قبل الحديث عن هذه الحديقة في عاصمة مصر السياسية أو كما يحلو لأهل الفقه وأصوله العاصمة الزمنية ، والحديقة لا حدس تقع في أرقى حي من أحياء العاصمة القاهرة . تنعت على ألسنة الشعب المصري بحديقة الأسماك.
لاشك قبل الحديث عن الحديقة من الأنصاف والأفضل الحديث طرفاً عن مصر منزلة مصر بالأخص القاهرة لها منزلة رفيعة ، ومحبة عندي كما هي عند سائر السعوديين حكومةً وشعباً والعالم الإسلامي ، ومحبتها من ربط اللازم بالملزوم لمكانتها الإسلامية بصرحها ومنارها العلمي الأزهر . سبقنا على محبتها من هو أفضل منا رسولنا عليه أفضل الصلاة والسلام وصحابته والتابعين رضي الله عنهم ، وجمهور علماء الإسلام الصالحين والمصلحين ، وأسلافنا عليهم رحمة الله ورضوانه ، وقيادتنا الرشيدة رحم الله من مضى وأطال عمر من بقى .
مصر وما أدراك ما مصر كل شيء فيها جميل ، فيها العجائب وكل محبب يأتينا منها ، فالحركة الفكرية والوطنية تنبع منها ، الرجال الذين صنعوا البطولات في ساحات الوغي ، وميادين المعارك منها ، وثغور العالم الإسلامي ، والذود عن حمى بيضة الدين منها . تضحيات لا تنسى لمصر أرضاً وشعباً . نقرأ لمؤلفيها وكتابها والشعراء ، ونحفظ شعرهم ، منها تجد الأحرار أرباب الأقلام ، وعشاق الحرية ، منها المجلات والصحف والمطويات ، وتأليف الكتب ، منها صناع الحرف والكلمة وتوظيفها ، صدق من قال مصر أم الدنيا بل أمها وأبيها ، وفصيلتها التي تأويها ، وعشيرتها التي تحميها ، أم الدنيا إنسان ومكان ، وأبو الدنيا اذا صكت المحافل والأزمات والخطوب ، لا حدس تحقيقاً لا تعليقاً . السعوديون أحبوا مصر انساناً ومكاناً ولها منزلة بالنفوس عالية ، البعض أحب مصر ويؤثرها بمجاورة أهلها ومصاهرتهم ، فاختلط بها أوشاج الدم ، نسباً ورحماً وصهراً ، انفاساً وجيناتاً . كيف الا يحب مصر وأهلها ، وقد أوصى بها وأهلها نبي الرحمة ورسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام فقال : ( أنكم ستفتحون مصر ، أرض يسمى فيها القيراط ، فاذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها ، فان لهم ذمةً ورحماً ) صحيح مسلم وفي رواية ( ذمةً وصهراً ) ومما قاله رسول الله أيضاً عن مصر : ( أهلها في رباط ليوم القيمة ) ..كيف لا نحب مصر مدارج الأنبياء يعقوب ويوسف وموسى وهارون عليهم السلام ، ومشاهد يعقوب عليه السلام وأبناءه ، وهاجر أم إسماعيل عليه السلام ، والصهر ماريا القبطية أم أبراهيم زوج رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام ، وأم المؤمنين. مصر مهد الحضارات الغابرة وحديثها .
حديقة الجبلاية عصر زمانها ، وجوهرة القاهرة ، وغادة مصر ، ووردة النيل ، وصنع ملكها . وسمو إنجاز قيادتها في عصر الملكية .
رواية حب واقعية لخديوي مصر . الخديوي إسماعيل .. وتقول قصة الحب ، وعشيق فرنسا ..
