لا حدس الصحبة ورجالها . ليس كل رجل صحابي إنما كل صحابي رجل . من فضل الله ان خص الصحابة بصحبة خيرالخلق ، وسيد المرسلين والأنبياء محمد عليه أفضل الصلاة والسلام . زمانه أفضل الأزمنة ، وقرنه خير القرون ، وإنسان عصره ومكانه خيرهما عصراً وعصوراً .
الصحابي الذي نتطرق اليه أطراف الحديث والمقال . يتجلى له مالايتجلى لغيره من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم . فالقبر الذي حفره له سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام ، وتمرغ فيه ، وبكى عليه ، ونعت صاحبه بنعت لازمه حياً وميتاً .
أوردت سير خير الأنام وصفوتهم ، لأحد أصحابه . قصة ذالك الصحابي الشاب . موزة عصره زماناً ومكاناً ، وتفاحة مجتمعه ، وريحانة الإيمان . أنفرد عن أقرانه ، بترف العيش ، ورغد المعيشة .
حفر قبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه الكريمة ، وبكى على شفير قبره . ولم يحفر لسواه من قريباً او بعيدا او اقرب الأوشاج منه الاولاد او غيرهم .
من هو هذا الصحابي الشاب ياترى ؟ ما العمل الذي عمله ؟ واستحق هذا الاهتمام ممن لاينطق عن الهوى ؟ دفع برسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الفعل ؟ شرف لذلك الصحابي الشاب . أنفرد بها عن سائرالصحابة باختلاف دراجاتهم ، وقربهم وبعدهم من رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام .
ياسادة نتعرف على هذا الصحابي الشاب في ريعان العمر ، وعنفوان شبابه ، وزهرة حياته ، وسنام فتوته ، وذروة استواه من الجوانب - العقلية - الجسمية والنفسية - الوجدانية - والاجتماعية؟ والنعت الذي نعت به .
لاشك صحابي حفر النبي صل الله عليه وسلم" قبره ، و بكى لموته ..
إسمه قبل أن يُسلِم عبد العُزىٰ بن نهم ( عبدنهم ) المُزني نسبةً لقبيلة مُزينه القضاعية .
صحابي من الطبقة الثانية على أرجح الأقوال ان لم يكن أؤكدها فيما أورده الواقدي .
أسلم وعمره ١٦ عاماً ، وتوفي وهو ٢٣ عاما في ريان عوده ، وريعان شبابه . السادسة عشر من العمر . شاباً غنياً ، ومُنعماً جداً فى حياته .
توفي والديه- الأب والأم - وهو صغير . عاش يتيماً في كنف عمه فرباه عمه شقيق والده ، وكفله ..
شاباً مُميزاً جداً بين شباب عصره وزمانه . بملابسه الغالية ، والفاخرة والجميلة . يؤتىٰ بها من الشام خصيصاً من أجله ، فلم علم عمه ، وقومه بإسلامه سلبوه ذاك الترف ، والعز والشرف ،وعروه تمام العري من ملابسه ، وهو الشاب الوحيد الذي تقلب في نعماً كثيرة عن أقرانه . يملك فرساً في وقته لا يملكها أقرانه ،وكان أفضل شباب مُزينة فيما كان يملك بغلة صغيرة وفرساً .. عمه من سادة مُزينة ، بالغ الثراء ، عظيم الجاه في قبيلته ومجتمعه ..
بفضل عمه وكفالته . عاش هذا الشاب طفولته حتى بلوغه السادسة عشر من العمر في رغد العيش ، ورفاهية لا يعيشها الكثير من أقرانه ، يلبس افخر الثياب ، ويركب أسرع الدواب ، ويسكن أحسن المساكن دوراً ومدراً ، وياكل ويشرب الذ الماكولات والمشروبات وأطيبها.
قصة إسلامه من أجمل القصص ، وأغربها ان لم تكن أحسنها بعد قصة يوسف عليه السلام ..
حين تم له من العمر ١٦ عاماً ، متزامناً بهجرة أصحاب رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام ، في ذلك الوقت من مكةالمكرمة إلى المدينة
كانوا يمرُّون على مضارب مُزينة ومداركها فى طريق هجرتهم ..
