لا حدس الحديث في هذا المقال عن شخصية من شخصيات العرب قبل البعثة وأثناءها . سيد من سادات مكةالمكرمة وصنديد من صناديد قريش ، واحد شرفاء قريش وكنانة ، وجيه من وجهاء قريش واثرياءها . شخصية بارزة ، وبارز بشخصيته له ذكر غير خامل عند ظهور الإسلام وبزوغه في أول عهده بمكةالمكرمة. أنفرد عن قريش عدم التصادم بالاسلام ، وتحلى ببعد النظر في بعثة الرسول اولاً ، ومشكاة القرآن الكريم ثانياً .
إنه سيد بني عبدشمس ، ووجيه من وجهاء قريش ، وتاجر من تجار مكة ، ويزاول التجارة وزعيم من زعماء مكةالمكرمة ، ومن حكماء قريش ينفرد بحسن الرأي والتصرف إذا صكت المحافل ، وحلت المواقف الحرجة ، ونزلت النوازل أنفرد بحلحلتها .
ينعت بالعدل لأنه يعدل قريش كلها بالحلم ، والروية والرأي السديد والأناة ، أوقف حرب الفجار ، ونشر مبادئ التسامح بين العرب ، ونبذ الفرقة والاختلاف .
هذه الشخصية غير خاملة الذكر كما سلف انفاً هو /عتبة بن ربيعة القرشي أخو شيبة ، وهو ينتخي بأخيه شيبة إذا دارت الحوالك برحاءها .
المولود بمكة قبل الهجرة بسبعة وخمسين عاماً الموافق بالميلاد ٥٦٥م ، ونحر أبيه ربيعة يوم ميلاده عشراً من الإبل . المتوفي سنة ٦٢٤م في معركة بدر في صفوف المشركين بين الحق والباطل بين المسلمين والمشركين من قريش ، وعمره يوم ذاك يناهز تسعة وخمسين سنةً بوفاته خسرت قريش الحكمة والرأي ومن وراءها المشركين . المكابرة زجت به في ميادين الوغى وساحات القتال وشهد مصرعه فيها .
يكنى أبو الوليد ، ويلقب بالعدل ، وأمه / هند بنت المهاجر بن الحارث بن زهير القرشية ، وزوجته / هالة بنت كبير العبسية العامرية القرشية . طلقها ثم تزوج بأم خناس العامرية القرشية ، ومن بناته هند بنت عتبة من زوجته المطلقة هالة بنت كبير العبسية القرشية ، وأبنته هند لها ذكر غير خامل صحابية ، وهند زوجة/ صخر بن حرب بن أميه يكنى بابي سفيان ، وهند لها موقف اثناء مباعية النساء لرسول الله ، ومن ضمن شروط البيعة الذي اشترطها عليهن الرسول ان لا يزنن فقالت : أتزني الحرة يارسول الله ؟ وعرفها عليه أفضل الصلاة والسلام بصوتها ( هند بنت عتبة ) .
عتبة تزوج في حياته ثلاث مرات لم يجمع بينهن فالأولى هالة بنت كبير العبسية ولدت له ثلاثة من الأولاد هند والوليد وأبو حذيفة وطلقها وتزوج أم خناس العامرية القرشية فولدت له فاطمة فطلقها ، وتزوج صفية السلمية وولدت له أمنه .
هو من قيل فيه بشهادة خصومه ( ان يكون في القوم خير فعلى صاحب الجمل الأحمر ) يقصد عتبة بن ربيعة . وآوى الرسول صلى الله عليه وسلم في بستانه إذ طرده أهل الطائف .
