموقراطية وعزفت على وتر الحرّية, غير أن الهجمات على المدنيين والمنشآت المدنية, والتدخل في الأزمات الإقليمية والنزاعات الحدودية بين الدول النامية انما يؤكد زيف هذه الشعارات لكثير من الدول الغربية والدّول الشرقية المتقدمة تقنياً.
ولذلك أرى أن العالم لن ينعم بالسلام والاستقرار الذي كان سائدا خلال حقبة ما قبل العصر الجاهلي طالما استمرّت الدول الكبرى في سباق التّسلح و غزو الفضاء و تخصيب وانتاج المواد الكيميائية الاشعاعية الخطيرة على حياة البشرية جمعاء.
من الواضح أن التحالف الغربي لا يريد التّورط في مواجهة عسكرية مرعبة مع روسيا وانما يريد الاكتفاء بفرض عقوبات اقتصادية على روسيا, و بتقديم الدّعم العسكري المتمثّل في منح أوكرانيا منظومات دفاع جوية متطورة رغبة منها في اطالة الحرب الى المدى الذي يمكن عنده اعلان روسيا التراجع أو الانسحاب تحت ضغط العزلة الدولية و تفاقم الأوضاع الاقتصادية, وتدهور الحالة المعيشية كما أوضحت في مقالات سابقة بعنوان : "صراع الكبار" و " نُذر الحرب بين القطبين المتنافسين", الا أن بعض المحللين يعتقدون بأن روسيا ربما تلجأ لاستخدام السلاح النّووي في حالة خسارتها المعركة مع أوكرانيا.
وفيما ترى أمريكا أن حرب روسيا على أوكرانيا غير مبرّرة سياسيا و أمنيا, فقد اعتبرت أوروبا أن الحرب على أوكرانيا بمثابة حملة روسية على الديموقراطية والنظام الدولي وبالتالي لا بد وفقاً لهذه الاعتبارات من الاستمرار في مواجهة روسيا اقتصاديا وسياسيا الى أن تتراجع عن مطامعها التّوسعية على حساب المواقع التي تتواجد فيها قواعد عسكرية لحلف الأطلسي بالقرب من حدود روسيا مع أوروبا الشرقية. وهو ما تعتبره الصين مبرّرا لمخاوف روسيا الأمنية.
وعموما أتساءل من هذا المنبر الصحفي عمّا اذا تفكّر دول العالم بالعمل على وضع رؤية استراتيجية للتوافق والتشاور حول اتخاذ قرارات جماعية تتبنّى اجراء ترتيبات اقتصادية واحتياطات أمنية معينة لمواجهة أي تداعيات محتملة لنشوب حرب عالمية نووية تهدّد في حال وقوعها حياة شعوب العالم على كوكب الأرض, و تقوّض جهود الأمم المتحدة لتحقيق السلام في مناطق الصراعات المسلّحة, و تعيد تشكيل خارطة العالم, و تسهم في انهيار النّظام المالي العالمي.
ان ما يحدث اليوم في الحرب الرّوسية على أوكرانيا انما يذكّرنا بقانون الغابة قديما حيث كانت الأسود والنّمور تتنمّر وتتمرّد على المخلوقات الأخرى لبسط هيمنتها بقوة المخالب و الأنياب ما يعني وفقا لهذا القانون الحيواني, أن من لا مخالب له اليوم ولا أنياب سيكون يوما ما ضحية لمن يتباهى بقوة أنيابه و طول مخالبه ان لم يتم تقليم المخالب و خلع الأنياب التي تشكّل تهديدا مروعاً للسلام وشبحاً مخيفاً للأمن ولاستقرار.
وَقـعَـت أَوَكَـرَانِــيَــا بَــيْــنَ فَـكّــيْ الْأَسَــد ** فَـاسْتَغَـاثَت وَاسِـع الـشِّدْقَيْنِ يَنْوِي الإبتلاع
حَاوَلَـت أَوكرانِـيَـا خـطـب ودّ الْأَطْـلَـسِـيّ ** كَيْ يَذُود الْحِلْف عَن اوكرانيا ضِدّ السِّبَاع
رَاوَغ الْحِلْف وَلَمْ يَـقْـبَل بِـضَـمّ الْـمُسْتَغِيث ** تَارِكاً أوكرانيا الـشَّـقْـرَاء تُـسْـبَـى أَوْ تُباع