يمرُّون مسرعين جداً لأن كفار قريش يلحقون بهم..
فقابله يوماً أحد الصحابة فى أثناء هجرته ، وعرض عليه الإسلام فأسلم فوراً ، بعقلية المدرك والواعي ، وفطنة الحكيم ، وبعد أن أسلم طلب منهم أن يُعلموه شيئاً من القرآن الكريم ، فقالوا .. ؛*
لن نستطيع أن نظل معك لأن قريش تلحق بنا ، ولكن إن شئت فإلحق بنا فى الطريق ، لتتعلم القرآن ، فكان يسير خلفهم مشياً على الأقدام . يقرأؤن القرآن ، وهو يقرأ وراءهم بحرص ، مسافة ١٥ كيلاً فى الصحراء سيراً على الأقدام ثم يرجع إلى مُزينة ، ويعود فى اليوم التالي يقف على حدود مُزينة يتطلع وينتظر أن يمر صحابي فى طريق هجرته ، فيقول له علمني من القرآن ويقرأ عليه ما حفظه فى اليوم السابق حتى تعلَّم أكثر من سورة من القرآن .. ونقل أكثر سور القران من صدور الصحابة المهاجرين لصدره . وهو يسير على اقدامه رغبته واسراره على النور الذي دخل جوفه .
فكان بركة القرآن الكريم أول هذه التجليات ، وتشريفات التي اكسبته ماجعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحفر قبره بيديه الكريمتين .
ياسادة القرآن لا حدس له فضل ماحوله ، ومايدور في فلكه . سمي البيت الذي محفوظ فيه القرآن الكريم بالسماءالسابعة بيت العزة اكتسب العزة بفضل القرآن ونزل من بيت العزة جملة واحدة لسماءالدنيا السماءالأولى في شهر رمضان في ليلة مباركة واحدة ، فاكتسب شهر رمضان ببركة القران على سائر شهور السنة ، واكتسبت تلك اليلة المباركة التي نزل بها القرآن جملة واحدة لسماء الدنيا ليلة القدر ، خير من ألف شهر ببركة القرآن الكريم ، ونزل من السماء الدنيا على رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام منجماً - مفرقاً - ثلاثة وعشرون عاماً ، مسايراً الوقائع والحوادث ، ومسلياً رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يضيق به صدره ، ومما يجده من ضنق بني جنسه ، وعشيرته الأقربون في دعوته ورسالته . فببركة القرآن الكريم كان رسول الله سيد الخلق والمرسلين والأنبياء ، وسيد الأولين والأخرين ، وسيدأولى العزم من الرسل والأنبياء . بنزول القرآن الكريم على نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام ، وصار جبريل عليه السلام بفضل القرآن الكريم سيد الملائكة والروح الأمين ، ولا يقل على هذا من حفظه عن ظهر غيب ، ونقله من الصدور لصدور أو من السطور إلى الصدور ، وتعلمه وعلمه .
ونعود لهذا الصحابي الشاب . جاءه يوماً أحد الصحابة فقال له ؛ ولمَ لا تُهاجر معنا إلى رسول الله . فقال له ؛
لا أُهاجر قبل أن يُسلم عمي ، فهو من رباني ، ولن أُهاجر قبل أن آخذ بيده للإسلام..
فظل فى مدارك مُزينة ثلاث سنوات يُخفي إسلامه ، وظل يتحين الفرصة للحديث مع عمه ليُخبره عما وصل إليه من هذا الدين الجديد الذى جاء به محمد ، وذلك كل يوم وكان عمه يرفض رفضاً قاطعاً باتاً حازماً جازماً لازماً شديداً أن يستمع لما سيقول ، وإذا أراد أن يُصلي ذهب بعيداً فى الصحراء حتى لا يراه أحد ، وبعد أن مرت ثلاث سنوات على هذا الحال . ذهب إلى عمه وقال لقد تأخرت علي فأخرتني عن رسول الله يا عماه ، وما عُدت أُطيق فراق النبي ، وإنني أريد أن أُخبرك بأني منذ ثلاث سنوات ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإنني الآن مهاجر إلى رسول الله ، وأُحب أن تكون معي ، فإن أبيت فلن يردني عن الهجرة إليه شيء ، فغضب عمه غضباً شديداً ، وقال لإن أبيت إلا الإسلام جردتك من كل ما تملك ..