ولد أرجح الأقوال قبل عام الفيل بثلاث سنوات بمكة . يتميز بطول القامة ، وقوة البنية والشكيمة . نشأ في مكة ، وتعلم القراءة والكتابة ، والأنساب وأخبار العرب ، ومعرفة الديار والقبائل ، وتاريخ قريش على يد أفضل المعلمين ، وأمهر المدربين في تهامة ، وأنفرد بنعوت المجتمع والمكان ، وتعلم الفروسية وفنون المبارزة ، وكان في طليعة الفرسان في حرب الفجار ، وخاض المعركتين فيها ، وسعى ماوسعه المسعى في ايقاف حرب الفجار . له ثلاثة مواقف مع رسولنا عليه أفضل الصلاة والسلام . نسوقهاكمايلي :
الموقف الأول - أوى الرسول عليه الصلاة والسلام في بستانه بريحة بالطائف حينما يطارد من قبل أهل الطائف ، وستند على حائط بستان عتبة من أجل الراحة ، وسمي الموقع ريحة ، وحينما شاهده شيبة شقيق عتبة ، مستند على الحائط دار بين الأخوين حوار حوله عليه أفضل الصلاة والسلام . حوار في بستانهما بالطائف وحوارهما مع بوادر نضوج ثمار العنب يتلخص بما نصه :
رى شيبة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام مستنداً على حائط بستانهما ، وتظهرعليه ملامح الإنهاك والتعب . قال شيبة لأخيه عتبة : انظر لفتى بني هاشم ، فقال عتبة : ان هذا الفتى بعد أن رأه يؤمن بقضية وإصراره وصبره ستفرز محامدها ، وستستحلب أمر عظيم ، وتظهر جلية ، فدخل الاستعطاف قلب عتبة ، وأمر أحد مواليه عداس النينوي ان يدخله داخل الحائط ، ويقطف له من ثمار العنب المستوي ، ويذهب به لمحمد صلى الله عليه وسلم ، ولما أحضر عداس العنب ، ورآه تناول أول حبه منها ، وهو يقول بسم الله كلمة لم يسمعها من قبل ، ولما سأله عن أصل الكلمة ، وأخبره الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام عن أصلها . أعلن عداس إسلامه وقال له : ابق بحائط سيدك حتى تسمع بظهوري وهذا الدين وألحق بنا ، فرى شيبة تغير عداس فصرخ على أخيه عتبة ، فقال: انظر انه أفسد احد موالينا . ماكان جواب عتبة ان فتى بني هاشم له شان عظيم . سترى هذا قريباً ، واخذ يعدد إيجابيات محمد:
١- لا يتشكى ولا يتباكى لأحد .
٢- إصراره على هدف معين . سوف يعطيه إيجاد الحل الأمثل في تحقيق الهدف .
٣- يستشرف المستقبل ، ولا يتباكى على الماضي.
٤- لا يؤمن بالحظ كثيراً ، بل يومن بالسعي الجاد نحو هدف مأمول .
٥- لا يضيع الوقت باعتباره الأثمن .
٦- يصادق أشباهه ، ولا يجد راحته مع السخفاء .
٧- لا يميل للجدل والفوضى .
٨- يتحامل على آلامه بالجلد ، والمشاق والمتاعب بالصبر ، نحو هدف يسعى اليه .
ثم قال: ياشيبة دعى فتى بني هاشم في حاله ، ان لم يجد منك ماتساعد به . سيكون له خبر في الأرض ، ويتكاثر اتباعه ، فقال شيبة: يبدل دين الأباء ، فقال: لاحدس دين الأباء خالطه مالا ينبغي . تغير لونه وطعمه ورايحته ، ويريدوا تشريبها أجيال مقبلة . تحمل بذور أفكار فاسدة ، وقيم جديدة تتصارع فيما بينها موروث فاسد ، ولاشك الأباء بدلوا دين الأجداد ، ولا بد حتماً صيرورية لا مناص منه . يتبدل بداءها عمرو بن لحي الخزاعي بجلب ما غير دين الأجداد . ياشيبة أترك محمد في سبيله سيكون له شأن عظيم ، وسترى أكابر قريش صاغره عن أنفها الأصاغر والأكابر . راكعةً له . سنة الحياة تدافع الأفكار والناس ببعضها ، وليس لها تبديل . صراع الحياة عقيدة او مادة لا ثالث لهما .