الخديوي إسماعيل باشا حين كان شابًا يافعاً .. ريان العود ، غض الجسم . يدرس في باريس أحب أوچيني فتاه فرنسيه ارستقراطية .. اعطاءها الله من الحسن والجمال مالم يعطيه أحد من نساء أوروبا ما جعل الخديوي إسماعيل باشا يستحسنها في نظره ، ويصميه ويعميه حبها عن معايبها . يحبها ويعشقها عشق لا نظير له .. وتشغف قلبه بحبها باختلاف الملة والدين بينهما .. تمر السنين و يصبح خديوي مصر ، وملكاً عليها ، و تصبح معشوقته إمبراطورية فرنسا ...كان الخديوي له امنيتان : الأولى ان تكون بلده مصر واحده من أجمل بلاد العالم والثانية ان تأتي اوجيني في ضيافته لتري إنجازاته ... أما الأمنية الأولى فقد حققها بجداره ... والأمنية الثانية وجد في نفسه سبباً لتحقيقها "افتتاح قناة السويس" و تكون من يودها الفرنسية ضيف شرف الحفل .. و تبدأ الترتيبات .. يشتري الخديوي جزيرة علي النيل . يستدعي خبراء الجمال المعمارين من أوروبا ، والنحاتين من سويسرا وألمانيا لبناء قصر الجزيرة ويظهر القصر أجمل ما يكون وتأتي مواد البناء من بريطانيا والمفروشات من فرنسا و إيطاليا , وتبنى نافورة في وسطه من أجمل نافورات المياه في العالم ، ويضع الخديوي تمثالين لأسدين من الرخام الأبيض علي مدخله و عكف الخديوي باشا علي التفكير في انشاء حديقة لا مثيل لها في العالم .. فكانت حديقة الأسماك نعت بالجبلاية .. طلب الخديوي إسماعيل من مدير متنزهات باريس إحضار أحد الخبراء لتصميم حديقة تكون على شكل جبلاية ، واستخدم الخبراء مواد البناء من الطمي ، والطين الأسواني ( الأسوانلي ) والرمل الأحمر ، والأسراوميل مخلوط من الرمل الأحمر والجبس ، والمواد الداعمة ، واستقطاب أمهر أهل الفن والأبداع من فنانين أوروبا المعماريين في بناءها من أجل تخرج هذه التحفة الفريدة فريدة من نوعها ، ومميزة عن غيرها في العالم .
كانت ارهاصات الفكرة اجتماع المتخصصين في فن الحدائق على كافة المستويات محلياً وإقليميًا ووطنيًا وعالميًا ، واستمرت الاجتماعات ما تزيد عن عشرة اجتماعات مختلفة الزمان والمكان ، واستفاضة الآراء والمقترحات ، والحلول والبدائل ، واستقر الرأي استدعاء مدير الحدائق العامة بفرنسا ( مسيو الفوندو ) من أجل ان يصمم حديقة لم يسبق لها مثيل في العالم .
مساحتها تسعة أفدنة ونصف الفدان بحي الزمالك شارع الجبلاية بالقاهرة . أكثر من مائة وخمسين عاماً قرن ونصف . قرر الخديوي إسماعيل ان يجعل حي الجبلاية من أجمل الأحياء في العالم .
تتكون الحديقة من مدخلين على شكل خياشيم السمك ، وخلفها البهو في جانبيها زعنفتان خلفهما ممرات الحديقة الأربعة . روعي من الداخل ان تكون على شكل تجاويف داخل شعاب مرجانية تعزف ألحانًا عند مرور الهواء بها من الخارج . ممرات تفصل بين مسطحات خضراء تحتوي على أشجار نادرة جلبت خصيصاً من مدغشقر واستراليا وتايلاند من أجود غابات العالم . تحتوي أيضاً على مغارات وممرات يسير الزوار من خلالها ، وتضم ٤٩ حوضاً للأسماك المتنوعة والنادرة ، وتنعكس عليها أشعة الشمس عبر فتحات علوية كأسماك البحرية والنيلية والزينة كذلك تحتوي على عرض الأسماك المحنطة ، وقسم من السلاحف والزواحف البحرية التي تعيش في المستنقعات والأنهار كما يوجد بالواجهة حوض كبير جداً به أسماك مفترسة كسمك القرش والخنزير وغيرها ، وكذلك أربعة مفارخ لتفريخ الأسماك ومفرخ رئيسي ، وإثنين لمعالجة المياه اللازمة لحياة الاف الأسماك من بينها أحواض كبيرة ٢٤ حوضاً لأسماك الزينة من أسماك المياه العذبة .
فأصبح المنظر العام للجبلاية في منتهى الروعة والجمال ، ولذلك أطلق علي هذه الحديقة اسم حديقة الجبلاية.
وبمرور الهواء داخل هذه التكوينات يصدر منها صوت كموج البحر !... تعد الحديقة إحدى العلامات التاريخية المميزة في حي الزمالك الراقي احد اشهر ضواحي العاصمة المصرية مما دفع المجلس الأعلى للآثار بتسجيلها ضمن الآثار المصرية .
