ليس ما كتبتهُ أو ما ستقرأهُ في هذا المقال غريبًا علينا سواً تم إدراكه والاعتراف به أو إنكاره فهو مألوفًا للجميع ومستمرًا بمرافقتنا مادمنا نستطيع ممارسة تصوراتنا وأفكارنا ومشاعرنا وسلوكياتنا اليوميةً سوا أتجاه أنفسنا أو اتجاه الغير أو في أعمالنا ويتكاثر داخل المجتمعات الوظيفية ومع كل هذا المرافقة المستمرة والألفة. ورغم حضوره ينفى وجوده ويجتهد لإخفائه وإثبات عدمه ولا يُحبب تبيانه وإذا تم انكشافه يُتَبرىَ منه ويُبرر بإزاحات وإحالات وهمية وأعتقد أن هذا ما زُرع في محيطنا عن الخطاء بالخطاء تحصده رؤسنا بدايةً من مفهومه ومقته والمؤاخذة والمعاقبة وكأن تبيانهُ بحثًا عن توريط أو بقصد الإفشال مع ان حقيقة التوريط والفشل تكمن في إخفائه فكل من ظفر وإعتلاء منصات النجاح الحقيقية سوا فردًا أو جماعة كانت الاخطاء مصاحبةً لهم لكنها لم تغفل ولم تهمل بل صححت واستقامت وتم الاستفادة منها ولا سبيل لنجاحاً حقيقي من دون ذلك . إلا من يريد خداع نفسه بإدعاء نجاحاً وهميًا فهذا شأنه واختياره ولا أحد يمنعه وهو من يتحمل مسؤولية فشل نجاحه وانكساره عندما يتعرض لمعايير النجاح الحقيقي . فالاصيل وذو الباع الطويل يقدر أصالته ويحترمها ولا يقبل الا نجاحًا أصيل وحقيقي ويستمده من الداخل . إما هذا الأول يستقي نجاحه من الخارج فهو كمن (يزيد الطين بلة) فيتبع الخطاء السلوكي بخطاء إدراكي . وهذا يزيد من هيمنة الأخطاء واستفحالها والانزلاق في مجاملات غير محمودة وتكييف النفس تكييفًا سلبيًا وهذا التلون لا بد ان يرافقه نوعًا من الانحدار بسبب طغيان أو استبداد شخصية على أخرى ويمكن ان يتم ذلك فقط بالتصور والشعور والمقارنة وليس بالمقابلة وهذا تضييق لنطاق الموضوع ولسعة الذات وابتعاد عن الازدهار والاستمتاع بالحياة واتجاه نحو التقاعس والبقاء في درجات متأخرة من سلم الوعي وإذا كان ذلك يجتر كل ذلك فلا داعي لانكار الأخطاء والخوف منها مادام الاعتراف بها وتبيانها أبسط وأكثر إثماراً والأخطاء الصريحة تكون نزيهة وعفوية وبرئية فالخطاء هو ( انحراف غير مقصود أو ظهوراً مباغتًا لظرفاً لم يحسب حسابه أو تم نسيانه أو إخفاق بجودة إصابة الهدف بدقة عالية وما يميزه آنه غير مقصود ولم يعلم عنه الا حال حدوثه إضافةً الى انه لا يقع في الاخلاق والقيم وخرق القوانين ) وأعتقد انه بدات تتضح ملامحه عن غيره لان هناك تداخلات بين بعض الألفاظ ربما يحدث التباسًا مع إختلاف معانيها ومقاصدها تماما فالبعض يطلق على أي شيءٍ فيه خبث أو مخل بالأدب والأنظمة أو سيئًا خطاء وهذا غلط كبير . فلابد ان نميز الخطاء عن غيره مثل الفساد والغلط والتلاعب والانتهاك والنصب والاحتيال وعدم الالتزام وعدم والانضباط وعدم الاهتمام أو اللامبالاة والاستغلال السلبي . وتجدر الإشارة ان كل ما سبق عواقب سلبية ناتجة عن أخطاء ماضية وقديمة وربما لا تزال سارية المفعول . ومع انه يستحال إيقاف الأخطاء أو منعها والقضاء عليها فالمشكلة والتهديد ليست هنا بل بالسكوت عنها واخفائها وتوسع أضرارها وتضخمها كلما تقادم الخطاء وتأخر تصحيحه . إما الأخطاء الجديدة لا تشكل خطرًا لان فور ظهورها يتم الإبلاغ عنها والاستعداد لها والاستجابة السريعة للتعامل معها فكما ان لها سلبيات أيضًا لها فوائد إيجابية وعظيمة وبناءة ومستدامة وربما تحدث نقلة نوعية للأفضل في حياة الفرد أو حياة المنظمات ووجودها يعتبر صمام امان لما تم إنجازه وتجاوزه والاخطاء حديثة الظهور دليل على حالة من التقدم والنمو وتعبر عن إستقصاء الأفكار وفحصها قبل التخطيط لتطبيقها وعن توسع في ثقافة الوعي ومحاولة إنتاج وصياغة معرفة جديدة فلابد ان تكون اخطائنا مترفة بقدرً عالي من الاعتناء ونادرة النوع وعصرية وليست قديمة ومكررة وغبية ومتخلفة.
وحسب رؤيتي للأخطاء التي ربما تكون رؤية أيضًا خاطئةً فإذا كانت خاطئة فعذري انها خطاء قريحة جديدة . فأعتقد إن نزاهة وسمو الغايات ووضوحها واتساق الوسائل ومصداقيتها واستقلالية الأفكار والاقوال والأفعال عن الذات وعن الموضوع تؤدي لمزيدًا من الشفافية وهي كفيلة بإزالة المعوقات التي تمنع تبيان الأخطاء واستبدالها بميسرات ومسهلات لاكتشاف الأخطاء . فكل شيءٍ يعتبر مادة خام حتى ينوى الاتيان به أو التعامل معه ويقام بذلك فعلًا فيتحول من كونه مادة خام لسلوك أو شيءٍ مدرك وتقع المسؤولية على كل من يقوم بذلك بمحض إرادته ان يترجم هذا السلوك ويصقله بشكلٍ واضحًا ومفهومًا وتوفر المعلومة والمعرفة الكافيتين لكل من له علاقة أو يكون طرفًا مهمًا بالموضوع والبعد كل البعد عن الغموض لانه مجالًا وباعثًا للاشاعات وما يتبعها وما يترتب عليها.
وأتمنى ان تهتم قادة المؤسسات والإدرات العليا بالقطاع العام والقطاع الخاص والقطاع الثالث بنشر ثقافة الخطاء وإدارته وسوف تجني فوائد عظيمة لها ولموظفيها وتستطيع الإسهام بتحقيق طموح هذا الوطن الغالي وقادته الغالين .ومهما كان الخطاء بسيطًا أو يعتقد انه غير مهم فان أهمل ولم يصحح سوف ينمو ويكبر وتزداد أضراره . وكذلك انت اخي القاري هل لديك أخطاء مهملة لا تغفل عنها.