فقال يا عماه إفعل ما شئت ، ومابداءلك فلا خيار من الحاق برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما أنا بالذي يختار على الله ورسوله شيئاً فقال: إن أصررت جردتك حتى من ملابسك التي عليك ، وقام فمزق له ملابسه التي كان يرتديها ، فقال : والله يا عماه لأُهاجرن إلى رسول الله مهما فعلت بي ..
وبدأ هجرته وهو شبه عاري فى الصحراء حتى وجد بجادٍ والبجاد نوعاً من الشوال من الصوف الخشن ( الكساء الغليظ الخشن )فأخذه وشقه نصفين وربط نصفه على وسطه ، ونصفه الآخر وضعه على كتفه حتى وصل المدينة ، فدخل على رسول الله فقال له النبي من أنت فقال أنا عبد العزى فقال النبي ؛ ولم تلبس هكذا فقال لقد أسلمت فجردني عمي من كل ما أملك حتى ملابسي ، ولم أجد فى طريقي إلا هاذين البجادين ..
فأتيتك بهما فقال النبي أوفعلت ؟!
*فقال:نعم فقام النبي وقال : من اليوم أنت عبد الله ذي البجادين ولست عبد العزى فقد أبدلك الله عن هاذين البجادين رداءً فى الجنة تلبس منه حيث تشاء.. فأبدله بأحسن الأسماء ، وأصبح ذو البحادين نعتاً ينعت به ، واستبدل بعبدالعزى بعبدالله ما أجمله من استبدال وما أجمله من اسم من سيد المرسلين والأنبياء ، أمام المتقين ، وصفوة الخلق وسيد خيار الأنام .
ياسادة تعلم القرآن الكريم سيراً على قدميه في نطاق مدارك قبيلته مزينة وهو المدلل والمرفه . يركب أفضل الجياد .
من شدة فقره سكن فى مساكن أهل الصُفة مساكن للفقراء خلف بيت النبي ، وتأتي غزوة تبوك ، وعُمره ٢٣ عاماً . فيخرج إلى الغزوة مجاهداً في سبيل الله مع النبي ثم يقول يا رسول الله إدعوا الله لي أن أموت شهيداً فيرفع النبي يده ، ويقول اللهم حرم دمه على سيوف الكفار ..
فيقول عبد الله:ما هذا بالذي أردتُ يا رسول الله ؟ فقال النبي:
يا عبد الله إن من عباد الله من يخرج فى سبيل الله فتصيبه الحمى فيموت.. فيكون شهيداً وإن من عباد الله من يخرج فى سبيل الله فيسقط عن فرسه فيموت فيكون شهيداً ..
ولعلك تصيبك حمى فتموت فتكون شهيداً..
ويشهد عبد الله غزوة تبوك مع النبي ، وينتصر المسلمون .. و في طريق عودتهم بالفعل ُتصيب عبد الله حمّى شديدة ، ويبدأ يتألم آلام الموت..
فيحكي لنا عبد الله بن مسعود قصة موت عبد الله ذي البجادين فيقول : كنت نائماً فى ليله شديدة البرد شديدة الظلام ، وبينما أنا نائم سمعت خارج خيمتي صوت حفر فعجبت من يحفر فى هذا البرد والظلام ، فاستيقظت وبحثت عن النبي ، وعن أبي بكر وعمر فى خيمتهم ، فلم أجدهم فتعجبت أين ذهبوا ؟ فخرجت من خيمتى فإذا أبو بكر وعمر يُمسكان سراجاً ، والنبي يحفر قبراً فذهبت إليه ، وهو يحفر فقلت ما بك يا رسول الله..
فرفع وجهه الشريف إليّ فإذا عيناه تذرفان الدموع وقال ؛
مات أخوك ذو البجادين فنظرت إلى أبو بكر ، وقلت أتترك رسول الله يحفر ، وتقف أنت بالسراج فقال ؛ أبىٰ النبي إلا أن يحفر له قبره بنفسه .. فحفر النبي بيديه قبر ذي البجادين ثم نزل إلى القبر ، وإضجع فيه بجسده الشريف ليكون القبر رحمة لذي البجادين ثم قام ورفع يديه إلى أبو بكر وعمر وقال ؛ إدنيا إليّ أخاكما ، و رفقاً به إنه والله كان يحب الله ورسوله..