الموقف الثاني - في المسجد الحرام كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم جالس بمفرده . ذهب عتبة ، وجلس بجواره ، وتبادل أطراف الحديث محاوراً ، ولأن عتبة ذا فطنة وذكاء . بدأ الكلام محاوراً ، ورتبه ونظمه ، ونوع فيه . يطوي في طرفيه الأغراء والتهديد بين مخاطبة العقل ومناجاة القلب ، فلا حدس هو من الحكماء ، إبتداء عتبة كلامه يرفع من قدر رسول الله من أجل إحراجه نفسياً قائلاً : يابن أخي ، وحشاشة الصدر ، ودرة قريش . إنك منا حيث علمت من المنزلة في السمية ، والفصيلة والعشيرة ، والمكان في النسب ثم أتبع بالتلويح بما يعتبره جرائم ضخمة لا يجب في رأيه ان تاتي من هذا الانسان رفيع القدر ، ومهجة قريش قائلاً : إنك أتيت قومك بأمر عظيم ، فرقت به جماعتهم ، وسفهت به أحلامهم ، وعبت به آلهتهم ودينهم ، وكفرت به من مضى من آباءهم . يريد بمنتهى الوضوح . إنك متهم بزعزعة نظام قريش في مكة ، فمالك أنت والدين ؟ دع الدين لأهل الدين ، والرئاسة والزعامة لاهلها من الضرورة الحتمية والصيرورة اللازمة عليك من ربط اللازم بالملزوم ان تدعه للكهان ، ومن يخدم الأصنام . أنت أقدمت على هذا العمل ، وقد تسبب لقومك كذاوكذا وكذا ، وقد يكون ما أقدمت عليه خطأً غير مقصود ، ومن ثم لمنزلتك عندنا ، وعند قومك عظيمة ، سنعرض عليك أموراً ، فاختر مابداء لك منها ما شئت. بهذه الطريقة أستهل غايته ، وأفصح عن مكنونه .يريد عتبة ان يخير رسول الله ان هذه الاقتراحات التي سنطرحها عليك ليست اقتراحات مغرية ، بل مجرد رفض هذه الاقتراحات معناه توجيه إثبات وتوثيق التهم الخطيرة عليك يامحمد ، والتي عقابها انت تعلمه ، ولن أذكره لك . ولا غرابة محمد يتفهم مثل هذا الأسلوب جيداً ، ويعلم ان هذه مساومة على الدين ، فقال له محمد منادياً إياه بكنيته ، وأحب الأسماء اليه : قل يا أبا الوليد يريد محمد ان يستوعب عتبة بن ربيعة ويعطيه فرصة للحديث حتى يعطيه بعد ذلك بدوره فرصة للسماع ، قال عتبة يعرض لأمور غاية في الاغراء لأهل الدنيا من أجل ان يصرفه من عقيدة ومنهجاً للمادة الراسمالية :
يا أبن أخي ، ان كنت تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً ، وان كنت تريد به شرفاً سودناك علينا ، وركزناك زعيماً ، ولا نقطع أمراً دونك ، وأن كنت تريد به ملكاً ملكناك علينا ، وان كان هذا الذي يأتيك رئياً تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب ، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبريك منه ، فإنه ربما غلب التابع على المتبوع حتى يداوى منه . وكان عتبة يقدم العروض ، وهو يرى أنه يقدم تنازل في فجر التاريخ عموماً وفي مكة كلها خصوصاً . ولم يقطع النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام حديثه ، بل كان مصنتاً لحديثه ، وقد تركه حتى فرغ تماماً من حديثه ، وبعد أن أنتهى من حديثه . قال له : أقد فرغت يا أبًا الوليد ؟ أجابه نعم . أستهل محمد بالحمد والثناء والشكرلله وقال: فأسمع مني ولم يستطيع عتبة ان يرفض السماع ، فكان مضطراً ان يسمع حتى وان كان على غير مراده ، محاولة لتعليم وهداية عتبة بداء النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث فقال : أسمع فتلى عليه سورة فصلت وعندما وصل تلاوته عليه السلام آية ١٣ من السورة ارتفع التحذير والتهديد فيبلغ ذروته حين قرأ قوله تعالى : ( فإن أعرضوا فقل انذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ) آية ١٣ سورة فصلت . ما أن سمعها لم يتمالك عتبة نفسه عن عدم السماع ، وقد اخذ به الرعب والهلع مبلغه وكاد قلبه ينخلع من الارتجاف ، وشعر صاعقة ستنزل عليه في لحظة ، ونسي أمر عدائه ، والمفاوضات ، بل نسي مكانته وهيبته ، قام فزعاً ، ووضع يده على فم النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهو يقول أنشدك الله والرحم ، أنشدك الله والرحم ، ويكررها مرات . كفى كفى من فوره قام عتبة يجر ثوبه ، ويرثع فيه متعثراً في ثوبه مهرولاً إلى قومه ، لا ينظر خلفه ، عيناه زائغتان ، أنفاسه متقطعة ، يلهث حتى دخل على زعماء قريش . لما شاهدوا حاله قال بعضهم : تالله وبالله فوالله وبالله جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به ، وحين جلس وأستعاد أنفاسه قالوا : ما وراءك يا أبًا الوليد ؟ بداء عتبة يسرد تجربته ، ويتحدث كأنه احد دعاة الإسلام فقال : سمعت قول ماسمعت مثله ، والله ماهو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة . يامعشر قريش ، أطيعوني واجعلوها في وبي وخلوا سبيل هذا الرجل بين ماهو فيه ، فاعتزلوه ، فوالله ورب هذا البيت العتيق ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأً بعد حين عظيم ، فإن تصيبه العرب كفيتموه بغيركم ، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم ، وعزه عزكم ، وكنتم أسعد الناس به . ردوا عليه في ذهول تام ، وقالوا: سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه . فأجابهم برأيه متمسكاً بل الحق : هذا رأيي فيه ، فاصنعوا ما بدا لكم .
