«هي الطائف إذن.. بحواضرها وقراها المتحضرة هي الأخرى؛ لا تكتفي بماضيها التاريخي المجيد؛ ولا بحاضرها المفعم بالحوية؛ بل تنظر على الدوام إلى الأمام، وتتطلع بشوق وأمل لما هو أجمل وأفضل، في ظل الرعاية الأبوية الحانية من قيادتنا الرشيدة: (سلمان العزم، ومحمد الحزم).
«الطائف غدًا.. هو العنوان العريض الذي يترجم بصدق ما يدور بين أهالي محافظة الطائف اليوم في حواضرهم وقراهم، بعد أن حل بينهم المحافظ الجديد صاحب السمو الملكي الأمير (سعود بن نهار بن سعود بن عبد العزيز). الاستقبال كان أخويًا حارًا، يليق بأمير ابن أمير، ابن ملك مصلح، وابن ملك مؤسس. هؤلاء الأمراء والملوك؛ ليسوا غرباء على الطائف المأنوس، ولكنهم كانوا من أهلها سكانًا ومصطافين وراعين لكثير من المناشط والمشاريع التنموية، التي فتحت آفاقا جديدة من النمو في التعليم والمواصلات والاستثمارات الكبيرة. الأمير سعود؛ بدأ عمله بسماع الناس وبإسماعهم أيضًا، في أروع صور العلاقات الأخوية بين الحاكم والمحكوم، وهذه واحدة من صفات الحاكم الذي يجيد القرب ممن حوله، لتكوين أُطُر عمل ناجحة، تحب عملها وتحسنه.
«الطائف غدًا.. في مسار جديد، بقيادة محافظ جديد، وهيئة تطوير عليا، ترسم الخطط، وتضع الاستراتيجيات، وتحقق طموحات القيادة في طائف جديد مختلف عن ذي قبل. تاريخ الطائف المجيد عبر آلاف السنين؛ ومكنوزاتها الحضارية والآثارية، من سدود أموية، وقرى وحصون ودروب حجيج، ومساجد ترتبط بالسيرة النبوية الشريفة، وقصور عديدة، وسوق عكاظ التاريخي، كل ذلك ينتظر البروز، ليرى العالم كله هذه الطائف من بوابة السياحة المعرفية، التي ميزت مدنًا كثيرة في هذا العالم.
«الطائف غدًا.. حيث الشعر العربي من العصر الجاهلي حتى اليوم، فمئات الشعراء عبر مئات السنين؛ خلبهم جمال الطائف، فذكروها في حوالي عشرة آلاف بيت، لا تدع جبلًا أو واديًا أو حصنًا أو نبتة ووردة إلا وتغنت بها. وأكثر من 230 صوتًا غنائيًا، من السعودية والخليج واليمن والشام ومصر وتركيا وإسبانيا وأميركا، تذكر الطائف في غنائياتها وألحانها الشجية، بقيادة أغنية (يا ريم وادي ثقيف)، شعر سمو (الأمير عبد الله الفيصل) رحمه الله، وألحان وغناء الفنان الموسيقار طارق عبد الحكيم رحمه الله.