و يقول عبد الله بن مسعود: فرأيت النبي يحتضن الجثمان بشدة ، ودموعه تسقط على الكفن ، وكبر أربع تكبيرات و قال ؛
رحمك الله يا عبد الله كنت أواباً ، تالياً للقرآن ، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال :
آللهم إنني أشهدك أنني أمسيت راضياً عن ذي البجادين فارض عنه..
يقول عبد الله بن مسعود ؛والله لقد تمنيت يومها أن أكون أنا صاحب الحفرة من كثرة الرحمات التي ستتنزل عليه فى هذه الليلة..
ياساده اكتسب هذه المنزلة بحرصه الشديد قراءة وحفظ القرآن الكريم وتجشم السير على قدميه لتلقيه مشافهة من أصحاب رسول الله .
تتلخص قصة إيمانه في سبع سنوات نال فيها شرف رتبة رضا الله ورسوله . ترك الدنيا وأموالها ، وزخرفها وزينتها من الترف ورغد العيش من أجل الله ثم رسوله والآخرة . ثمار هذا الشرف والفضل الذي ناله محبته لكلام الله ولرسوله وببركة القرآن الكريم ومحبة رسول
الله
ياسادة البيئة المحيطة لا تغير الإنسان . إنما الإرادة وقوتها ، وتصميم اتباع الحق ، وليس أسوء من بيئة هذا الصحابي ، وثنية وشرك ومحاربته ، وتجريده من كل خير . فالقرآن الكريم أنار قلبه وشرح صدره للإسلام يوفق الله من هداءه للإسلام بتوفيقه .
- محافظ رنية يلتقي مدير عام صحة الطائف لمناقشة تحسين الخدمات الصحية
- “العناية بشؤون الحرمين”: هذه هي مواعيد دخول الروضة الشريفة بالمسجد النبوي “للرجال والنساء”
- بلدية رنية تواصل أعمال إزالة الرمال الزاحفة على طريق الحفائر
- «الموارد البشرية» تمنح 60 يوماً إضافية لتصحيح أوضاع العمالة المهنيّة المتغيبة
- ولي العهد: المملكة تستعد لاستضافة المنتدى العالمي للمياه لعام 2027
- ماكرون: ملف المياه مرتبط بقضايا التصحر ولا يمكن معالجتها بجهود فردية
- بعد تصريح القيادي الحوثي حول جثة شقيقه.. “التحالف”: غير دقيق ويفتقر للمصداقية ونتعامل مع الملف بشكل إنساني دون تسييس
- صدور موافقة خادم الحرمين على منح وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الثالثة لـ72 مواطنًا ومواطنة
- هيئة الأمر بالمعروف في محافظة رماح تفعّل برامج وحملات الرئاسة العامة التوعوية والوقائية في عدد من الأماكن العامة
- أدوات متطورة لمتابعة المعدل.. تدشين خدمة الامتثال بالتأمين الصحي للمنشآت
- فعل متهور وخطر وغرامة..”المرور” تحذر من الانشغال عن القيادة بأى أجهزة محمولة
- بحضور ماكرون.. الرياض تحتضن القمة السنوية “7” لرؤساء مجموعة العمل الدولية لصناديق الثروة السيادية
- وزارة الصحة تحصل على شهادة المواءمة الذهبية
- “التأمين” تُطلق عدداً من الحلول الرقمية لتعزيز خدمات تأمين المركبات
- الصيدلي الطميحي يحقق إنجازًا أكاديميًا بمرتبة الشرف في الصحة العامة
بقلم_ خالد حسن الرويس
أواب الأمة
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3498138/
التعليقات 1
1 pings
غير معروف
10/04/2022 في 1:03 ص[3] رابط التعليق
الأستاذ خالد وفقه الله صاحب قلم رشيق ومقالاته تحمل الجديد والمفيد من المعلومات التأريخية المؤصلة بالإضافة لماتتضمنه من ربط انيق بالواقع الذي نعيشه في زماننا المعاصر
(0)
(0)