الموقف الثالث - يوم بدر خرج عتبة بن ربيعة رغم أنفه مع فرسان قريش لحماية القوافل ، وحين وصلهم خبر سلامة قوافلهم قال: ارجعوا واعصبوها برأسي ، وقولوا جبن عتبة ، لكن فرسان قريش أخذتهم العزة بالأثم على رأسهم عمرو بن هشام . رفضوا العودة وقال عمرو بن هشام: أن نجت القوافل هذه المرة من يأمن عليها في المرة القادمة . لا والله لا نرجع حتى نرد بدراً ، فنعسكر فيه ، وننحر الجزور ، ونطعم الطعام ، وتسمع بنا العرب ، بمسيرنا وجمعنا ، فلا يزالون يهابوننا بعدها .
خرج عتبة بن ربيعة كارهاً ، وتحت إلحاح من صناديد قريش ، وأشرافها وفتيانها ، وهو رافض هذه الحرب وقال : ياقوم يامعشر قريش مابالنا يأكل بعضنا بعض في حرب لا أول لنا فيها . أنها الرزية مابعدها رزية ، ونشبت المنية اظفارها ، ولقحت الحرب ، ووقعة معركة بدر بين صفين المشركين المعتدية طرفاً أول ، والمسلمين المدافعة طرفاً ثاني ،ولما حلت ساعة النزال ، خرج عتبة للمبارزة وقتل الصحابي / عبيدة بن الحارث ثم بارز حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتله حمزة .
ووجد في أبنه أبي حذيفة حزن وهو من المسلمين عندما وجد أباه قتيلاً ، فسأله الرسول عن ذلك فقال : لأنك تعرف رجاحة عقل أبي ، فكنت أرجو ان يموت مسلماً ، وهو ما أقره الرسول ، وشتطت هند بنت عتبة غضباً وحقداً على قاتل أبيها ، واوزعت إلى وحشي قتل قاتل أبيها مقابل حريته من العبودية .قتل حمزة ، وبقتل سيد الشهداء في موقعة أحد ، وبعد إسلامه ، والإسلام يجب ماقبله وقال: بهذا الرمح الذي قتلت به سيد الشهداء حمزة لأقتلن به عدو الله ورسوله ، وفي موقعة اليمامة قتل به مسيلمة الكذاب مدعي النبوة ، وهو يقول: قتلت خير الناس في الجاهلية وفي الإسلام شر الناس .
بقلم/ خالد بن حسن الرويس
- أمير منطقة حائل يستقبل وزير السياحة
- إدارة تعليم المذنب تحتفي باليوم العالمي للطفل
- حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنين تعطلت واسطتهما البحرية في عرض البحر
- تنفيذ حكم القتل تعزيراً بعدد من الجناة لارتكابهم جرائم إرهابية
- النيابة العامة تعلن عن تدشين “غرفة الاستنطاق المخصصة للأطفال”
- «الحياة الفطرية» تطلق 26 كائناً مهدداً بالانقراض في متنزه السودة
- تستمرّ للثلاثاء المقبل معلنة دخولَ الشتاء.. جولة مطرية جديدة يصحبها انخفاض بدرجات الحرارة بمعظم المناطق
- لاستبدال 250,000 مكيف.. “موان” يعلن إطلاق ثالث مراحل مبادرة “استبدال”
- «الجنائية الدولية» تصدر مذكرتي اعتقال لنتنياهو وغالانت
- “حساب المواطن” يعلن صدور نتائج الأهلية للدورة 85 لشهر ديسمبر القادم
- من مخاطر داخل المنزل تهددهم.. “المدني” يؤكد أهمية المحافظة على سلامة الأطفال
- “الهيئة العامة”: كود الطرق وضع معايير وشروط لتصميم وتركيب مطبات السرعة
- بوضعية خارج الرحم.. “سعود الطبية” تنقذ جنينًا بحالة حمل نادرة في الأسبوع الـ26
- «الطيران المدني» يُصدر تصنيف مقدِّمي خدمات النقل الجوي والمطارات لشهر أكتوبر الماضي
- الزكاة والضريبة والجمارك تدعو وسطاء الشحن إلى الاستفادة من الخدمات الجمركية المقدمة في المنافذ البحرية
بقلم_خالد بن حسن الرويس
سته على ستة ٤
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3514722/