«الطائف غدًا.. حيث تتعلق آمال الناس بعودة الروح لكثير من المناشط المسرحية والفنية والغنائية، التي كانت تشنف آذان المحبين، وتأخذهم إلى بساتين المثناة والقيم وقروى، و13 دار سينما، وعدد من الأندية الرياضية السابقة والرائدة في مصيف المملكة الأول. آمال عراض تعود للظهور مع هذه اللقاءات الحميمة التي تعيشها الطائف اليوم مع محافظها الجديد الأمير: (سعود بن نهار) وفقه الله وسدد خطاه. تميزت الطائف منذ ظهورها؛ بهوائها العليل، وطبيعتها الخلابة، لكنها تميزت أكثر بمنتوجاتها الزراعية الكثيرة، من فاكهة العنب والرمان والسفرجل، وبوردها الطائفي الفريد. كانت هي قبلة المنتجعين والمصطافين منذ البداية، يوم قال الشاعر النميري الثقفي متغزلًا في (زينب) أخت الحجاج بن يوسف الثقفي:
تشتو بمكة نعمة
ومصيفها بالطائف
«هذا الجمال الطائفي الجاذب على مر السنين؛ ظل يستوقف الأدباء والشعراء وما زال. يُذكر أن الأصمعي قدم إلى الطائف زمن خلافة هارون الرشيد، فلما رآها قال: (دخلت الطائف؛ فكأنما كنت أُبَشّر، وكان قلبي ينضح بالسرور، ولا أجد لذلك سببًا؛ إلا انفساح حدها، وطيب نسيمها) .وفي زمن الملك المؤسس والموحد (الملك عبد العزيز) رحمه الله، وقف عليها شاعر الثورة العربية الكبير (فؤاد الخطيب)، فقال قصيدته العصماء الشهيرة:
أنا في الطائف أستوحي الشعور
إن في الطائف بعثًا ونشور
أحيت الأحداق في نرجسها
وأعادت في الأقاحي الثغور
ولقد حدثني رمانها
أنه كان نهودًا في الصدور
وروى لي البان عن أعطافه
أنه كان قدودًا وخصور
فلو اجتازت بها الروح لما
كنت إلا بين ولدان وحور
نثرت في أرضها حصباؤها
دررًا تنجم منها وشذور
ومشى الجدول في أرجائها
كوثرًا يسحب فيه ويمور
جلس الزهر صفوفًا حوله
هو كالراح على الشرب تدور
كلما استضحك عن لؤلؤةٍ
هتفت في فنن الأيك الطيور
قل لمن ألهمها تسبيحها
هكذا الجنة والعبد الشكور
سبّحي أيتها الطير له
واملئي الدوحة شدوًا وحبور
جمع الملتف من أغصانها
كنس الغزلان فيها والخدور
تلعب الريح وقد مرت بها
مثلما يلعب بالقلب السرور
فسل الطائف عن أيامنا
تنطق الدار وأبراج القصور
وبطون القاع حامت فوقها
قمم الهضب كأسراب النسور
والمروج الخضر في رأد الضحى
لبست ثوبين من نَور ونُور
وغضيض الأثل عن أيماننا
كعذارى الحي أرخين الشعور
وخلونا بين أحشاء الربى
خلوة الورق جثومًا في الوكور
وتشاكينا تباريح الجوى
حولنا السوسن مستحيٍ غيور
يحمل القول على علاته
ونسيم الروض في الروض نفور
كم نفضنا الصدر من كل أسىً
ونسينا الصد والجد العثور
وجنينا الغض من أوطارنا
وحظوظ الناس ويلٌ وثبور
وقضينا اليوم في ظل الهوى
ليت ذاك اليوم قد طال شهور
وأبى العوسج إلا فتنةً
فزوى الشوك بألواد الصخور
يرصد الغفلة أن يعلق بي
علق الفاجر بالعف الوقور
طبعه الوخز إذا استشهدته
قبح العوسج من شاهد زور
كم وثبنا غلس الليل معًا
وثبة البرق خفاءً وظهور
نملأ الأعين منا بغتةً
ثم تخفينا الزوايا والستور
ملعب تعمره الروح فما
فيه إلا نحن والروح حضور
أشرق البدر علينا ورنت
نحونا الأنجم كالأعين صور
ولبثنا ساعةً أو شيعها
نذرف الأدمع من غير فتور
ويد تمسك منا بيدٍ
تقصد الرعشة فيها وتجور
وفمٌ فوق فمٍ تسمع من
وقعه اللثمة تترى فتثور
تصعد الزفرة من أثنائها
خلل الأنفاس كالقدر تفور
نحن لا نصبر عن حكم الهوى
إن عددت الصبر من عزم الأمور
فخذ العفو من الذنب فكم
زلة يغفرها الله الغفور
مرحبا بالفجر والصوت الذي
قرع السمع بشيرًا بالبكور
ولقد خطت يد الله على
صفحة الكون من الخلق سطور
لفظ المقدار منها آيةً
بعد أخرى ملأت سمع العصور
فانهب اللذة في إبانها
وذر الغافل عنها في غرور
ما الذي تأمل من يوم غدٍ
وغدٌ كالأمس تطويه الدهور
ودع النوم وإن لج الكرى
فغداً تشبع نوماً في القبور
تطبق الأجفان في ظلمتها
وهي لا تعرف للصبح سفور
«إنها الطائف إذن.. لا تغفو أو تنام. تتكئي على ماضيها نعم، لكنها لا ترتهن له. فهيا إذن إلى الطائف غدًا؛ مع محافظ جديد، وهيئة تطوير جديدة، وآمال تتجدد مع طائفنا المأنوس في ظل قيادة رشيدة وحكيمة.