قضت "اوجيني" في مصر 21 يوماً كانت كقصص الف ليله وليله ولكنها قصه حقيقيه حدثت بالفعل بطلها خديوي مصر إسماعيل باشا و الذي احبها و أحب ان تري بلده مصر كباريس الشرق وأجمل: .. وتمر السنين و يترك الخديوي الحكم ، و يقضي بقية حياته بعيداً عن بلده ، و تسقط الإمبراطورية في فرنسا ...الا ان "أوجينيي" تظل علي ذكراها القديمة ، وتزور مصر مراراً بعد وفاة الخديوي ..و في احد الزيارات تطلب أوجييني السفر من بورسعيد لزيارة القاهرة .. ويشاهدها المصريين تمشي حول قصر الجزيرة و حديقة الجبلاية علي الرغم من كبر سنها ..كانت تبكي ، وهي تسير علي رجلها المتثاقلتان وكأنها كانت تتذكر ان كل هذا الجمال كان من أجلها حين أحبها خديوي مصر ، وعشق جمالها .
مما دفع حافظ إبراهيم ان أنشد لها حين رأي شيبة شعرها؛
"ولقد زانك المشيبُ بتاجٍ …لا يُدانيهِ في الجلال مُدانٍ"
كانت اخر زياره لها في مصر ، وبعدها ماتت اوجييني وحيده وفقيرة في بلاد غريبه تماماً كما مات من أحبها وبني من أجلها أجمل وأغرب حديقة في العالم انذاك ... وتمنى أدباء مصر ان يكون موتها في بلد من أحبها.. ودفنها فيه ، وأنكر عليهم جهابذة علماء الأزهر أهل الفقه والشرع . وتحفظ أهل الثقافة والفكر .
وتظل الحديقة واقفه تحاول جاهده التماسك .. لتتذكر أنها كانت أجمل حديقة لعشاق مصر دون ان يعرف أحد قصتها ..
زرتها في صيف عام ١٤٤٠ لم تكن تسر النظر وليتني لم أزرها وأحتفظ بذكرها في ذاكرتي عما نقل عنها من وصف ونعوت تناثرت في بطون من كتب عنها وسطرتها السطور ، وحملتها الصدور بين جوانحها وتناقلها الركبان ..
القصر المذكور بالقصة هو في الأصل قصر عمر الخيام اللي حالياً فندق الماريوت بالزمالك .
- إدارة تعليم المذنب تحتفي باليوم العالمي للطفل
- حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنين تعطلت واسطتهما البحرية في عرض البحر
- تنفيذ حكم القتل تعزيراً بعدد من الجناة لارتكابهم جرائم إرهابية
- النيابة العامة تعلن عن تدشين “غرفة الاستنطاق المخصصة للأطفال”
- «الحياة الفطرية» تطلق 26 كائناً مهدداً بالانقراض في متنزه السودة
- تستمرّ للثلاثاء المقبل معلنة دخولَ الشتاء.. جولة مطرية جديدة يصحبها انخفاض بدرجات الحرارة بمعظم المناطق
- لاستبدال 250,000 مكيف.. “موان” يعلن إطلاق ثالث مراحل مبادرة “استبدال”
- «الجنائية الدولية» تصدر مذكرتي اعتقال لنتنياهو وغالانت
- “حساب المواطن” يعلن صدور نتائج الأهلية للدورة 85 لشهر ديسمبر القادم
- من مخاطر داخل المنزل تهددهم.. “المدني” يؤكد أهمية المحافظة على سلامة الأطفال
- “الهيئة العامة”: كود الطرق وضع معايير وشروط لتصميم وتركيب مطبات السرعة
- بوضعية خارج الرحم.. “سعود الطبية” تنقذ جنينًا بحالة حمل نادرة في الأسبوع الـ26
- «الطيران المدني» يُصدر تصنيف مقدِّمي خدمات النقل الجوي والمطارات لشهر أكتوبر الماضي
- الزكاة والضريبة والجمارك تدعو وسطاء الشحن إلى الاستفادة من الخدمات الجمركية المقدمة في المنافذ البحرية
- بعد 60 يوماً لانتهائها.. “المرور”: غرامة التأخير عن تجديد الرخصة 100 ريال للسنة
خالد بن حسن الرويس
حديقة الجبلاية
11/05/2022 4:06 م
خالد بن حسن الرويس
1
282885
(0)(3)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3502756/
التعليقات 1
1 pings
ابو فهد
11/05/2022 في 9:55 م[3] رابط التعليق
ومن منا لا يحب مصر وازهرها الشريف والقاهرة وكل مكان في ام الدنيا
وكما ذكرت فقد اوصى بها خير الانام صل الله عليه وسلم
وقد اجزم انه لا يوجد مجال الا تجد بصمه اخواننا المصريين .
(0)
(1)