في الآونة الآخيرة نرى تسابق محموم لكثير من الشباب و صِغار السن ممن لم يبلغ الحُلم في مزاحمة كبار السن وعلية القوم وأصحاب الرأي والمشورة في تصدر المجالس والتقدم على الصفوف ومقاطعتهم أثناء الحديث بل وتجاهلهم أحياناً والجلوس على موائد الطعام قبلهم وأخذ نصائحهم على سبيل الطقطقة والضحك والإستهزاء دون رادع يردعهم ولا ناصح ينصحهم وبلا أدبٍ أو حياء .
ولو تفحصت في وجوه هؤلاء الشباب لرأيتهم أبناء لأجدادٍ وعائلات من ذوي النسب العريق والرأي السديد وأصحاب الحل والعقد وفرسان الكلمة والأدب والفروسية فيما مضى ولهم مكانتهم عند القبيلة والمجتمع .
مما يجعلنا نتساءل بمن تأثر هؤلاء الشباب وما الأسباب التي جعلتهم بهذا السلوك السيئ ولا مبالاة لكثير من العادات والتقاليد المشرفة من علو الهمم وكرم العطاء والإيثار على النفس والتواضع ورقي في التعامل ، فقد اختلفت المفاهيم وتغيرت المذاهب و تساهل الكثير منا في تربية أبنائهم التربية الحسنة على إحترام الكبير وتقديره و إكرام الضيف والإهتمام به وعدم الإنشغال عنه وهذا من تمام الكرم فرغم وجود العلم الشرعي و إنتشار المعرفة والمطالعة لكثير من العلوم والتجارب إلا أن أسلوب التربية والإهتمام بالأخلاق وحُسن التعامل مع الآخر في الطريق المنحدرة إلا قليلاً منهم .
فالحقيقة المرة أن دور الآباء والأمهات والمعلمين والخطباء والمثقفين والمؤثرين والإعلام أضمحل إلى درجة الغياب التام ، لم يعد كما كان في الماضي حيث الإهتمام بالنشئ بتعليمهم بإحترام الكبير والعطف على الصغير وتقدير المجالس والنصح و والإرشاد لهم ويقولون لمن أحسن أحسنت ولمن أساء أساءت وإستخدامهم لمبداء الثواب والعقاب ، أو بمعنى آخر العصا والجزرة لتعديل السلوك الغير مرغوب فيه لدى الأبناء والبنات كان ذلك في فترةٍ من الفترات عندما كان الجميع يقوم بدوره .
فلعل غياب القدوة الحقيقية و الإنفتاح على العالم الآخر بدون قيود ، و ضعف الوازع الديني والإبتعاد عن الشارع الحكيم ، مع قِلة التناصح وصِدق التعامل بين الأهل ، وإنشغال المرء بنفسه متأثرين بمقولة أترك الخلق للخالق ، و التأثر بالماديات و بالمسلسلات ومشاهير الفلس بالتقليد الأعمى لكل سلبي وتقبل المجتمع لذلك دون إنكار عليهم بإسم التحضر والرقي والتمدن والتطور ، من الأسباب المؤثرة حتماً على تغير هذه الأجيال وإنكفائهم عن الكثير من تلك العادات الحميدة .
من وجهة نظري أننا بحاجة للمراجعة وإعادة التأهيل على جميع الأصعدة التربوية والتعليمية والثقافية بعمل برامج تأهيلية وتدريبية لما قبل الزواج ، و الحرص على تربية النشئ تربية إسلامية ، مع ضرورة تواجد قدوات حقيقية في المجتمعات ، و قيام القنوات الرسمية بأدوارها ومراقبة ما يُبث من سموم عبر بعض القنوات ووسائل التواصل الإجتماعي من مسلسلات وبرامج وغيرها نريد ( مقص الرقيب ) .
أمنية :
أتمنى من أصحاب القلم والمنابر الإعلامية والأكاديميّين و شيوخ القبائل ونوابهم والمعرفين و خطباء المساجد والوعاظ والمثقفين والمعلمين وعقلاء مشاهير السوشل ميديا القيام بالواجبات المنوطة بكم نحو المجتمع والفرد بالتناصح والإرشاد والتوعية والتشجيع ونشر ثقافة الإحترام والتقدير والإهتمام بكبار السن وتوقيرهم فهذا من ضمن مسؤولياتكم وصميم أعمالكم فأنتم قدوات للمجتمع والفرد .
وقبل الأخير الجميع مسؤولين مسؤولية تامة تامة عن هذه الأجيال بتربيتها وتنشئتها التنشئة الإسلامية وتعليمهم العلم النافع ونقل التجارب الأيجابية لهم وتأديبهم بالأداب العامة ليكونون فاعلين مؤثرين أقوياء بالله ثم بأنفسهم ، لا ضُعفاء متأثرين بغيرهم متناسين لهويتهم وإنتمائهم لمعتقداتهم وعاداتهم وتقاليدهم فكل شعوب العالم يعتزون لماهم عليه رغم أن الكثير منهم ليسوا على حق فكيف ونحن أمةً مسلمةً منقادة لقول الله وقول رسوله صل الله عليه وسلم .
قال الله تعالى : ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون )