إن المتتبع للحضارات الإنسانية على امتداد التاريخ يجدها متفاوتة ولربما مختلفة بما توافر لها من مُقومات الحياة الجغرافية والاقتصادية والأمنية والاستقرار الإجتماعي والتوافق الديني والفكري والحكم الإداري حتى إذا ما وصلت إلى أوج قوتها على سبيل الاحتمال أصابها الوهن فالضعف التدريجي فالاندثار، وهذا ما حلّ بالكثير منها، إما من ناتج عدم استجابة مجتمعاتها لأوامر الله وعبادته، فكان مصيرها الدمار والهلاك، كقوم عاد وثمود وأصحاب الأيكة أو لأسباب أخرى متنوعة، وتلك هي سنة الله في خلقة إلى قيام الساعة، وما الحضارة الغربية التي نحن بصددها إلا واحدة من تلكمُ الحضارات التي تعود بجذورها التاريخية للإغريقين والرومانيين واليونانيين بحسب المصادر التاريخية ومع مرور الوقت أخذت تتنامى وتتطور شيئاً فشيئا حتى وصلت لما هي عليه الآن من التقدم والازدهار في كافة مجالات الحياة العلمية والصناعية والتقنية والتعليمية والإعلامية والثقافية والعسكرية وغيرها من الأنشطة التنموية الأخرى، بينما العدل والحرية وحقوق الإنسان كجزء لا يتجزأ من المنظومة الأخلاقية فيقتصر تطبيقها على المنتسبين إليها فقط، أما غيرهم، فمصداقية هذه المفاهيم الإبادة والدمار، وبخاصة المسلمين، ومنذ القدم وقتما احتلوا أراضيهم من خلال حروبهم الصليبية الوحشية وتمكنهم بالتالي وبتوفيق من الله تعالى ثم بعزيمتهم القوية، من استرداد أراضيهم بعد قرنيين من الزمان، وكذلك ما حصل أيضاً للعراق عام 2003م حينما احتلته أمريكا بحجة امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل وهو ليس كذلك، ناهيكم عن اتخاذهم التطرف والإرهاب وترويج المخدرات شعاراً لمحاربة المسلمين في أي مكان من العالم، بينما يعتبرون أنفسهم المُنزهون تماماً من هذه السلوكيات الإجرامية !! ولو استرسلنا لقنا أيضاً قيامهم بنشر فوضى الأخلاق وبناء العلاقات الحرة بين الجنسين وزواج المثلين المخالف للفطرة الإلهية، ودعوتهم للتفسخ والتبرج والتعري والاختلاط والذي ربما يؤدي لهتك الأعراض والنيل من شرف بعض النساء، شبيهاً بما هو حاصل في بلادهم ومنذ سنين طويلة وفق ما أظهرته تقاريرهم بهذا الخصوص وهي تشير إلى أن ما نسبته 25% من إجمالي الأطفال في أمريكا لوحدها غير شرعيين من جراء اغتصاب النساء وأن ثلثيهم يعيشون في منازل دون أبوين فيما بلغت حالات الانتحار بين المراهقين بحسب قول الباحث باتريك بوكانان أضعاف ما كانت عليه في أعوام ماضية، وأن لديهم أربعة وثلاثون جمعية أمريكية بمُسمى ( فـن الموت ) تتيح لمن أراد الانتحار تحقيق هذه الرغبة مقابل دفع مئتي دولار وسط حفل جماعي يتخلله طرب وتناول مهدئات هذا عدا عرضهم لملايين الأفلام الاباحية على مدار الساعة عبر قنواتهم الفضائية وتقنياتهم الحديثة لأجل نشر الرذيلة والشذوذ الجنسي داخل المجتمعات المحافظة، مُبيناً الدكتور محمد مرسي في إحدى كتاباته: بأن أخطر ما توصل إليه مفكرو الغرب من خلال غزوهم الثقافي التركيز على الإنسان من داخله بحيث تزلزل شخصيته ولا يعرف صاحبها رأسه من قدميه، وأن السيطرة على العقول أهم من احتلال النفط ، تلكمُ هي الحضارة الغربية التي أشقت كثيراً من الشعوب، في الوقت الذي يزعم المنتمون إليها بأنهم الأنقى والأزكى على سائر البشر وأن حضارتهم يُقتدى بها، متجاوزين بهذا النهج الجائر والظالم والحاقد كل الأعراف والقوانين والأنظمة الدولية، ولا غرابة في ذلك طالما تأسسوا على معتقدات دينية باطلة وأفكار علمانية ولبرالية فاسدة ومادية وإلحادية لا تُؤمن بخالق لهذا الكون ولا بالغيبيات ولا برسل ينزل عليهم الوحي ولا بقيم مثالية فوق المنافع واللذات ولا حياة لما بعد الموت، مُوكداً ( إريك فروم ) أحد مُفكريهم بأن الاختلال والاضطراب الذي مُني به مجتمعهم الغربي المعاصر يستدعي بناء مجتمع جديد يقوم على أساسٍ من الكينونة والوجود لا على الأنانية والتملك، وأن التقدم التقني الذي أحرزوه قد خلق مخاطر أيكولوجية قد تُؤدي لإنهاء حضارات بكاملها على هذا الكوكب، وأن الهدف من الحياة السعادة وتحقيق أقصى متعة واشباع أي رغبة ذاتية للفرد أو بما يُعرف بمذهب اللذة الراديكالي، وأن الأنانية والجشع مهمان للنيل من المصالح الشخصية التي تفضي للانسجام والسلام، مُطلقاً عليهم مُفكرهم الفرنسي روجيه جارودي وهم على هذا النحو ( امبراطورية الشر الأبيض ) لاعتدائهم على أراضي شعوب مستضعفة واستلابها مواردها ( ليبيا العربية مثالاً ) مُعتبرين الإسلام يُشكل خطراً على حياتهم ويُنذرهم بالويل والثبور، بينما هو يُمثل منهجاً قويماً وصالحاً لكل زمان ومكان بما يتضمنه من قيم إنسانية خلاقة تتجسد من خلال إقامة العدل والمساواة والدعوة للتسامح والتشاور والتعاون والاحسان والمحافظة على الضروريات الخمسة(النفس والعقل والدين والعرض والمال ) عدا كونه هو الدين الوحيد من بين كل الديانات السماوية والوضعية الذي لا يجد فيه الناس تصادم بين مقتضيات عقولهم وما يُحقق مطالبهم الروحية والخلقية، علاوة على مقدرته الفائقة على امتصاص واحتضان جميع التيارات الحضارية أيا كان مصدرها طالما لا تتعارض مع منطقه الأخلاقي والعملي بحسب رأي المفكر العربي مصطفى طه، والذي كان من شأنه أن دفع بأعداد كبيرة من مختلف الديانات للدخول فيه كدين عظيم وقويم لا غنى عنه البتة، وعن رضا وقناعة تامة قال تعالى ( مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) يتبع ( رقم 2 )
--------------------
بقلم عبد الفتاح أحمد الريس
- النيابة العامة تعلن عن تدشين “غرفة الاستنطاق المخصصة للأطفال”
- «الحياة الفطرية» تطلق 26 كائناً مهدداً بالانقراض في متنزه السودة
- تستمرّ للثلاثاء المقبل معلنة دخولَ الشتاء.. جولة مطرية جديدة يصحبها انخفاض بدرجات الحرارة بمعظم المناطق
- لاستبدال 250,000 مكيف.. “موان” يعلن إطلاق ثالث مراحل مبادرة “استبدال”
- «الجنائية الدولية» تصدر مذكرتي اعتقال لنتنياهو وغالانت
- “حساب المواطن” يعلن صدور نتائج الأهلية للدورة 85 لشهر ديسمبر القادم
- من مخاطر داخل المنزل تهددهم.. “المدني” يؤكد أهمية المحافظة على سلامة الأطفال
- “الهيئة العامة”: كود الطرق وضع معايير وشروط لتصميم وتركيب مطبات السرعة
- بوضعية خارج الرحم.. “سعود الطبية” تنقذ جنينًا بحالة حمل نادرة في الأسبوع الـ26
- «الطيران المدني» يُصدر تصنيف مقدِّمي خدمات النقل الجوي والمطارات لشهر أكتوبر الماضي
- الزكاة والضريبة والجمارك تدعو وسطاء الشحن إلى الاستفادة من الخدمات الجمركية المقدمة في المنافذ البحرية
- بعد 60 يوماً لانتهائها.. “المرور”: غرامة التأخير عن تجديد الرخصة 100 ريال للسنة
- واحة بريدة .. تظفر بالبورد الألماني
- تقرير تقني يحذّر.. لا تحمّل صور أشعتك الطبية إلى روبوتات الدردشة بالذكاء الاصطناعي
- فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بحائل يفعّل مبادرة “الموظف الصغير” احتفالاً بيوم الطفل العالمي
عبد الفتاح أحمد الريس
الحضارة الغربية وما خفي أعظم -1-
02/09/2022 11:19 ص
عبد الفتاح أحمد الريس
0
272171
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3518300/