أيها السيد الكريم
عندما تجعلك الظروف في أحسن حال و في مواقف معينة لتتصرف في أحوال الناس ، فعليك أن تعرف أن نفس تلك الظروف ستعيدك يوماً ما إلى مربعك الأول ، فلا تعتقد بدوام الحال فإن هذا من المحال .
كم سمعنا بل وشاهدنا الكثير من القصص التي تألمنا منها كثيراً لما آلة إليه أحوالهم فالأيام تمضي والأحوال تتغير والحياة تقسوا بِلا رحمة ، فخذ سيدي الكريم من صحتك لمرضك ومن فراغك لشغلك ومن قوتك لضعفك ، فقدم الخير والعون والمنفعة لناس ممايساعدك في بقية حياتك ، لتعيش سعيداً ذات يوم ، فكل ماتقدمه يوماً ستجده أمامك ، فإن كان خيراً فاحمد لله عليه وإن كان شراً فلا تلومنَّ إلا نفسك .
كثيراً منا في معمعة هذه الحياة ينسى ويتناسا بأن يومه ليس كغده فقد تتقلب الليالي والأيام وتتمخض عن ولادة يومٍ عسير ، فلا تغتر بحياة قد ترى منها ماتكره وتفقد فيها أعز ماتملك .
فاجعل بينك وبين الناس ( شعرة معاوية )
والتي أصبحت شعاراً للعقلاء فكان يقول معاوية ، كانوا اذا مدوها أرخيتها وإذا أرخوها مددتها .
فهذه السياسة يستطيع إستخدمها الإنسان في عمله وتعامله وحياته الخاصة والعامة ، حتى يبقى الوصال بينه وبين الناس ، فما تدري ما تُخفي لك الأيام فيبقى الود وسلامة النفس فتعيش حياة الرضى والسعادة وتكسب الأعداء قبل الأصدقاء .
الندم الحقيقي أنك تكتشف ذات يوم وبعد فوات الأوان على فرصةٍ كانت بيدك وفيها منفعة لك ولغيرك في الدنيا والآخرة ولكن الغرور والتعالي على الآخرين والإعجاب بالنفس والإستغناء بالمنصب والمال والجاه ، ضيع عليك فعل الخيرات لمن طرق بابك وطلب العون منك ، وصنائع المعروف تقي مصارع السوء ، فهناك من جبرته الظروف إلى الولوج إليك في مكتبك العامر لطلب التغاضي والمساعدة والرفق بهم ، فعند مآلك الآخير لمرضك أو تقاعدك ستكتشف غباءك وجهلك في ساعة الحسرة
فتذهب نفسك عليهم حسرات ،
فتكون كما قال الشاعر :
ندمت ندامة لو أن نفسي .. تطاوعني إذاً لقطعت خَمسي
تبيّن لي سفاه الرأي منّي .. لعمر أبيك حين كسرت قوسي